أولاً : لم يكتب تاريخ الأمير سلمان بعد!
من منطلق اهتمام سمو الأمير سلمان بالمسائل التاريخية، خاصة تلك المتعلقة بتاريخ المملكة أو تاريخ علاقاتها مع الدول، فإنه دائماً يتابع كل ما يكتب وما يقال حول هذه القضايا، ويقوم بإبداء رأيه المبني على معرفة معمقة بالموضوع الذي يكون لسموه رأي فيه، إما بالنشر في مختلف وسائل الإعلام المختلفة، وفي أحيان كثيرة يتصل بالمؤرخين والمؤلفين مباشرة الذين تصدر كتبهم يوضح وجهة نظره أو ينبه إلى ما قد يكون فات على المؤلف، أو يقوم بتصحيح معلومة يرى أنها مهمة في تصحيح الكتابة التاريخية؛ ولدى سمو الأمير حنكة وقدرة على الإقناع بوجهة نظره وسماع وجهة نظر من يحاوره.
ما كُتب عن سمو الأمير سلمان في نظري لا يزال قليلاً، بل يمكن القول إن تاريخ الأمير سلمان لم يُكتب بعد؛ وهو تاريخ حافل بمنجزات عظام لقامة سامقة أسهمت بشكل فاعل ومؤثر في تاريخ هذا الوطن على جميع الأصعدة، وشخصية بارزة ومتميزة عاصر على مدى عقود طويلة تاريخ تطور هذه البلاد منذ أيام والده المؤسس الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه -ثم معاصرته لخليفته الأول الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد - رحمهم الله جميعاً - ثم معاصرته الآن لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله - أمد الله في عمره - وكان الأمير سلمان بحكم أنه أمير للعاصمة، وقريب من كل إخوانه الملوك، ومشارك بشكل مباشر في صناعة القرار وما مرت به البلاد خلال هذه الفترات من أحداث على مستوى الداخل أو في علاقاتها الدولية فالأمير سلمان كان أكثر أمراء آل سعود حضوراً وله علاقات وطيدة مع كل مكونات الشعب السعودي؛ كما أن له علاقات قوية مع صناع السياسة في الوطن العربي، وكذلك على المستوى الدولي.
إن قامة سامقة بهذا الشموخ جديرة بأن يكتب تاريخها بما يتناسب مع أهميتها. فلا ما كتبه الدكتور زين العابدين الركابي، ولا محاولات غيره بكافية عن تاريخ شخصية عظيمة بقامة الأمير سلمان بن عبد العزيز.
وما دام الحديث عن تاريخ الأمير سلمان فتوصيتي أن تعقد ندوة أو مؤتمر يشارك فيه المؤرخون، والسياسيون، والاقتصاديون، وعلماء الإعلام، وعلماء الاجتماع وغيرهم ليقولوا ما ينبغي أن يقال في تاريخ الأمير سلمان.
ثانياً : سلمان ركن من رموز الوحدة الوطنية
ورائد العمل الخيري
بما أن سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير لعاصمة البلاد لمدة تزيد على نصف قرن، والعاصمة تضم أكثر من ربع سكان المملكة يشكلون في مجموعهم معظم سكان مناطق المملكة، أي أن مدينة الرياض العاصمة إلى جانب أهميتها بصفتها عاصمة للبلاد فإنها تمثل رمز الوحدة الوطنية، كونها تعد مصهراً اختلط فيه كل سكان المملكة من كل المناطق، ومن كل الفئات المجتمعية.
والفضل في هذا التشكيل الرائع لسكان العاصمة يعود لأميرها الأمير سلمان الذي يعد مهندس بناء الرياض الحديثة الذي جعل منها مدينة جذب. ففي السنوات الأولى لتوليه إمارة الرياض لم يكن عدد سكانها يتجاوز 150 ألف نسمة، ثم ها هي الآن تجاوز عدد سكانها أربعة ملايين ونصف المليون. وهي بهذا تعد من أسرع العواصم العربية والعالمية نمواً.
