التطلع إلى زرقة البحر، والتمتع برؤية امتداد البحر، والرحيل بعيداً بالنظر إلى مسافات بعيدة مع الامتداد الأزرق.. تُعدّ متعة نفسية، بل يعده كثير من الأطباء علاجاً نفسياً يعيد إلى الروح والنفس هدوءها. وقد حبانا الله في المملكة - ولله الحمد - امتداداً طويلاً لسواحل على بحرين كبيرين: البحر الأحمر والخليج العربي، إلا أن المواطن السعودي وكذلك المقيمون في المدن الساحلية الكبيرة محرومون من التمتع بهذه النفحة التي منحها الله لمدن السواحل. وإذا كان أبناء المدن الساحلية الصغيرة يعيشون هذه المتعة بالإبحار إبصاراً مع امتداد البحر، وحتى الصيد بقصبات الصيد، إلا أن أبناء المدن الساحلية الكبرى مثل جدة والدمام والخبر قد حرموا من هذه المتعة؛ فإضافة إلى حجب رؤية البحر من خلال إقامة المشاريع والإنشاءات الخاصة تشهد السواحل الأخرى إهمالاً يجعل من الدخول إلى البحر والاستحمام مخاطرة كبيرة، بما يجردنا من متعة وثروة منحنا الله إياها؛ فلم نستثمرها الاستثمار الجيد، وقد احتكرها القلة لتتمتع بها وحُرِم الآخرون منها، مثلما يحصل في كثير من المواقع الصحراوية «البر» القريبة من المدن، فأينما تتجه تجد الأماكن التي يرغب المواطنون في «التخييم» بها والتمتع بطعوسها ورمالها محاطة بأسوار وشباك تمنع الدخول إليها، فضلاً عن التخييم بها.
وهكذا، ورغم كثرة مساحات الصحراء ومناطق التخييم والبر الشاسعة إلا أن (التشبيك) جعلها مقصورة على فئة دون غيرها، والحال تنطبق على الواجهات البحرية التي أصبح التمتع بها حتى بالنظر «حصرياً» مخصصاً لمن أقام المنشآت و»القلاع»؛ ليمنع المواطنين حتى من التمتع بزرقة البحر مثل الذي يحرم المواطنين من الاستمتاع برمال الصحراء ومداعبة الطعوس في ليالي الشتاء التي يحلو التخييم فيها في خيمة يتوسطها مشب ملتهب.