من خلال مشاركتنا المتواضعة في الحوار الوطني الثالث حول الخطاب الثقافي: إننا لسنا ضد القبيلة (كأسرة كبيرة) ولكننا ضد ما تفرزه من (قبلية ضيقة) تؤدي إلى (تعنصر) بغيض وكذلك لسنا ضد المنطقة (كأسر صغيرة) تقطن مكاناً واحداً ولكننا ضد ما تفرزه من (مناطقية) تؤدي إلى إقليمية بغيضة.. وقلنا إن الحل الناجح الناجع للقضاء على (القبلية والمناطقية) معاً هو رفع راية (الوطنية) التي تذوب تحتها كل هذه (الولاءات الصغيرة) ويبقى الولاء الكبير للوطن الكبير، ولكي نعمق الوطنية في ذات النشء فإن علينا أولاً أن نزيل (الاسم الأخير) للطالب والاكتفاء باسمه الثلاثي خلال المراحل المدرسية ليبقى التفاضل في التحصيل الدراسي لا التفاخر بالأصل (القبلي أو الجهوي أو المناطقي أو الطائفي أو الفئوي).
ثانياً: من الضرورة القصوى (الملحّة) الآن أن تسن الدولة قانوناً صارماً (يجرّم) الفئوية بكل أشكالها المقيتة.
ثالثاً: جعل (التربية الوطنية) مادة أساسية وهامة في المنهج الدراسي.
رابعاً: تضافر كل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية على التركيز على (الوحدة الوطنية) ونبذ كل ما غيرها من التصنيفات التي تؤدي إلى التكتلات الصغيرة التي تعرقل المشروع الوطني.
خامساً: معاقبة من يفاخر بقومه في المحطات الفضائية الخاصة على حساب الآخرين أو الاستعلاء على سائر الأقوام، وبالطبع مثلما ينطبق على القبلية والمناطقية فإنه من الضرورة القصوى نبذ أي طرح أيدلوجي يقفز على الوطنية أو يتخطاها نحو (الأممية) بحجة الإصلاح الأشمل (!!) لأن الوطن له الأولية في كل طرح ومن ثم لا بأس من إطلاق الفكر كيفما شاء المفكر أو الأيدلوجي شريطة أن يمنح (الوحدة الوطنية) الجزء الأكبر والأهم في طرحه، مع أننا نعرف جيداً تهاوي الأيدلوجيات الشمولية منذ النصف الأول من القرن الماضي ونعني بذلك تحديداً (الشيوعية، القومية، الإسلاموية (أي الإسلام السياسي) الذي يجنح للعنف المسلح لتحقيق أحلامه السياسية بالقوة، وتحت رداء الدين (!).
يبقى القول أخيراً إن الأيدلوجيات تتبدل وتتحول وتتلاشى على مر التاريخ ولا يبقى على أرض الواقع إلا الوطن فكيف إذا كان هذا الوطن له قدسية خاصة مهما توالت الأزمنة والأيام ولم تتغير هذه (القدسية) على مر الدهور؟!