|
الجزيرة - الرياض :
العبد اللطيف: على الصحافة بيان مزايا السياحة الداخلية
وبعد أن أنهى الأستاذ خالد المالك حديثه، أذن مدير الحوار المهندس عبد المحسن الماضي ببدء المداخلات، حيث تحدث الدكتور عبدالرحمن الراشد العبداللطيف وهو مساعد المدير التنفيذي للمملكة لدى صندوق النقد الدولي سابقاً ومتخصص في اقتصاديات دول مجلس التعاون، ويعمل الآن كبير المستشارين الاقتصاديين بوزارة المالية، وقال: أشكر الجمعية السعودية للدراسات الأثرية على دعوتها الكريمة ممثلة بالأستاذ الدكتور عبد العزيز بن سعود الغزي الذي أكرمني بالمشاركة, وأشكر الأستاذ خالد المالك على طرحه وشرحه المميز، وأعتذر من الجميع لاضطراري لقراءة مداخلتي حيث أنها تشمل على أرقاماً والأرقام ليس بينها وبين ذاكرتي وئام.
الأستاذ المالك أشار إلى دور الصحافة في تشجيع السياحة, ومداخلتي تركز على دور السياحة في الاقتصاد السعودي. حيث يعتبر الاقتصاد السعودي أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط, فقد أكدت تقارير صندوق النقد الدولي أن حجم اقتصاد المملكة هو ضعف الاقتصاد المصري ويزيد على حجم الاقتصاد الإيراني بنسبة 40%. وتتركز مواطن قوة الاقتصاد السعودي في أكثر من قطاع، فبالإضافة إلى المخزون الكبير من الموارد الطبيعية، تستطيع المملكة التنافس مع جاراتها إذا ما أُحسن إدارة تلك الموارد ومزاياها النسبية, حيث توفر عوامل نادرة وصعبة التقليد تتصدرها المكانة الدينية للمملكة لوجود الأماكن المقدسة فيها وهو ما يطلق عليه الكفاءات الجوهرية, بالإضافة إلى وجود مخزون ضخم من الموارد الطبيعية وموارد الطاقة. وإذا ما أضفنا عامل الاستقرار السياسي والموقع الجغرافي فإن منظومة التنافسية تكون أكثر تأكيداً وفاعلية.
ورغم تلك المزايا فإن الخلل المصاحب لإدارة تلك الموارد والاستفادة منها ترتب عليه خضوع الاقتصاد تحت رحمة تقلب أسعار النفط بعد أن تحول إلى عامل تهديد للتنمية الاقتصادية, فالهبوط الحاد يخلق ديناً يتزايد بسرعة وصل في سنوات العجز التي استمرت حوالي عقدين من الزمن خلال الربع الأخير من القرن الماضي إلى حوالي 100% من الناتج المحلي الإجمالي. هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن ارتفاع أسعار النفط يخلق شعوراً خادعاً بالطمأنينة يقضي على أغلب البرامج التحفيزية لخلق قاعدة اقتصادية مبنية على تنوع مصادر الدخل, مما عزز القناعة بأن تقلب أسعار النفط أصبح عقبة أمام تطوير بدائل لاقتصاد يعتمد على مصدر دخل واحد وهو البترول.
وإدراكاً من القيادة السعودية بأن الاعتماد المفرط للاقتصاد الوطني على إيرادات النفط يهدد استقرار المملكة فقد تم اعتبار هدف تنويع القاعدة الاقتصادية من الأهداف الإستراتيجية الرئيسة للتنمية. وفي ظل التقلبات المتعاقبة في أسعار النفط وضرورة العمل على تحقيق الهدف الإستراتيجي للتنمية وهو تنويع مصادر الدخل والحد من استنزاف الأموال المهاجرة سنوياً للإنفاق على السياحة في الخارج والتي قدرت بحوالي (31 مليار ريال) عام 1998، مقابل (5 مليارات ريال) أُنفقت على السياحة في الداخل، تم التأكيد في خطة التنمية الشاملة للمملكة على أن تطوير السياحة فرصة واعدة لتنويع قاعدة الاقتصاد الوطني وزيادة مصادر الدخل وتوفير فرص العمل للمواطنين.
