يعاني العالم الإسلامي من تمزق وفرقة ومن مشكلات اقتصادية واجتماعية وسياسية، ومن أهم أسباب ذلك: انشغال كل دولة بنفسها وضعف التواصل الفعال إضافة إلى الضغط الخارجي الذي لا يرغب بأي نمط من التلاحم بين دول العالم الإسلامي، والصورة الراهنة تستدعي تنشيط حركة التواصل مع العالم الإسلامي وفق التطورات المعاصرة بالتركيز على التعاون الاقتصادي والثقافي بالدرجة الأولى، هذه المقدمة خرجت بها بعد حضوري مؤتمر (المؤتمر العالمي الأول عن جهود المملكة العربية السعودية في خدمة القضايا الإسلامية)، الذي عقد في رحاب الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة خلال الفترة من 13 محرم 1432هـ إلى 15 من الشهر نفسه، وهو مؤتمر حافل تميز بالتنظيم الدقيق وبالحضور الواسع والمشاركة العلمية الجيدة، ومن متابعة الأوراق والمحاضرات التي ألقيت خرجنا برؤية واضحة عن الدور الكبير الذي قامت به المملكة منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن في دعم الإسلام والمسلمين في كل أنحاء العالم دون التدخل في الشؤون الداخلية لكل دولة، إضافة إلى الاهتمام بالتعريف بالقضية الفلسطينية وإبراز مكانة القدس وأهمية الوقوف مع الشعب الفلسطيني ضد الجور والظلم الصهيوني وهو ما أثمر في فترة الملك فيصل بن عبدالعزيز عن قطع علاقات دول إفريقية كثيرة مع إسرائيل.
ومن متابعة أحداث المؤتمر لوحظ امتنان شعوب إسلامية كثيرة للدور الرائد للمملكة في دعم القضايا الإسلامية ودعم التعليم والثقافة.
لقد زخر المؤتمر الذي استمر مدة ثلاثة أيام بمادة علمية ثرية وبمعلومات نافعة، وكانت المداخلات التي تتم عقب كل جلسة من أهم مميزاته لصراحتها ووضوحها وما احتوت عليه من إضافات جيدة.
إن هذا المؤتمر حلقة في سلسلة من الأعمال العلمية المميزة التي نظمتها الجامعة الإسلامية واستقطبت لها باحثين من الجنسين، ودعت إليها علماء ومتخصصين معروفين من داخل المملكة وخارجها، وهذا المؤتمر وما سبقه يمثل في مجمله ما وصلت إليه الجامعة الإسلامية من انفتاح على المجتمع المحلي مع الاحتفاظ بدورها الأساسي كجامعة تخدم الإسلام والمسلمين في كل مكان.
ولاشك أن هذا التميز يأتي من القيادة الواعية السليمة لمدير هذه الجامعة معالي الأستاذ الدكتور محمد العقلا الذي يشهد له الجميع بالنشاط والتواضع الجم والحرص على تطوير الجامعة والوصول بها إلى غايات أوسع وأرحب، والشكر للعاملين أيضاً في الجامعة الذين يسندون خطوات مديرها وعلى رأسهم سعادة الدكتور محمد عفيفي، والأستاذ هاني الطويرقي، والأستاذ عبدالله السميري، وجميع الإخوة في العلاقات العامة الذين ما فتئوا يبذلون جهودهم لراحة المشاركين سواء في هذا المؤتمر أو في مؤتمرات سابقة.