تتداول رسائل البريد الإلكتروني هذه الأيام مقاطع يوتيوب عن قصة نجاح غريبة لمشرد أمريكي لا تقل مفاجأة وإبهاراً من قصة نجاح السيدة البريطانية الشهيرة سوزان بويل التي حلقت إلى النجومية بتميز صوتها الأوبرالي في سن متقدم بعد فوزها في مسابقة للمواهب, اعتاد الناس ألا يتقدم لها إلا الناشئون والأطفال.
الرجل متشرد في الثالثة والخمسين من العمر ولد في بروكلين بنيويورك المكتظة بالضائعين بقدر اكتظاظها بالناجحين والأغنياء. ترحل في ولايات أمريكا ضائعاً معدماً تاركاً والدته العجوز في بروكلين. فقد كل شيء ومر بتجارب الإدمان على المسكر والمخدرات, وأدخل السجن عدة مرات, ولم يبق لديه أي شيء يساعده على الحياة سوى التسول. صحا ذات يوم واعيا موقعه الخاسر في الحياة, واتخذ قرارا حاسما أن لا يعود إلى الإدمان, ونجح في ذلك؛ ربما لأنه لم يعد يملك ما يدفعه. للرجل نعمة واحدة منَّ بها الله عليه: صوت جميل مميز.! حمل وعاء الشحاذة ولوحة تستوقف المارة سائقي السيارات على الطرق السريعة.. وحين يهدئون من السرعة يكلمهم الشحاذ بأسلوب المذيعين في الإذاعات الكبرى. ويضحك العابرون مستغربين تناقض مظهره المشعث الدميم وصوته الجهوري الجميل وأسلوبه الإذاعي الراقي.
تداول الناس الخبر الطريف, وربما كانت صدفة رائعة فقد سجل له أحدهم مقطعاً مرئياً مسموعاً نشره على اليوتيوب, وسرعان ما شاهد مقطع «الصوت الذهبي» ملايين المتصفحين. بعدها بحث عنه - على قارعة الطريق السريع حيث موقفه المعتاد - فريق من تلفزيون السي إن إن يبحثون عن جديد يقدمونه. سجلوا له مقابلة قصيرة من باب الطرائف وانبهروا وانبهر المشاهدون بأدائه وبصوته المميز. قال إن كل ما يطلبه هو فرصة العيش الشريف عبر وظيفة تستفيد من موهبته فليس لديه ما يعينه إلا صوته وقد قضى زمنا في التدرب على النطق ككبار المذيعين لأن ناصحاً ما قال له ذات يوم: «لديك صوت رائع, وحتى لو كنت دميما فالوسامة ليست مطلبا في الراديو بل الصوت وحسن الأداء فقط». المشرد استرجع تلك النصيحة من مراهقته البعيدة وأوصله تطبيقها إلى باب النجاح.
حصل على عرض لوظيفة مذيع.. وكان أول قرار له أن يعود إلى أمه التي ظلت, وقد جاوزت التسعين من العمر, تنتظر عودته. استمطر دموع المشاهدين وهو يمسح دمعه قائلاً: ربما الله منحها طولة العمر بقصد حكمة إلهية: لكي تسعد بعودته إليها محققاً أخيراً معجزة النجاح.
ما الذي يحققه لنا أن نطلع على حكايات المعجزات والنجاح والنهايات السعيدة؟ تجديد الإيمان بقدرتنا الذاتية.
كل منا لديه موهبة ما! والنجاح لا يأتي بالضرورة عبر الطرق المعتادة.. ولا حتى بشهادة في ملف علاقي أخضر.
العبرة هنا ألا تفقد الأمل من رحمة ربك والثقة بحكمته.
ضع ملفك الأخضر - الذي قد يكون اهترأ ذائباً بعرق البحث عن وظيفة سرابية - واترك التفكير في الواسطة ومعجزاتها واستثمر في الإيمان بقدرتك الذاتية. وابدأ في البحث داخلك. ابحث عن شيء ما فيك يساعدك على رفع رأسك لتتنفس من جديد فوق مياه الفشل والإحباط الآسنة. آمن بربك وبنفسك وبحكمته فيك.
هل لديك موهبة فنية؟ تدرب حتى تتقن تحويلها إلى مشروع ذي مردود: اصنع شيئاً فنياً جميلاً.. وبعه؛ فقد كوَّن البعض شرقاً وغرباً ثروات هائلة من بيع أعمال فنية التقطوا مكوناتها من المخلفات.
هل لديك موهبة حرفية أحببتها في الصغر: ميل إلى النجارة أو تصليح الآلات المعطوبة؟ تستهويك الفرش والألوان والصباغة؟ عد إليها واصقلها من جديد واعرض خدماتك فالمجتمع يدفع الملايين لصيانة الأجهزة؛ ملايين تختفي في التحويلات الأجنبية إلى الخارج وأنت أولى بجزء منها إن أفلحت. وقد تعبر من العمل بنفسك إلى مؤسسة صغيرة تملكها أنت ورفقاؤك.
هل لديك صوت جميل: تدرب على الأذان وإقامة الصلاة: لدينا آلاف المساجد وآلاف المؤذنين لهم أصوات لا تسر السامعين. ولك حق أن تنال بحسن صوتك وأدائك موقعاً مرضياً. أو سجل مقاطع صوتية لنصوص شعراء لا يملكون أصواتا ذهبية!
هل تحب الطبخ؟ كثيرون وكثيرات نجحوا بمشروع منزلي لتوفير وجبات منزلية للعزاب والموظفين وولائم للمشغولين.
هذا غيض من فيض.. فابدأ بالتفكير في ميولك الطبيعية وقدراتك التي لا يعرفها إلا أنت ولم تسجل لها علامات في شهاداتك؟
باب الفرج هو نعمة الله عليك.. فأشرعه للنجاح بحماسك.