هذا النمو السريع في عدد سكان العاصمة ومواجهة متطلباتهم لا يقتصر على ما تقوم به الدولة فقط؛ وإنما أصبح العمل الخيري أحد روافد تقديم الخدمة لقطاعات وفئات مجتمعية. وما كان لهذا العمل الخيري أن يصبح علامة متميزة في القيام بدوره لولا وقوف رائد العمل الخيري سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز الذي في عهده وتحت رعايته وإشرافه أصبح العمل الخيري يسهم إسهاماً ملموساً في حياة كثيرين من سكان الرياض مثل مؤسسات الأيتام والمعوقين، وكبار السن والمتقاعدين، والمعسرين والفقراء. فمن أجل هؤلاء وغيرهم تأسست المؤسسات الخيرية وأقيمت المساكن للفقراء، ودور الرعاية للمعوزين والمسنين، وأقيمت مراكز ترفيهية، ومراكز اجتماعية، ومراكز صحية، وغيرها كثير من الأعمال والمؤسسات لخدمة المحتاجين بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل وجهود سمو الأمير سلمان، وحب عمل الخير لدى هذا الأمير الرائد الذي ورثه في نفوس أبنائه.
ثالثاً : الأمير سلمان وجامعة الملك سعود
نعم تحظى جامعة الملك سعود في الرياض بالاهتمام البالغ من قبل الأمير سلمان؛ كيف لا وهي الجامعة الأم والأولى في بلادنا؛ وقد كان الأمير سلمان شاهداً على ولادتها، وكان ولا يزال راعيها وحاضنها. وعندما قررت الجامعة أن يكون لها المجمع الأكاديمي الخاص بها الذي يحتضن كل كلياتها ومراكزها البحثية التي كانت مبعثرة في أكثر من مكان كان سمو الأمير سلمان من المسارعين إلى التبرع بالنصيب الأكبر من الأرض التي أقيمت عليها منشآت الجامعة في موقعها الحالي. ولعل تبرعه بهذه المساحة الكبرى من الأرض في هذا الموقع بالذات كان لقربه من مدينة الدرعية القديمة العاصمة الأولى للدولة السعودية الأولى.
هذه النظرة المستقبلية فيها إعادة لإحياء العاصمة الأولى، ولهذا تم تحويلها في عهد سموه إلى أحد معالم التراث والتاريخ العالمي الذي أقرته اليونسكو مؤخراً.
ولقد أحسنت جامعة الملك سعود صنعاً أن أطلقت على مكتبتها المركزية -وهي أكبر مكتبة جامعية في الجزيرة العربية - اسم الأمير سلمان بن عبد العزيز المحب الأول للثقافة والتاريخ والفكر عليها.
وللتاريخ أقول إنني لم أر الأمير سلمان غاضباً مثلما رأيته حينما صنفت جامعة الملك سعود قبل عدة سنوات تصنيفاً لا يليق بمستوى جامعة الملك سعود ومكانتها، وتعرضت لبعض النقد في مجلس الشورى، وكنت أحد الناقدين من باب محبتي لجامعة أعتز بها، وأعتز بانتمائي إليها، وكنت ممن عاتبني الأمير على موقفي الناقد لتردي مستوى الجامعة. ولكن كان لغضب الأمير الأثر الإيجابي؛ فقد ساعد الجامعة على تخطي الصعاب التي كانت تواجهها، مما أدى إلى رفع مستوى الجامعة خلال سنوات قليلة إلى التصنيف الذي يليق بها في مصاف الجامعات المتقدمة.
