بعدما أصبحت المملكة العربية السعودية تسجل أعلى نسبة في الحوادث حول العالم، وبعدما أصبحت شوارعنا مسرحاً للموت بسبب التهور الذي لم تسلم منه حتى القطط، أصبح لزاما إيجاد حل لهذه الكارثة، وبما أننا في وطن تتسابق مؤسساته الحكومية والأهلية في استنزاف أموال المواطن السعودي الذي أصبح أضحوكة ومادة للتندّر في المجالس الخليجية, ظهر لنا (ساهر) ذلك النظام الذي يدعي القائمون عليه أن مصلحة المواطن تأتي أولا! استبشر الناس خيرا وتوقع الكل أنهم تخلصوا من الجزار الذي يحصد أرواحهم، ولكن ما إن تم تطبيق النظام حتى تحول الجزار إلى سارق مؤدب !! يحفظ حياتهم ولكن ينتزع عصبها !!
إن كل من يعارض نظام ساهر لا يعارض تطبيق نظام يقلل الحوادث ويزيد مستوى الأمان في مملكتنا, لذلك دعونا نحلل الوضع والمشكلة.
إن 90% من الحوادث التي تسبب الوفيات لا تخرج عن قطع إشارة، أو تفحيط، أو سرعة جنونية على الطرق خارج المدينة. فلو وضع القائمون على نظام ساهر غرامة مالية قيمتها 1000 ريال لمن يقطع الإشارة، فلن يحق لأحد المعارضة, لأن قطع الإشارة خطأ 100% ولكن يجب أن تكون السرعة قبل الإشارة بـ 500 متر لا تتجاوز 40 كم - س؛ لأن بعض الناس يقف فعلا عندما تكون الإشارة صفراء لكنه يجد نفسه في الجهة المقابلة لأن من خلفه كان يسابق الريح ليلحق بالإشارة غير مبال بالذي أمامه !!
بالنسبة للحالة الثانية التي تحصد الأرواح بالجملة في أغلب الأحيان، وهي ظاهرة التفحيط فهؤلاء للأسف لا تراهم أعين ساهر فهي منشغلة بزبائنها وسط المدينة !! إنني وبكل عجب استغرب من قدرة رجال الأمن على السيطرة على أناس مسلحين بامتياز، وفشلهم في تأديب أطفال لم تخط شواربهم بعد يعبثون بسيارات ربما تكون مسروقة !! فهل من ساهر يؤدبهم؟؟
ونأتي الآن للحالة الثالثة وهي السرعة على الطريق خارج المدينة، وهذه قد استغلها (ساهر) حيث إن السرعة المحددة هي 120كم - س، وهذا غير منطقي تماماً.. فأنت يا ساهر أتيت لأناس تعودوا على اجتياز حاجز 200 كم - س على الطرق السريعة، وأنت الآن تلزمهم بـ 120 كم - س، أي منطقية وعقلانية تعمل بها؟! إلا إذا كان الهدف هو جمع الأموال، فهذا شيء آخر!! بينما أرى أن السرعة على الطرق السريعة ينبغي أن لا تتجاوز 140 كم - س، حيث إن السائق يصبح بإمكانه السيطرة على المركبة، ومن دون أن يصيبه نعاس وهو يمشي 120كم - س وكل شيء بيد الله سبحانه وتعالى.
لو ركز ساهر على هذه النقاط الثلاث، لتمكن من القضاء على 90% من الحوادث - بإذن الله -.
قد يقول قائل: وماذا عن الطرق الدائرية؟ ببساطة, إنها لا تحتمل السرعة من شدة الازدحام، والدليل أن أعين ساهر قد غابت عن تلك الأماكن.
وأخيرا أقول لمن أسهروا ساهر:
أليس من الأولى إصلاح الطرق أولا وتهيئتها؟ فشوارعنا المتهالكة التي لا تكاد تخلو من حفر ومرتفعات تهلك المركبة وتشتت تركيز السائق، ولا تحتوي على لوحات إرشادية متكاملة، وربما ظهرت مؤخرا لوحات تهديد سرعة على استحياء، مختبئة خلف شجرة أو أعمدة إنارة، لا تتلاءم مع أنظمة كهذه.
أليس من الأولى أن تكون هناك مرونة في تحديد السرعة؟ فليس من المعقول أن يحاسب من يمشي 71 كم - س في منطقة تسمح بالسير بسرعة 70 كم !! أم أنه الجشع؟؟ وبحكم أن لكل نظام جديد أخطاء، ألم يكن من الأولى وضع مخالفات بأسعار رمزية لحين يتأقلم المواطنون مع الأنظمة الجديدة؟؟ أم أنها فرصتكم لاستغلال قلة الوعي؟
إن مخالفة بمبلغ 300 أو 500 ريال تشكل نصف راتب الكثيرين وتشكل ربع الراتب و جزءا كبيرا منه لـ 20% من الموظفين الذين لا تتجاوز رواتبهم 6000 ريال، اتقوا الله ولا تنسوا أن الراتب تقاسمته الفواتير وشركات التقسيط وها أنت تأخذ حصتك يا ساهر، فماذا أبقيتم للمواطن؟!
رجاء يا ساهر لا تسهر علينا بل من أجلنا، وإلا فأرجوك نم نومة أهل الكهف !!