ونظراً لأهمية قطاع السياحة وفاعليته في الاقتصاد، حيث قدرت منظمة الأمم المتحدة للسياحة أن متوسط نمو السياحة قد بلغ ما نسبته 4%، وأن السياحة تمثّل أكبر قطاع خدمي فهي تستحوذ على حوالي 40% من تجارة الخدمات العالمية و11% من قيمة الصادرات العالمية في السلع والخدمات. ووفرت أكثر من 235 مليون فرصة عمل تمثل 8.1% من حجم القوى العاملة لعام 2010 تمت الموافقة على إنشاء الهيئة العامة للسياحة والآثار عام 2001، وتوقع عدد من الدراسات الاقتصادية مساهمة قطاع السياحة بتقليص الآثار السلبية لتقلبات أسعار النفط على مسيرة التنمية, والإسهام في جذب المواطنين للسياحة الداخلية مما يحافظ على الثروة الوطنية من التسرب للخارج وينميها محلياً، وخلق مجالات عمل أكبر لاستيعاب طالبي العمل.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الهيئة العامة للسياحة والآثار، والتي اعتمدت كما أشار تقريرها السنوي حوالي 6430 موقعاً قابلاً للتطوير السياحي وزيادة عدد المتاحف إلى 64 متحفاً, وتهيئة 10 متنزهات وطنية، و15 منطقة محمية، والعمل على تصنيف وتطوير 1063 فندق بسعة تجاوزت أكثر من 100 ألف غرفة, وتأهيل 98 ألف وحدة سكنية مفروشة, وإقامة الورش والمهرجانات والتدريب المكثف للعاملين في قطاع السياحة، وتقديم ملايين المواد الإعلامية من مطويات ونشرات وأفلام لتشجيع السياحة, وما أعلن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان عن مشروع ضخم بشأن البعد الحضاري تعمل السياحة الآن على تكريسه, إلا أن النتائج والمخرجات لا تتناسب مع تلك الجهود. حيث انخفضت الرحلات السياحية الوافدة عام 2009 إلى 11 مليون رحلة مقابل 15 مليون رحلة عام 2008. وانخفض حجم الإنفاق على السياحة المحلية عام 2009 بنسبة 6.1% عما كان عليه عام 2008، وبالمقابل ارتفع حجم الإنفاق على الرحلات المغادرة عام 2009 على 25 مليار ريال مقابل 19.5 مليار ريال عام 2008، بنسبة ارتفاع بلغت حوالي 28%.
أعتقد أن الهيئة ممثّلة برئيسها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز قد عملت الكثير، ولكن يبدو أن هناك خللاً في أداء القطاعات الأخرى المساندة، وليسمح لي الأستاذ خالد المالك أن أتطرق إلى دور الإعلام في هذا المجال، لقد شرح وجهة نظره وشرح الجانب المضيء في جانب الإعلام ولكن هناك جانب آخر أحب أن ألامسه. فالإعلام عليه مسؤولية المساهمة في إظهار مزايا ومقومات السياحة الداخلية وإقناع السائح بأهميتها. إن التقصير في دور الصحافة في هذا المجال يقابله من المجال الآخر برامج دعائية مكثفة أكثر جاذبية لجذب المواطن للسياحة الخارجية تروج لها المكاتب السياحية المحلية بالتعاون مع الصحافة المحلية. إن نجاح تلك المكاتب في دفع السائح السعودي للسياحة الخارجية على حساب السياحة المحلية يثير عدداً من التساؤلات المشروعة، ومنها: هل المكاتب السياحية المحلية مخترقة من قبل وكالات سياحية أجنبية وسخرتها للترويج لمشاريعها السياحية في الخارج؟ وما هو دور الصحافة في تفريغ مساحات كبيرة وفي موسم العطلات الصيفية وتخصيص تلك المساحات لبرامج وإعلانات سياحية تتميز بالمهنية العالية؟ وهل عدوى وحمى المادة طغت على الرسالة الأخلاقية للصحافة وحالت دون التنبيه والتوعية للمخاطر الصحية والأخلاقية المترتبة على السياحة الخارجية؟
إن على الهيئة العامة للسياحة والآثار والجهات ذات العلاقة التعامل مع هذه الظاهرة الممثلة بالمكاتب السياحية التي تروج لسياحة الخارج على حساب السياحة في الداخل وبمنافسة غير عادلة والتأكد من أنها غير مخترقة من مكاتب خارجية تستخدمها كواجهة تستر للإثراء على حساب إستراتيجية وطنية سامية. وشكراً لكم.
