يقول أحد الفلاسفة:
(إن فردًا واحدًا يؤمن بحلمٍ ما، يعادل في تأثيره 99 مهتمين بالأمر فقط).
في لقاء جمعني بالأستاذ «محمد بن مجلاد» مدير مطار القصيم قبل أيام، قلت له: إنني متفاجئ وسعيد بالإعلانات التي تملأ شوارع بريدة التي تقول: «سافر إلى دبي من مطار القصيم مباشرة!». فقال لي: عندما تشاهد الصالات الجديدة والرحلات إلى الوجهات الأخرى ستُفاجأ أكثر!
يقول لي كوان يو في كتابه من العالم الثالث إلى الأول: «إن الانفتاح على الأسواق هو الركيزة الأهم للنجاح في سباق التنمية».
والحقيقة أن المشاريع الإستراتيجية كمشروع تطوير مطار القصيم يحتاج لإرادة وطموح كبيرين، وكان ذلك واضحًا في هذا الإداري المقدام، فهو لا يركز على تعقيدات البيروقراطية بقدر ما يهتم بمصلحة العمل الذي أؤتمن عليه، خدمةً لوطنه ومجتمعه.
يقول آينشتاين: «لا يوجد إبداع إلا ومن روائه من عمل بإخلاص وحرية» فتسيير رحلات دولية إلى القاهرة، ودبي، ودمشق، وصنعاء حسب ما نشر في الصحف مؤخرًا، فضلاً عن التخطيط لرحلات إلى بيروت وبومباي حسب ما سمعنا التي لم ينفها مدير المطار ولكنه أكَّد العزم على التوسع في الوجهات الجديدة، فإنني أعتقد أنها بمثابة الإعلان عن عودة تجارة العقيلات من جديد!
يقول غازي القصيبي -رحمه الله- في كتابه «التنمية الأسئلة الكبرى: كلما توفرت وسائل المواصلات بين المدن أحدث ذلك تسارعًا اقتصاديًا كبيرًا بحجم هذه المواصلات وتلك الأسواق «وعلى ذكر تجار العقيلات، ومن خلال التجول مع مدير المطار تجولتُ أنا في ذاكرتنا الشعبية حول «العقيلات» التجار الرحل من القصيم «الذين كانوا» خير سفراء للوطن «كما قال عنهم خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-، وقال عنهم سمو ولي العهد: «إنهم من أوائل من جلب التجارة للمملكة». والذين كانوا يسافرون كل عام منطلقين من سوق «الجردة» وسط بريدة إلى مصر والشام والكويت والعراق والبعض منهم يسافر إلى الهند، والذين توقفت رحلاتهم عام 1368 هـ تقريبًا بعد أن قاموا برحلات تجارية قاربت 400 عام ساهمت بشكل كبير في إنعاش الحركة التجارية في المنطقة وربطها بالدول العربية وحتى تركيا واليوم أظن أن هذه التجارة بدأت تعود من جديد ولكن بشكلٍ مختلف من خلال تحويل مطار القصيم إلى «مطار دولي» الذي سيعزز من اقتصاد المنطقة بشكل كبير، وللمتفائل أن يتساءل عن حجم النمو في قطاعات التمور والإبل والزراعة والتجارة بشكلٍ عام، فستنعقد الكثير من الشراكات، والخبرة الفنية، والاستيراد والتصدير، والعمالة، وغيرها كثير فضلاً عن التواصل الثقافي والانفتاح الفكري، يقول الإمام أحمد: «كلما ازداد علم المرء، قلَّت مآخذه» وإن ركاب رحلات بيروت سواءً كانت رحلاتهم لعقد صفقات أو استقدام خبرة أو شراكات أو سياحة فلهم أن يتأملوا بياض الثلج فوق جبل فاريا مستذكرين بيت الشاعر من عقيل وهو يقول:
هذا طويل الثلج يا طريف جيناه
متى على التسهيل نرجع ورانا
وبالنسبة للمسافرين إلى القاهرة فلرجل الأعمال الذي سيشتاق لأهله أن يستذكر بيت شاعرٍ آخر من العقيلات وهو يقول:
حن قلبي حن بابور الحديدي
من محطة مصر لين اسكندرية
بالرغم من أنه لن يطيل الحنين لأهله لأنَّه خلال ثلاث ساعات سيعود لبيته عبر المطار الذي أظن أنه أعاد للقصيم روح تجارة العقيلات من جديد.وأخيرًا، لا يمكن أن ننسى أن نجاح تطوير مطار القصيم يعود بالفضل كما أكَّد مدير المطار لسمو أمير منطقة القصيم وسمو نائبه وللهيئة العامة للطيران المدني ولمجلس المنطقة، فلهم كل الشكر والتقدير على هذا العطاء الذي سيعزز من النمو الاقتصادي للقصيم والعائد بنفعه على الوطن بشكل عام وقد قيل: «الهمَّة تلدُ الحظ الحسن».
كاتب ورجل أعمال