الصداقة علاقة قائمة على أساس المودة والتعاون والثقة المتبادلة والتناصح والتكافل والتكامل والتشاور. وتزداد هذه العلاقة قيمة وسموا عندما يصبح أطرافها لبعض في الرخاء زينة وفي البلاء عدة. ولا يخلو أحد من عيب. فمن يبحث عن صديق بلا عيب، يبقى بلا صديق. ولأن العيوب تختلف في نوعها وحجمها من شخص إلى شخص، فإن ذلك يحتم مصادقة المرء لنفس المرء ومخبره وليس لمظهره، فتنحصر الاختلافات ضمن نطاقها الصحي ويسهل تقبلها واحتواؤها.

أما أن يسود العلاقة الحذر كما في المثل القائل: (احذر عدوك مرة وصديقك ألف مرة. فإن انقلب الصديق، فهو أعلم بالمضرة)، فإن الصداقة لا تستقيم، لأنها والحذر لا يجتمعان. وعندما ينقلب من كان يُعتقد أنه صديق حتى وإن لم يُصِب البدن، فإن طعنته تصبح قاتلة لكل المعاني والقيم الجميلة في الحياة بعد تلك التي في النفس. فتنعدم على أثرها الثقة ويسود الشك ويتلاشى الولاء والانتماء وتذوب الطموحات ويحل التسلط والاستبداد محل التسامح والتراحم. وما من أحد تسبب في ذلك سوى المطعون، لأنه أساء فهم تلك العلاقة فأساء تقديرها فساء مآلها.