رابعاً : سلمان يعيد لدارة الملك عبد العزيز
قيمتها وحيويتها
احتفلنا بنشأة دارة الملك عبد العزيز التي أمر بإنشائها جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز - طيب الله ثراه - وأنا حينذاك كنت طالباً في السنة النهائية بقسم التاريخ بجامعة الملك سعود. وبعد تخرجي مباشرة وتعييني معيداً بالجامعة كنت من أوائل المرشحين للانتداب إلى تركيا بأمر من وزير المعارف المرحوم الشيخ حسن آل الشيخ بصفته رئيس مجلس إدارة الدارة للبحث والتعرف على أماكن الوثائق المتعلقة ببلادنا في الأرشيف العثماني؛ وكان لذلك التكليف أثره المهم في توجهي الأكاديمي للدراسات العثمانية وعلاقاتها بالجزيرة العربية.
بيد أن الدارة مرت بمراحل مختلفة معظمها تميل إلى الركود وعدم إنجاز ما كان مأمولاً منها إلى أن قيض الله لها سمو الأمير سلمان رئيساً لمجلس إدارتها، فدبت في جسمها الحياة بفضل اهتمام الأمير سلمان ورعايته المباشرة لها. أما أرشفة مصادر تاريخنا الوطني فما زالت بعيدة جداً عن ذلك. إن الأرشفة، وحفظ مصادر التاريخ الوطني، في نظري، بصفتي متخصصاً وأكاديمياً ليست من مهام الدارة؛ وإنما هو من اهتمام الأرشيف الوطني الذي صدر به نظام ولم نر له فعلاً.
ولكن الدارة بصفتها مركز أبحاث فقد قامت بكثير من الأعمال الجيدة، خاصة ما قامت به من طبع كتب تتعلق بتاريخ المملكة ونشرها. وما زلنا نحن المؤرخين والمهتمين والباحثين نتطلع إلى مزيد من عطائها البحثي.
خامساً : سلمان صديق المثقفين وأصحاب الرأي
يحظى كل أصحاب المواهب الإبداعية من المثقفين والكتاب والصحفيين والشعراء بالاهتمام الفائق من قبل سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز، فهو يرعى شؤونهم ويدافع عن قضاياهم. أما المؤرخون - وأنا أحدهم - فيحظون باهتمام أكثر من فائق، لأن سمو الأمير بتكوينه السياسي والثقافي والحضاري محب للتاريخ وهذا أمر غير مستغرب؛ فهو سليل أسرة صنعت التاريخ؛ وهو نتيجة لذلك يسهم - وبقوة - في صناعة التاريخ المعاصر لدولته ولوطنه ولأمته.
ويستدل على ذلك من كون سموه رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز، المركز الأول في المملكة عناية بتاريخ المملكة، وهو الرئيس الفخري لجمعية المؤرخين السعوديين، وهو الذي أشرف على التعريف بتاريخ وتراث وحضارة المملكة أثناء إقامة معارض المملكة بين الأمس واليوم، وهو الراعي الأمين لكل نشاط فكري وثقافي وحضاري تشهده مدينة الرياض.
سمو الأمير سلمان لا يدخر جهدا ليجعل مدينة الرياض قبلة مقصودة للثقافة والحضارة والتاريخ، وهي بكل حق جديرة بذلك.
سادساً : مجلس الأمير سلمان مجلس كل السعوديين
مجلس الأمير بقصره العامر تلتقي فيه كل أطياف المجتمع في كل أسبوع، وهو من أهم المجالس التي يلتقي فيها كثير من أبناء المملكة من كل مناطقها، حتى إن بعض الناس يوقتون ليوم الاثنين وهو يوم مجلس سمو الأمير للمجيء من مناطقهم حتى تلك البعيدة. ولا أعتقد أن هناك مجلسا يضاهي مجلس الأمير سلمان في جمع كل شرائح المجتمع. والأمير سلمان له لقاء في قصر الحكم في كل يوم مرتين يستقبل كل أصحاب الحاجات، وكذلك كثيرون ممن يأتون للرياض للسلام على سموه حيث يستعرض معهم كل شأن من شؤون البلاد، خاصة ما يتعلق بمنطقة كل منهم.