الدكتورة دليل القحطاني والدكتورة الجاسر: سعدنا بإنجازات الجزيرة ونطالب بدعم أكبر للنشر السياحي من قبل الصحافة
وتلا ذلك المداخلة الثانية من الدكتورة دليل بنت مطلق القحطاني- مديرة قسم التربية والتعليم المتحفي في المتحف الوطني. وقالت: سعادة الأستاذ خالد سعدنا بما سمعنا بإنجازات الصحافة وبخاصة الجزيرة ونأمل بالمزيد -إن شاء الله. ولا يخفى على سعادتكم أهمية دعم الصحافة السعودية لهذا القطاع الهام وهو قطاع السياحة والآثار وأثره اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، فهل يثرينا سعادتكم بالحديث عن تحديد العلاقة بين الصحافة والسياحة وربما تطرق إليها سابقاً ولكن نأمل بالمزيد وعن المشاريع والأفكار المستقبلية في دعم قطاع السياحة والآثار، وهل تحتاج الصحافة إلى مساندة من الجهات الحكومية وغير الحكومية وأفراد المجتمع في النهوض بهذا الدعم في المملكة والتعريف بالسياحة السعودية في الداخل والخارج.
ثم مداخلة الدكتورة لميعة الجاسر - أستاذ مساعد في جامعة الملك سعود، كلية الآداب, تخصص جغرافيا والتخصص الدقيق (جغرافية السياحة والترويح) حيث قالت: لا شك أن الأستاذ خالد المالك أوضح حجم الإسهامات التي قامت بها جريدة الجزيرة في دعم السياحة في المملكة العربية السعودية سواء كان من لقاءات أو تغطيات للمؤتمرات والمقالات الأسبوعية التي زخرت فيها جريدة الجزيرة والتي استفاد منها المجتمع وخصوصاً طالبي السياحة. أيضاً الأستاذ خالد المالك أوضح بإسهاب كثير ما تتمتع به المملكة من مظهر جذاب باعتبار المملكة تمتلك المقومات السياحية الطبيعية والبشرية التي تجعل المملكة مطلباً سياحياً عالمياً وليس داخلياً لما تمتلكه من مقومات طبيعية كثيرة والتي شرحها بإسهاب نظراً لما تحتويه من الشواطئ والمقومات الأخرى الطبيعية.
بالنسبة لما تقدّمه الجغرافيا، نحن كقسم جغرافيا نسأل سعادة الأستاذ خالد المالك، ما مدى إمكانية تحرير صفحة أسبوعية أو نصف شهرية خاصة بقسم الجغرافيا على غرار صفحة الورّاق التي تهتم بالتراث, خاصة أن الجغرافيا تغطي الكثير من جوانب المجتمع سواء كان الموقع، البيئة، وغير ذلك.
