ليس أجمل من أن يسجل الشاعر موقفا يحسب له في الدنيا والآخرة حين يكتب قصيدة أو بيتا ربما أيقظ غافلا أو ردع جائرا أو ضالا عن جادة الصواب، وقد يكون له من الأثر في عقول وقلوب سامعيه ما لم يكن يتوقعه قائله، فالشعر لم يزل له ذلك الأثر الفعّال في المجتمعات، وما حرص الناس ومتابعتهم للشعر والشعراء إلا دليل عشق متوغل في النفوس لهذا الفن، ولان (الشعر ديوان العرب) كما قال أبو فراس الحمداني فهو لسان حال الكثير من الناس ومرآة زمنهم.
فكما أن في الشعر كغيره من الفنون ما لا يصح خلقا وذوقا وأدبا أن يروى، فإن فيه ما يستحق أن يكتب بماء الذهب لرقيّه ومن يطلع على الدواوين السابقة يجد أن في الكثير منها بابا يسمى (باب النصح)، وما القصائد الرائدة التي تدعو إلى مكارم الأخلاق إلا من هذا النوع من الأدب الراقي، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قد بين ذلك لنا حين قال: (إنما بُعثت لأُتمم مكارم الأخلاق).
وقفة لـ (بندر بن سرور)
يا بنت كبي واحدٍ ما يصلي
تارك عمود الدين مالك وماله
خلي ملعَن والدينه يولّي
تلقين في نجد المسمى بداله
حتيّش لو يفرش لك القاع زلّي
من لا يخاف الله حرامٍ حلاله
عليك باللي للجماعة يهلّي
اللي كما النزله منارة دلاله
بالرجل ثنتينٍ جداهن يدلّي
وإن كبهنٍ مهوب ويا الرجالة
لا صار ما به دين مع زين دلّي
جعله من الدنيا تقطّع حباله