الفساد أكثر ذكاءً من المحاربين له، فهو يستخدم الوسائل الأقوى للتحايل على النظام. ومهما كشفنا من الفاسدين، فإن ثمة فاسدين أكثر منهم، لا نستطيع الوصول لهم، إلا إذا شاء الله فضحهم.
ومعروف أن الفساد يحتاج إلى بيئة، لكي ينمو ويزدهر. وليس هناك أفضل من الروتين أو البيروقراطية ليعيش داخلها و يعشعش في كل جوانبها. لذلك، فنحن نوجه أكثر سهامنا لذلك النمط الإداري، الذي خرَّب حياتنا الإدارية، محاولين إقناع المسؤولين بالتخلي عنه واستبداله بالأنماط الإدارية المتطورة التي تخدم الواقع الإداري خدمة فاعلة، وتنهي إجراءاته بيسر وسهولة وبوقت قياسي، مما ينعكس إيجاباً على الإدارة وعلى المراجعين، ومما يقلل أيضاً من التكلفة النهائية للخدمات اليومية.
لا أظن أن مسؤولينا سيصعب عليهم فهم هذا الكلام، خاصة إذا قرأوا خبر الطبيب الأجنبي المستقيل الذي ظل يستلم راتبه لمدة ست سنوات، لأن الحبايب في الشؤون المالية لم يستلموا كامل الأوراق المتعلقة بالاستقالة. أي أن ورقة ما، وربَّما تكون تافهة جداً ولا تستحق الذكر، هي التي خسَّرتْ خزينة وزارة الصحة، مبلغ مليون ومئة ألف ريال. ولو أنَّ ديوان المراقبة العامة لم ينتبه للموضوع، لظلَّ الطبيب يتسلم راتبه، ولتضاعف المبلغ الذي تنفقه الوزارة على طبيب لا يعمل فيها.
وإذا قلنا لهم : طوِّروا الخدمات أو شغِّلوا الفنيين، قالوا : البند لا يسمح!