فيه نقطة أخرى أحب أن أشير إليها وهو أن قسم الجغرافيا وخاصة زميلنا الأستاذ الدكتور بدر الفقيه، يحتاج إلى دعم لمشروع سوف يخدم السياحة في مدائن صالح، بعد أن دخلت ضمن التراث العالمي وهو موقع (الغرامين) الذي يقع بجانب مدائن صالح، وهي غابة من الأعمدة الحجرية المنحوتة طبيعياً، تقدّم بها الدكتور بدر الفقيه لمنظمة اليونسكو, ليكون في الموسوعة. يحتاج هذا المشروع إلى تصوير جوي وبحث ميداني لذلك يحتاج إلى دعم، وتقدم بهذا الطلب إلى الجامعة، ونحن هنا نسلط الضوء على هذا الموقع. بالنسبة إلى الطلب، ما مدى إمكانية تحرير صفحة عن الجغرافيا، نحن في قسم الجغرافيا موجودون كأساتذة، فالدكتور سعد الحسين والدكتور محمد اليوسف، فهما من ضمن الاستشاريين في الهيئة العليا للسياحة، والدكتور بدر الفقيه وأنا الدكتورة لميعة الجاسر طبعاً من الأساتذة في جغرافية السياحة والترويح في جامعة الملك سعود. نرجو من سعادة الأستاذ خالد المالك أن يعيننا في هذا الطلب، لنساعد المجتمع في هذه الخدمة للسياحة في بلدنا وبالتالي لننقلها من السياحة الداخلية إلى عالمية السياحة. والسلام عليكم.
المالك: ننادي بالسياحة الداخلية، ونرتب مواعيد سفرنا للخارج!!
وكان جواب الأستاذ خالد المالك على هذه المداخلات الثلاث:
بالمنطق، كلنا الآن ننادي بالسياحة الداخلية، لكن في المقابل ليس فينا من لا يرتّب من الآن مواعيد السفر إلى خارج المملكة له ولأسرته. لكي تحفز الناس للسياحة الداخلية واقناعهم باستخدام مقومات السياحة بالمملكة دون الحاجة إلى السفر، يحتاج الأمر إلى توفير المتطلبات والاحتياجات والمجالات التي يبحث عنها المواطن السعودي ويجدها في دول كثيرة، مع أن إمكاناتها المالية ربما تكون أقل من المملكة، فأين الخدمات من سكن ومواصلات وأسواق ومجالات ترفيه لكي تقنع بها المواطن بالسياحة داخلياً، أن أيّاً منّا لا يستطيع أن يجد حجزاً للسفر إلى أي من مناطق المملكة في الموعد الذي يحدده, وكذلك العودة إلى مكان سكنه سواء أراد أن يسافر للجنوب أو للشمال أو إلى أي منطقة في المملكة, وإذا سافر بعائلته سيجد هناك مشكلة كبيرة في مكان السكن المناسب، وإذا وُجد السكن فإنه سيحتاج إلى أماكن يقضي فيها بعض الوقت من مطاعم وأسواق تجارية وأماكن ترفيه لأبنائه، أين هذا في مدن وقرى ومناطق المملكة؟ نحن في ضيافة جمعية معنيّة بالآثار، أين هي الآثار المتاحة للمواطن لكي يأخذ فكرة عن تاريخ المملكة، عن حضارة المملكة، عن نشأة هذه الدولة من خلال ما هو موجود فيها من آثار, نعم هناك جهد ملموس وكبير وتم خلال السنوات القليلة خدمة هذا القطاع بشكل جيد ولكنه لم يصل إلى المستوى الذي يمكن به أن ننافس الدول الأخرى التي بدأت مبكراً في البحث والتنقيب عن الآثار وحمايتها من العبث والسرقة. يبقى أخيراً كما قال زميلي وأخي عبد المحسن إن الصحافة ليست