الجزيرة - واس :
أدان سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الأحداث المتتابعة التي يدبرها أعداء الإسلام للنيل من المسلمين، لاستعداء غير المسلمين على المسلمين بأي صورة أحدثوها، وبأي وسيلة ابتدعوها.
وأكد سماحته خلال احتفال دارة الملك عبدالعزيز بافتتاح معرض تراث المملكة العربية السعودية المخطوط أن هدف ذلك وغايته هو إضعاف شأن الأمة المسلمة وإحداث الفوضى بين صفوفها وتدمير كيانها وتسلق الأعداء عليها.
وقال إن ما حدث في جمهورية مصر العربية من هذه الأحداث الخطيرة التي شجبها العالم كله - والمملكة العربية السعودية أول شاجب لهذا الحدث ومستنكر له - لا يخدم الإسلام وليس له صلة وإنما يستعدي على الإسلام.
وفيما يلي نص كلمة سماحة المفتي العام للمملكة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على محمد بن عبدالله أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وعلى صحابته أجمعين وعلى التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض رئيس دارة الملك عبدالعزيز، أيها الإخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
إن مما تفتخر به الأمة هذا التراث العظيم الذي خلفه لنا علماء أجلاء فضلاء في جوانب العلوم الشرعية بالأخص تفسير وفقه وحديث ولغة وغير ذلك تمثل في عدد من المخطوطات النفيسة التي كتبها علماء هذه الأمة في هذا البلد المبارك، ثم لنعلم أن العصور السابقة ما عصر من العصور إلا وللعلماء نشاط في التأليف والكتابة في خدمة الكتاب والسنة وعلومهما.
وفي عهد الإمامين الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهما الله صار للعلم في هذا البلد حركة ونشاط عظيمين بكل ما فيه من المؤلفات الكثيرة لاسيما ما يتعلق بالعقيدة ومحاربتها للخرافات وكذلك الأحكام والفقه.
إن هناك مؤلفات كثيرة نافعة ومفيدة وهذه المؤلفات بقي كثير منها عند ورثة أصحابها حبيسة الأدراج لا ينتفع بها إلا قليل من الناس وكانت هناك حاجة ماسة إلى البحث في هذه المخطوطات وإبرازها والمحافظة عليها لتكون زادا للأجيال المتلاحقة ليستفيدوا منها ومن علومها.
هذه المخطوطات تعرضت لأمور بعضها ربما سلط عليها من انتهب ونقلت عن هذه البلاد وبعضها تعرض لعوامل من سوء التنظيم وسوء الحفظ إلى أن أكلتها شيء من الأرضة أو الرطوبة أو انمحت بعض حروفها فكان للحاجة لجمع هذه المخطوطات في موضع واحد والعناية بها أمر عظيم والدارة قد خطت خطوات عظيمة تشكر على ذلك لأنها اهتمت بهذه المخطوطات واهتمت بأماكنها وجمعتها واهتمت بها واعتنت بحفظها وصيانتها وترميمها وإصلاح الخلل فيها وهذا أمر تحمد عليه الدارة لأن هذه ثروة علمية تنبئنا بأن النشاط العلمي والنشاط الفكري لهذه الجزيرة منذ قيام هذه الدعوة المباركة التي نفع الله بها وأصلح بها الجميع وجمع بها الكلمة.
إن العناية بهذه المخطوطات أمر مهم وإن من الخطأ أن يتصور البعض أن هذه المخطوطات التي لآبائه وأسلافه تبقى عنده حبيسة لا ينتفع بها أحد ولا يستفيد منها أحد وهذا في الحقيقة جناية عليها وإهدار لمكانتها ووجودها في هذه الدارة، هذه التقنية الحديثة والنظام الجيد يكفل لها الاستمرار وانتفاع الأجيال المتعاقبة ليستفيدوا منها ما دامت الحاجة إلى ذلك.
