المملكة -ولله الحمد- شبه قارة وفيها تتمحور جميع المناطق من مختلف الثقافات من الشباب والرجال من المواطنين والمقيمين، ويختلفون بأساليبهم وثقافاتهم ومدى فهمهم لأي نظام يصدُر، ومدى استيعابه، إلا أن ساهر فكرة ناجحة ورائدة في الحد من السرعة والقضاء على التجاوزات من قبل السائقين والحد من ظاهرة الحوادث التي لا يمكن أن تطاق، إلا أن ما يُعيب هذا النظام هوالاستعجال في تواجده والبدء في تشغيله دون سابق إنذار، والمقصود هنا أنه فعلاً تم نشر الإعلانات في الصحف ولكنها لم تكن بتلك الكثافة التوعوية التي يُمكن ترفع من الثقافة المرورية للمواطنين والمقيمين، يجب عمل ندوات، ومحاضرات في مختلف كليات الجامعات في المملكة والمعاهد والتعليم العام عن آلية النظام، لا يمكن لأحد أن يتصوّر أن يتفاجأ بأن ساهر موجود في الشارع الفلاني بدون لوحات إرشادية ومُخبأة كَ- كمين ! وحتى لوكانت هناك لوحات إرشادية لكنها لم تكن بالمستوى المطلوب ومدعومة ب- « بلوك « وهكذا بالنسبة لبقية الشوارع، وحسب ما أعرفه أن في أغلب دول العالم المتقدمة موجودة هذه الأنظمة ومثبّتة والكل يُشاهدها فهي ظاهرة لجميع السائقين، ولوحات إرشادية مثبّتة ومرئية قبل أن تصل نقطة الكاميرا وموجود لوحات تؤكد بأن الطريق مراقب بالكاميرا.
وهنا أشيد بما ذكره صاحب السموالملكي الأمير مقرن أنه لابد من توضيح مواقع الكاميرات حتى تكون معلومة لدى السائقين، وكما أشكر أمير تبوك صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان على توجيهه بعدم تطبيق ساهر إلا بعد استكمال اللوحات الإرشادية ومنوهًا بذلك في جريدة المدينة.
فلماذا لم تقم إدارة المرور بتوزيع خرائط صغيرة بحجم كف اليد باللغتين العربية والإنجليزية ولغات أخرى تُبين مثلاً شوارع الرياض ومدن المملكة وطرقها ومدى السرعة المسموحة فيها على جميع السائقين وطلاب الجامعات والمقيمين، ما ذنب المُقيم أن يتحمّل مبالغ تفوق راتبه بأضعاف أضعاف، والطالب الجامعي كذلك دون إرشادات وتبيين ذلك في تلك الخارطة، حتى يحملها في جيبه وتكون معه في السيارة ومعلومة لديه للأبد أن السرعة القصوى لهذا الشارع كذا.. وكيف بإمكان هذا المقيم من هندي وبنغالي وباكستاني أن يتعرف على (ساهر) دون أن يكون ضحيته.
في اعتقادي أن هذه فكرة طيبة وعلى الجهات الرسمية أن تتبناها، الكل يشتكي من رُسوم المخالفات - حيثُ أثقلت كاهله سواء كان مواطنًا أومُقيمًا، بل أصبح يستلف من والديه أوقريبه أوكفيله إذا كان مقيما، حتى يدفع رسوم تلك المخالفات، وتمشي بقية إجراء معاملاته الأخرى للجهات الرسمية.
لابد من الرحمة والشفقة، فإن يكون نظام ساهر مرنا في بداياته، وحازمًا بعد مرحلة، حيث لا يُمكن وضع قيمة المخالفات المرتفعة جدًا والتي لابد أن تبدأ في المراحل الأولى بنصف هذه القيمة لرسوم المخالفات، وبعد مرور سنة أخرى ترتفع هذه القيمة وتمسي كما هي عليه الآن - حيث إن الإسلام بدأ تشريعاته بالتدريج - وهذا وعي غير مباشر إلى روّاد الطرق، وبالتالي بإمكان الشباب أن يهضم ويتقبّل هذا الإجراء دون فرض رسوم عالية الثمن مرة واحدة، الأمر الذي يدفع للاستغراب هو أن ساهر يسعى للحصول على أكثر قدر من المخالفات، وما نُقرأه في الصحف عن قيام الشباب بالاعتداء على محطات رصد المخالفات ساهر (الكاميرات) فهذا نحن نُنكره ولا تدل على سلوك حضاري، ولكن هي ردّة فعل لدى الشباب وعند استجوابهم، يقولون بأن (ساهر) نظّف جيوبنا ولم نحصل على ثقافة وتوعية مُسبقة، وخرائط تُبين الطرق والشوارع من الحد الأقصى للسرعة، وهناك حلول يمكن أن نردع بها المخالفين بدون اللجوء الى أساليب دفع، ويُمكن مناقشة ذلك بالاجتماع مع أساتذة الجامعات، علماء النفس، الاجتماع والقضاة، ولله الحمد بلدنا بخير ولا بحاجة إلى زيادة عبء المواطن الاقتصادي، يكفيه مصاريف الكهرباء والجوال والهاتف.
ما حصل في المدينة المنورة من (ساهر) مع أمانة المدينة حيث قامت الأمانة بإزالة الكاميرات، وهذا ما يؤكد بأن ساهر استعجل في البدء بتشغيله بدون تحديد مواقع أو تنسيق مع الجهات الأخرى الرسمية، واستغلّ ممر المشاة دون إذن من الأمانات والبلديات، وفي اعتقادي هو مخالف ؛ لأنه استغل ممر المشاة الذي هو للعجزة والنساء والأطفال وملك لهم وضعته البلدية لا ل- (ساهر).
في اعتقادي جاء الآن الدور للتريث ومراجعة السلبيات والشكاوي من الناس والمقيمين والالتفات إلى الخلل ومعالجته، حتى لا يكون (ساهر) تحصيل للأموال فقط، بل توعية وثقافة وحد من إزهاق الأرواح والحوادث، ولا أعرف ما رأي الشورى (في هذا النظام وتطبيقه).
في الحقيقة جاء الآن دور إنشاء الجمعية السعودية للسلامة المرورية التي في اعتقادي أن تُشرف على نظام ساهر بأسلوب علمي وإيجاد البدائل عن العقوبات المادية.
عضو الجمعية السعودية للاقتصاد