مهمتها أن تلزم الناس بأن يقضوا إجازاتهم بالمملكة, وأن تكون ثقافتهم هي ثقافة محلية، والدعوة إلى السياحة المحلية لا يعني منع الناس من السفر واكتساب المزيد من الثقافات والمعلومات والتعرف أيضاً على حضارات وآثار الدول. نحن نتحدث عن الخلل بينما لا توجد هناك مقارنة بين السفر في الخارج والبقاء في المملكة، كما أن دعوة غير السعوديين من خارج المملكة لزيارة المملكة غير ممكنة في ظل وجود كثير من المعوقات وبينها الحصول على الفيز، والإقامة في المملكة فترة السياحة، وأيضاً توفير أماكن الراحة والترفيه لمن يزور المملكة، نحن جميعاً نسافر سنوياً في الصيف مع أبنائنا وأُسرنا ونقضي فترات علمية أحياناً وترفيهية أحياناً أخرى, وأيضاً نستمتع ونقضي أوقات جيدة مع أُسرنا. أنا أتصور أننا نستطيع أن نجمع بين تشجيع السياحة في الداخل ودون أن نمنع الناس من السفر، وهذه هي مسؤولية الصحافة بأن تتعامل مع هذا الموضوع وهو موضوع حساس جداً، تتعامل معه بعقلية وموضوعية وبتفكير يحمل الكثير من المواطنة والكثير من الشعور بالمحبة للوطن والحرص على أن تكون هناك سياحة ناجحة وآثار هناك من يقصدها ويحرص على أن يتعرف عليها.
وحول تأكيد الدكتورتين دليل القحطاني ولميعة الجاسر على أن تكون صحيفة الجزيرة منبراً لنشاط سياحي إعلامي منتظم أعاد المالك الحديث مرة أخرى وقال: أكاد أقول إنه لا يمر أسبوع دون أن يأتي لنا مثل هذا الطلب, كل الوزارات والقطاعات والمؤسسات الحكومية تريد صفحة لها، وكل منطقة من المناطق تريد أن نضع لها صفحة خاصة وكل قرية وكل مدينة تريد ذلك. طبعاً هذا غير ممكن لكن (الجزيرة) عليها مثل هذه المسؤولية كباقي الصحف، غير أن النشر يجب ألا نحصره في صفحة أسبوعية أو يومية أو شهرية أو حتى سنوية، وإنما يجب أن يكون للصحف حضور دائم كلما كان هناك مادة جيدة صالحة للنشر، ومقروءة، وتصب في خدمة السياحة وخدمة التراث والآثار في المملكة، وأعتقد أن هذا موجود, وأنا في كلمتي قلت إنه ربما كان متواضعاً وأؤكد أنه ما زال متواضعاً، ولكن الأهم من هذا أن تشارك الأسماء المتخصصة ويشارك المتخصص في هذا الميدان، وأنا قلت قبل مجيئي إلى هذه القاعة, وكنت أتحدثت مع بعض الإخوان وأطالبهم بالمشاركة في صحيفة الجزيرة ببعض المواضيع التي لها علاقة بموضوعنا اليوم ولها علاقة باجتماعنا اليوم، ولها علاقة بهذه الجمعية تحديداً التي هي إحدى مؤسسات المجتمع المدني وهي ذراع أو ستكون ذراعاً -إن شاء الله- للهيئة العامة للسياحة بعد ترؤس الأمير سلطان لمجلس إدارتها من جهة وبحكم الحماس الموجود بين أعضائها ورئيسها ونائبه من جهة أخرى.
عودة نسائية ورد من المالك
وبعد أن تحدث المالك طلبت الدكتورة دليل القحطاني الحديث مرة أخرى لتقول: عفواً يا أستاذ، ولكن لم يكن هذا سؤالنا، لا أنا ولا الدكتورة لميعة، لم نقيّد السؤال بصفحة معينة.