إن اجتماع هذه المخطوطات في مكان واحد هو خير عظيم ولقد أصدرت اللجنة الدائمة للإفتاء فتوى بجواز نقل المكتبات الخاصة في بعض المساجد أو الأماكن والتي لا ينتفع بها وإن نقلها إلى هذه الدارة أمر مهم للمحافظة عليها والعناية بها والاهتمام بها، هذا أمر لا يشك فيه أحد فإني لأرجو من أي مواطن في هذا البلد عنده مخطوطات قديمة أن يهتم بتسليمها للدارة لكي تحافظ عليها وتصلح ما فيها من خلل وتعطيه صورة منها ليبقى الأصل محفوظا معتنى به عند الاحتياج إليه وإني لأشكر الله على هذه النعمة العظيمة، والدارة إذ تقوم اليوم بهذا المعرض الأول لتعرض فيه (3000) مخطوطة لهو شرف عظيم وخطوة مباركة ونرجو المزيد من جلب الكتب لهذا البلد الذي قد انتقلت إلى هنا وهناك وأن تحرص الدارة على جمعها في أي مكان لتوحد وجودها في هذا المكان المبارك، والشكر بعد ذلك لله جل وعلا ثم لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي اعتنى بهذه الدارة فمنذ تسلمه لمجلس إدارتها وهي تخطو خطوات سريعة لأنه معتني بها ومحافظ عليها فجزاه الله عما قدم خيرا ونشكر أيضا لأمين هذه الدارة ووكيله والإخوان المساعدين معه نشكر لهم جهودهم ونشاطهم.
أيها الإخوة: نحن في هذه الأيام نعيش أحداثا جسيمة وأخطارا عظيمة ونعيش أيضا تقلبات سريعة، نعيش في هذه الأيام هموما عظيمة هم المسلمين وشأن المسلمين، هذه الأحداث المتتابعة التي يدبرها أعداء الإسلام للنيل من المسلمين ولاستعداء غير المسلمين على المسلمين بأي صورة أحدثوها وبأي وسيلة فعلوها لكن الغاية منها هو إضعاف شأن الأمة المسلمة وإحداث الفوضى بين صفوفها وتدمير كيانها وتسلق الأعداء عليها، ما حدث في جمهورية مصر العربية من هذه الأحداث الخطيرة التي شجبها العالم كله والمملكة العربية السعودية أول شاجب لهذا الحدث ومستنكر له لأنه لا يخدم الإسلام وليس له صلة به وإنما يستعدي على الإسلام ويبرز أن غير المسلمين مهضومين وأن المسلمين ذوو ظلم وعدوان إلى غير ذلك، فهي في الحقيقة أحداث جسيمة تؤلم قلب المسلم، نرجو من الله أن يوفق المسلمين لفهم دينهم وفهم واقعهم وأن لا ينساقوا وراء أي دعاية مغرضة وأي أغراض سيئة ليكونوا ثابتين على دينهم مهتمين بأمور دينهم مدركين أن عدوهم لا يريد خيرا لهم.
أسأل الله أن يحفظ بلاد المسلمين عامة من كل سوء وأن يحفظ لنا هذا البلد المبارك ويحفظ قيادته ويحفظ عليه دينه وأمنه وقيادته ورخاءه وأن يسبغ علينا جميعا نعمه العظيمة وأن يجعلنا من الشاكرين لله القائمين بما أوجب علينا وأن يعيذنا من زوال نعمته ومن تحول عافيته ومن فجاءة نقمته وأن يوفق قائد هذه الأمة عبدالله بن عبدالعزيز ويمن عليه بالصحة والسلامة والعافية وأن يوفق ولي عهده والنائب الثاني وأن يجزي أمير منطقة الرياض على جهوده المتواصلة في كل الميادين فما ميدان تسلم رئاسته إلا ويظهر الجد والنشاط في إدارته زاده الله توفيقا وبارك في عمره وعمله ورزقه الصحة والسلامة والعافية.