لو أنّ كلّ طبيب أهمل في تشخيص أو في علاج أو في عملية مريض، ثم كان جزاؤه مبلغاً من المال يدفعه للمريض (إذا كان لا يزال حياً) أو لأهله، لما استمر الأطباء يهملون. ولو أنّ كل قاضٍ نهب وسرق حقوق الناس، ثم كان عقابه الإحالة للتقاعد، لتواصل مسلسل اختلاسات القضاة وكتّاب العدل. ولو أنّ كلّ تاجر غشَّ في نوعية أو أسعار بضاعته، ثم كان الموقف الرسمي والشعبي منه هو الصمت، لاستمرّ الغشُّ ولتواصلت الأسعار في الزيادة.
للأسف هذه هي حالنا.
ولو أنّ التعامل مع الأخطاء كان صارماً، لاختلف الحال. وسأسوق لكم أمثلةً على التعاملات الصارمة: دخل شاب أو أكثر من شاب من الجمهور إلى أرض الملعب أثناء مباراة كرة قدم، فقام المعنيّون «بتلزيخهم حتى عضَّوا الأرض»! ولم نشهد بعد هذا «التلزيخ العلني»، أي حالات دخول مشابه من الجماهير للملاعب.
هل سنطالب ب»التلزيخ العلني» للأطباء المهملين والقضاة المختلسين والتجار المتلاعبين؟! وهل سيكون هذا «التلزيخ» عقاباً كافياً لإهمالهم واختلاساتهم وتلاعبهم؟! وهل القفز من أسوار الملاعب وإيقاف المباريات، يشبه حالات الإهمال الطبي، وسرقات صكوك الآخرين، والتلاعب في الأسعار؟! وأين التشابه يا ترى؟!
مهما يكن من أمر، فنحن أمام تجربتين، كل واحدة لها ممارساتها، وكل واحدة أفرزت واقعاً مختلفاً ونتائجَ مختلفة.