وأضافت الدكتورة لميعة على ما ذكرت الدكتورة القحطاني: عفواً بالنسبة إلى سؤالي أو طلبي من الأستاذ خالد المالك، نحن كأساتذة هيئة تدريس في قسم الجغرافيا نرغب بصفحة أسبوعية أو نصف شهرية لكل السياحة في المملكة, بمعنى أن نقدم معلومات عن المقومات الطبيعية والتراثية. نكوّنها كلجنة ونتعهّد بها وأنا قلت على غرار صفحة الورّاق بحكم أنها مختصة فقط بالتراث. لأن الأستاذ خالد المالك عرض إسهامات كثيرة ل(الجزيرة) سواء كانت لقاءات أو استضافة الأمير أو زيارة الأمير نفسه ل(الجزيرة)، والمؤتمرات وحتى المقالات، حتى أنا كان عندي مقال عندما زرنا رالي حائل، باعتباره ضمن مهرجانات حائل السياحية. يعني (الجزيرة) لا تقصّر وليس هذا بغريب على جريدة الجزيرة، لكن كون أنها تخصص للسياحة صفحة هذا يعني أنها ستصبح مرجعاً لطلاب السياحة والآثار.
ميسون أبو بكر: أتفق مع المحاضر
في أهمية تسهيل الفيز والتأشيرات السياحية
وبعد ذلك تحدثت الإعلامية ميسون أبو بكر معقبة على حديث رئيس تحرير الجزيرة قائلة: الحقيقة ملتقى موفّق -بإذن الله- ويعزز من حضور الآثار. كانت نقطة هامة أشار إليها سعادة الأستاذ خالد المالك وهي سهولة التأشيرات، عمل تأشيرات وفيز للمملكة العربية السعودية، ليس فقط للمختصين الذين يزورون المملكة مع هيئة السياحة والآثار أو مع كلية الآثار في الجامعات ولكن أيضاً للسياح للتعريف بآثار المملكة التي تم التعرف إليها كما سبق وذكر صاحب السمو الأمير سلطان بن سلمان بمتاحف عالمية مثل اللوفر وبرشلونة. أيضاً هناك أود أن أذكر لكم استطلاعاً أو وجهة نظر كانت محور برنامجي مساء البارحة في القناة الثقافية، وهي لماذا لم تُعزز الجمعية التي لها جهود كثيرة وأقامت هذا المعرض لتعلّق الآثار مع الفن، لماذا لا تكون هناك عروض مرئية في هذا الملتقى؟ هناك كلمة رائعة قالها سمو الأمير (يجب أن نُخرج الآثار من هذه الحفرة عبر المتخصصين لتكون شعاراً وطنياً سامياً). شكراً لكم لإتاحة الفرصة.
الزيلعي: المالك تحدث باسم باحثي السياحة والآثار ولم يترك شيئاً
بعد ذلك تحدث الأستاذ الدكتور أحمد الزيلعي عضو مجلس الشورى وأستاذ التاريخ والآثار المعروف مثنياً على المالك، وجاء في حديثه: أعجبتني المحاضرة حقيقة، محاضرة الأستاذ خالد، حيث إنه تحدث باسمنا باسم الآثار وباسم السياحة، ولم يترك لنا شيئاً على الرغم من ضيق الوقت، وأيضاً مداخلة الدكتور عبدالرحمن العبداللطيف كانت رائعة جداً من الناحية الاقتصادية. لكن يا إخواني أولاً من يعرف الغرب، أكثر السيّاح الذين يسيحون خارج أوروبا هم الأوروبيون الذين نتقاطر إلى بلدهم كل صيف، ومن الصعوبة أن نقول للناس لا تسافروا إلى الخارج، سافروا إلى الداخل، لكن السياحة تجارة وصناعة وعرض وطلب، نحن هنا في بلداننا، أنا كنت أتحدث مع الدكتور لماذا لا يكون في الرياض -على سبيل المثال- هذه السيارات المكشوفة, التي حينما نسافر إلى أي بلد في العالم، كل منّا يأخذها ويطوف ويتعرّف على الأمكنة، الحقيقة أن السائح هنا في المملكة العربية السعودية هو دليل نفسه. لماذا لا تكون عندنا شركة قابضة كبرى؟ أنا حينما أذهب يومين إلى جازان، لماذا لا أذهب مع حملة تأخذني إلى جازان، اليوم الأول تأخذني إلى فرسان وإلى الجزر الفرسانية، أتمتع بها وبمناظرها، واليوم الثاني تأخذني إلى جبالها وأسواقها الشعبية، وفي اليوم الثالث تقول لي مع السلامة عد إلى بلدك، لكن إذا ذهبت على حساب نفسي فلا بد أن أشتري أسطوانة الغاز، وأن أستأجر في مكان، وإن أخذت سيارة وذهبت قد أتوه بين الأودية وبين الشعاب، وقد أصل إليها ولا أعرف البوابة من أين؟ لكن حينما تكون السياحة فيها استثمار مال فالأمر يختلف، أرجو أن نسارع إلى تأسيس شركة قابضة للإرشاد السياحي. في الحقيقة كلنا نتحدث عن السياحة وعندنا من المقومات السياحية ما لا يتوافر في كثير من بلدان العالم. فكما تعلمون المملكة قارة كبيرة جداً فيها مختلف الأجواء, في عز الصيف مناطق أبها والنماص أبرد من أوروبا، وفي عز الشتاء المناطق الساحلية أدفأ من أي مكان من موريشوس وغيرها من الأمكنة في أفريقيا. ومع ذلك لا نستطيع أن نفعّل لأننا لم نستثمر حتى الآن في السياحة، فالسياحة بحاجة إلى أن نستثمر فيها. وشكراً.
الماضي: التسويق السياحي لدينا ضعيف
وعلق على ما تقدم مدير الحوار المهندس عبد المحسن الماضي ليقول: يتضح من الحديث أن التسويق للسياحة والتسويق لزيارة الآثار تسويق ضعيف لدينا. بدليل أن السعوديين يفضلون أن يصطفوا في طوابير طويلة لكي يحضروا معارض للمملكة خارج المملكة، ولا يأتون إلى المتحف الوطني بالرياض لزيارته، وطلب من المالك أن يعلق على هذا الجانب.
وعلق المالك على ذلك بقوله: أولاً السائح عنده وقت طويل، فهو قد غادر المملكة بهدف السياحة، ليس عنده مشاغل أخرى، لا وظيفة ولا عمل، السعودي لا يأخذ بالتزام المسار الذي يوصله لموقع المتحف في دولة من الدول، وإنما يدفع مبلغاً كبيراً في سبيل أن يُمكَّن من الاطلاع على مقتنيات هذا المتحف، وأكثر من هذا ينتظر فترة طويلة إلى أن يُسمح له بالدخول. في المملكة لا يوجد أناس متخصصون في عملية خدمة السائح، سواء كان السائح محلياً أو أجنبياً. ولا يوجد برامج. هذا المتحف الذي تحدّث عنه عبد المحسن وزاره أكثر من مرة هي مبادرة من عنده. لم نقرأ أن هناك وقتاً متاحاً للأسر والعوائل من الساعة كذا إلى كذا، وأنها مجانية، لا نعرف ما هي مقتنيات هذه المتاحف الموجودة في المملكة، فقط في بداية الاحتفال أو التدشين تحتفي بشكل لافت وبعد هذا يصبح كأي دائرة حكومية، مجموعة موظفين، الزوّار عددهم محدود، لو أن لدينا قناة معنيّة بهذا الشيء ليستمر الإنسان يتواصل ويعرف ماذا في نجران؟ وماذا في الجوف وجازان والدرعية لكان هذا أخذ خدمة إعلامية وتسويقية للسياحة والآثار. أعود مرة أخرى وأُحمِّل وسائل الإعلام جزءاً كبيراً من هذه المسؤولية، والإعلام عادة لوحده لا يتحرك، إذا لم تكن الجهة المعنية بهذا القطاع أو ذاك على تواصل مع وسائل الإعلام، فلا تتوقعوا أن وسائل الإعلام ستأتي وتبحث عن هذا الشيء، كثير من المؤسسات الحكومية والأهلية أصبحوا دائماً هم الذين يغرقون الصحف بالأخبار والتقارير والمعلومات، فلماذا لا يكون تعامل الهيئة والجمعية مع الصحافة كما يفعل غيرها.
وقفة ختامية مع التاريخ والمالك يؤكد أن للصحافة لغتها
وهنا قال مدير الحوار المهندس عبد المحسن الماضي: قبل أن أختم تقديمي أريد أن أسأل الأستاذ خالد المالك فأقول، تحدثنا عن السياحة والآثار لكن أبو العلوم لم نتحدث عنه عنه وهو التاريخ، واجده من أكبر مشكلاتنا للمحبين للتاريخ أن المؤرخين ليسوا بالضرورة كتّاباً جيدين، والكتّاب الجيدون من المؤرخين للأسف مثل الدكتور عبد الله العسكر الموجود بيننا الآن، بدؤوا يكتبون في السياسة بعيداً عن التاريخ، نريد كُتَّاباً يكتبون في التاريخ بلغة جميلة محببة, أصبح التاريخ مادة ثقيلة دم وهي في الأصل قصة، رواية ممتعة، وهو أعظم ما نملك الآن في حاضرنا، هل للمؤسسات الثقافية أو المؤسسات الصحفية دور في استقطاب هؤلاء الكُتّاب للكتابة في هذا الميدان؟
وأجاب المالك على هذه الوقفة بقوله: أولاً الصحافة لها لغة ولها أسلوب معين ولها أيضاً مواضيع مختلفة، أنها تتحدث يومياً عن هموم ومشكلات الناس ومتطلباتهم، في الصحيفة أنت تبحث عن الصورة التي تبرز جانب القصور والإنجاز في المملكة، أنت تبحث عن الكاتب المقروء الذي يتلمّس احتياجات الناس فيكتب عنها، ويتكلم عن هموم الناس فيناقشها، في مجال التاريخ، في مجال الآثار، أعتقد أن الكتابة عنها مكانها في مجلات مُحكمة متخصصة، ولكن ينبغي أن لا تخلو الصحف من نشر بحث من حين لآخر، وهذا موجود في الصحف بشكل عام. يعني هناك مقالات ودراسات وقراءات لبعض ما يصدر من كتب ذات قيمة علمية، لكن الصحف المطلوب منها هو أن تتعايش مع القارئ يومياً، بأن تنشر مثلاً عن هذه الندوة، طبعاً بتفاوت من صحيفة إلى أخرى بحسب اهتمامها وحسب قربها من الصحيفة وبعدها، وبالتالي ف(الجزيرة) بحكم أنها هي الراعية ورئيس تحريرها محاضر فيها، من المؤكد أن تغطيتها ستكون أكثر من صحيفة أخرى لم تكن راعية ولا رئيس تحريرها متحدّثاً فيها، لذلك أنا أعتقد أن التاريخ محفوظ في الكتب ومحفوظ أيضاً في المتاحف ومحفوظ في المكتبات ومراكز المعلومات ومحفوظ أيضاً في عقول وأقلام العلماء والمفكرين والمثقفين والأكاديميين. ونحن ندعو من هم متخصصون في هذه المجالات، والدكتور العسكر عندما يكتب في صحيفة سيّارة من المؤكد أنه سينساق إلى ما يهمّ القارئ لكنه في المقابل في كتبه في دراساته، في موقعه في الجامعة, سيكون حديثه في مجال تخصصه وليس في الصحيفة، ولذلك كثير من الكتّاب في الصحف لا يكتبون في مجال تخصصهم إلا نادراً، ولا يُلامون في هذا لأنهم يخاطبون مختلف الشرائح، شرائح غير متخصصة، شرائح قد يكون تعليمها وثقافتها محدودة.