الفشل والنجاح كلمتان متضادتان ومستعملتان على نطاق واسع في الحياة العامة. فالنجاح غاية كل إنسان سوي ومراده. أما الفشل فهي الكلمة غير المرغوبة من قبل ذلك الإنسان ولها وقع مؤلم ومؤثر على نفسه. وقد ورد في كتاب لسان العرب لابن منظور: «أن النجاح هو الظفر بالشيء والفشل هو التراخي والكسل والجبن والضعف». ويمكن أن يعبر عن هذا المعنى بعبارات مختلفة كأن نقول إن النجاح هو القدرة على تحقيق الأهداف أو القدرة إلى الوصول إلى المراد والفشل عكس ذلك. وتجدر الإشارة إلى أن النجاح ليس مقصورا فقط على بني البشر بل يشاركهم في ذلك كثير من مخلوقات الله كالحيوانات والطيور والحشرات وغير ذلك.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: ما هي معايير النجاح؟ إن الإجابة على هذا السؤال ليست عملية سهلة كما تشير البحوث والدراسات في هذا المجال. والسبب يعود إلى اختلاف أهداف الناس وطموحاتهم. إضافة إلى ذلك اتساع دائرة النجاح وتعدد مستوياته بين شخص وآخر. وبالتالي فإن النجاح مسألة نسبية بين الناس، فقد ترى أنك حققت النجاح عند وصولك إلى هدف معين بينما يراه الآخرون ليس كذلك. ومع هذا فقد أشارت تلك الدراسات أن من مؤشرات النجاح أن تحصل على مؤهل جامعي أو تستطيع تكوين أسرة وتربي أولادك وتعلمهم حتى يشقوا طريقهم أو تكون ثروة مالية كبيرة أو تقوم بأعمال تطوعية مفيدة للمجتمع. كما أشارت دراسات أخرى إلى أن النجاح هو القدرة على التفوق على الأقران في مجال العمل أو القدرة على تحقيق الذات.
إن من أهم مقومات النجاح أن تضع لك أهدافا معينة تسعى إلى تحقيقها. ويجب أن تكون هذه الأهداف قابلة للتحقيق ومتماشية مع قدراتك ومهاراتك. فلكل مهنة شروط يجب توفرها في الشخص حيث لا يمكن أن تكون طيارا وبصرك ضعيف ولا يمكن أن تكون طبيبا وقدراتك الرياضية والعلمية ضعيفة أيضا وهكذا. فالإنسان ميسر لما خلق له كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم. وينبغي ألا يغيب عن ناظريك أن النجاح يمكن أن يحقق في جميع المجالات وليس في مجال واحد. كما أنه ليس مقتصرا على تحقيق الأهداف السامية وإن كان ذلك مطلبا. فقد يرى الفراش أنه حقق النجاح إذا أصبح رئيسا للفراشين بينما الوزير يرى نفسه ناجحا إذا أصبح رئيسا للوزراء. ولهذا فإن من أهم الأشياء التي ينظر إليها في هذا المجال أن تبحث عن النجاح في الوقت المناسب وفي المكان المناسب أيضا.
إن الفشل بمرارته يعتبر من مقدمات النجاح لأننا ببساطة لولا الفشل لما عرفنا النجاح. ولذا فإن تكرار المحاولات في هذا المجال مطلوبة حتى يتضح الأمر فربما تفشل المحاولتان الأولى والثانية وتنجح الثالثة. وهنا ينبغي دراسة أسباب الفشل والعمل بجد واجتهاد على تلافيها. ولنا في أدق مخلوقات الله عبرة وموعظة حيث يعمل النمل على البحث عن قوته في أماكن صعبة ويسير مسافات طويلة ووعرة وتعتريه المعوقات الكثيرة ولكنه يتجاوزها بكل عزيمة وإصرار. ومع ذلك فينبغي ألا يقف الإنسان طويلا عند الفشل فعند تكرار المحاولات واتضاح الرؤيا بعدم القدرة على النجاح فينبغي البحث عن النجاح في مجالات أخرى.
وفي القرآن الكريم لم ترد مفردة النجاح حسب علمي في القرآن ولكن وردت كلمة مرادفة لها وهي «الفوز» باشتقاقات متعددة حيث قال تعالى: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} آل عمران185. أما الفشل فقد ورد في القرآن الكريم هذا المعنى عندما قال تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} الأنفال46. ولا شك أن الفشل والنجاح ملازمان للإنسان في هذه الحياة الدنيا ولا يمكن لكائن من كان أن يكون النجاح دائما حليفه ولكن النجاح الحقيقي هو الخروج من هذه الدنيا بسلام والفوز بالجنة يوم القيام. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
* عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة