من ظواهر الحياة التي لا تقبل الجدل أن كل عاقل شقي بعقله، وأن أشقى الناس بعقولهم هم الشعراء مهما كان نوع شعرهم، ومهما كانت درجته إلا أنها شقاوة حلوة سائغة لا يحس كنّة لذتها إلا من يعانيها، ويمارسها، ذلك لأن الشعراء أرهف الناس حساً، وأعمقهم فهماً، وأشهدهم، وأوسعهم تغلغلاً، ومشاركة في آلامهم، وأحزانهم، وأصدقهم في التعبير عنها، وأقواهم بلورة، وتصويراً لها، وما ذاك إلا لأن الشعر نتيجة ذاتية موجبة منبعها العقول النيرة الواعية قبل أن تكون سالبة مكتسبة على الرغم أنه لا غنى لها عن الاكتساب، وسعة الاطلاع لتقديم خامتها، ولتزداد سعة، وصفاء، وصقلاً.