ليس مثل كل المؤتمرات والمناسبات العلمية والتربوية، ما بدأ أمس الأول من فعاليات للمؤتمر الدولي الأول للجودة الشاملة في التعليم العام.
من قبل لابد من التأكيد أن مستوى وجودة التعليم في كل مجتمع يبقى ويظل الهاجس والهَمّ الذي يؤرق قادة الأمم ومفكريها، من أجل غرس العلم والمعرفة في نفوس النشء من خلال تعليمهم وإعدادهم لمواجهة المستقبل وخدمة المجتمع من خلال تربية متوازنة تأخذ في اعتبارها التطورات التي يشهدها العصر وموروثات الأمة الدينية والثقافية ومكتسباتها الحضارية والمتطلبات التي تفرضها المرحلة المعاشة.
فالمعرفة والعلم في هذا العصر من أهم مصادر القوة، وهما المحرك الأساسي نحو تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع. ومن هنا تصبح عملية الاستثمار في رأس المال البشري المنتج للمعرفة هي العامل الحاسم في تحديد هذا المجتمع ومستقبل أفراده. ولهذا فقد وعت القيادة الرشيدة هذه البديهية، فجعل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز اهتمامه الأول تطوير التعليم وتحديث مناهجه، فأطلق العديد من المبادرات وسخَّر الإمكانيات المادية الهائلة لتكون المملكة واحدة من الدول القليلة في العالم التي تخصص 26% من ميزانيتها العامة للتعليم، من خلال وعي قائد الأمة من أن تحقيق مجتمع المعرفة لتحريك وتحقيق التنمية المستدامة لا يتم إلا من خلال الاستثمار في تطوير قدرات وإمكانيات الإنسان السعودي منذ النشء، ولوعي القيادة بأنه لا سبيل لتحقيق هذا إلا بنظم متقدمة تقودها عقول وطنية مستنيرة مدركة مكانة بلادنا على الساحة الدولية، وأخذت بالاعتبار تاريخها المجيد وسعيها المتجدد لجعل العلم والمعرفة من أهم مصادر تطوير المجتمع.
لذلك كان لابد من أن تتلاءم المبادرات مع البذل السخي لتحقيق هذا الهدف وفق خطط إستراتيجية نوعية لضمان استمرار عملية التطوير والتحديث اللذين هما عنوان العصر الحديث. ولهذا يعد تأسيس مشروع تربوي وتعليمي على مفاهيم الجودة والتميز والرؤية المشتركة، والقيم المؤسسية المعلنة وروح العمل الجماعي، والعمل على تعزيز قدرات المعلمين والمتعلمين لإنتاج المعرفة عوضاً عن استهلاكها هو ما تؤسس له المملكة وتعمل على جعله القاعدة الأساسية لتطوير التعليم، وهذا ما يسعى إليه المؤتمر الدولي الأول للجودة الشاملة في التعليم العام الذي بدأ أعماله في الرياض، والذي كشف عن مشاركة فعالة ونظامية من مؤسسات الدولة من وزارات وهيئات والقطاع الخاص من قبل الشركات الكبرى في تأكيد على أن تطوير وتحديث التعليم والمناهج هو مسؤولية كل فئات ومكونات المجتمع السعودي الذي يؤسس لمجتمع متميز يسير ضمن توجه واضح ومستند على تقوية مصادر القوة والتميز عبر تعزيز المعرفة والعلم.
JAZPING 9999