كشفت إصابة المهاجم الإنجليزي مايكل أوين في مباراة منتخب بلاده أمام السويدي في كأس العالم 2006م بألمانيا، أهمية التأمين على اللاعبين المشاركين مع منتخبات بلادهم في البطولات الدولية.
على الرغم من قيام المنتخب الإنجليزي بالتأمين على لاعبيه ضد الإصابات المفاجئة، إلا أن بوليصة التأمين لم تكن تغطي مجمل ما يتقاضاه بعض اللاعبين الدوليين من أنديتهم، ك»مايكل أوين» ما أوقع ناديه؛ في ذلك الوقت؛ «نيوكاسل» في أزمة
بسبب اضطرار النادي لدفع نصف راتبه الأسبوعي غير المغطى ببوليصة تأمين لاعبي المنتخب.
الأكيد أن هناك بوليصة أخرى تغطي إصابات لاعبي الأندية في الدوري الإنجليزي إلا أن منافعها لم تشمل مشاركات اللاعبين الدولية!.
على الرغم من تطور صناعة التأمين في الدول الغربية، وانتشار ثقافتها بين الاتحادات، الأندية واللاعبين إلا أن الأحداث المفاجئة تكشف دائمًا عن بعض الخلل في برامج التأمين المتبعة.
اليوم، ينعم لاعبو الدول الأوروبية وأنديتهم، بأفضل برامج التأمين على الإطلاق، وما ذاك إلا بسبب تطبيقهم نظام الاحتراف الشامل، التخطيط الإستراتيجي، النظرة الشمولية للأنشطة الرياضية، وإيمانهم بأهمية التأمين وقدرته على حماية الأندية، اللاعبين والاتحادات الرياضية من الأخطار المستقبلية، والخسائر المالية.
لم تكتشف الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ولا الأندية، أو اللاعبين أهمية التأمين على اللاعبين وفق برامجه الشمولية، وهو ما يُكبد الأندية خسائر مالية فادحة. وعلى الجانب الآخر نجد أن عدم تطبيق برامج تأمين العجز، التقاعد، العلاج، والتأمين في حال الوفاة للاعبين، يتسبب بأضرار فادحة للاعبين المتوقفين عن ممارسة اللعبة، وأسرهم، ويدفع بهم إلى حافة الفقر والعوز.
في تقرير إنساني يدل على احترافية العمل، عرضت قناة «العربية» من خلال برنامج «في المرمى» الذي يقدمه الزميل «بتال القوس» مشاهد للاعب الهلال السابق خالد الرشيد، عَجَلَ الله بشفائه، وهو يتلقى العلاج في مستشفى الأمير سلطان لأمراض القلب بالرياض، من الأزمة القلبية، ومضاعفاتها الحادة التي منعته من رؤية بناته لعشرين يومًا. كان كتلة من اللحم ممتلئة بالإيمان والصبر والاحتساب؛ كيف وصل اللاعب النشط الممتلئ بالحيوية إلى هذه الحالة المرضية العصيبة؛ وكيف انقطعت موارده المالية، وتعرضت حياته للخطر بانقطاعه عن ممارسة مهنته، كرة القدم!.
إنها إرادة الله، وقدره المكتوب؛ إلا أن تقصير الاتحادات الرياضية، والأندية، وعدم اكتمال منظومة الاحتراف، وعدم إلمام اللاعبين بأهمية التخطيط المالي والتأمين الحياتي، تسببوا في خلق المشكلة.
لاعب الهلال والمنتخب السعودي السابق «خالد التيماوي» أرجع سبب افتقاد اللاعبين برامج التأمين الحياتي بعد اعتزالهم كرة القدم إلى «افتقاد اللاعب للتوجيه الصحيح أثناء مزاولته للكرة»، وهذا صحيح إلا أن الخطأ الأكبر يقع على الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي يفترض أن تجعل التأمين ضمن تشريعات اتحاداتها الرياضية الملزمة للأندية واللاعبين. فاللاعب قد لا يعلم عن أهمية التأمين شيئًا، في الوقت الذي قد يتمنع النادي عن دفع تكلفة البوليصة، ما يعرض اللاعبين لأخطار المستقبل القاتلة، وإحداها ما شاهدناه على شاشة قناة «العربية».
تقدم شركات التأمين العالمية بوالص شاملة، وبوالص متخصصة، وجميعها لا تكلف اللاعبين إلا النزر اليسير من رواتبهم الشهرية، إلا أن منافعها تضمن، بإذن الله، توفير الحياة الآمنة للاعبين وأسرهم.
التأمين لا يعني التغطية ضد الإصابة فحسب، بل يشمل التأمين التقاعدي، التأمين عند الوفاة، التأمين التعليمي للأبناء، التأمين الصحي الشامل، والتأمين الادخاري أيضًا، وجميعها تفوق قدرة اللاعبين على اكتشاف ضروريتها، أهميتها، ومنافعها، ما يجعل الاتحادات الرياضية، والأندية مسؤولين عن توفيرها لجميع اللاعبين بنص القانون.
يمكن تمويل تكلفة التأمين من قبل الأندية، أو من عقود اللاعبين، أو ربما من عقود النقل التلفزيوني، والرعاية وغيرها.
تقوم الأندية الأوروبية بالتأمين على لاعبيها، في الوقت الذي تؤمن فيه اتحاداتهم على اللاعبين المشاركين مع المنتخبات في البطولات الدولة، كالاتحادين الإنجليزي والألماني.
الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) يخصص نسبة محددة من الجوائز المالية التي يقدمها للفرق المشاركة لصالح اللاعبين المصابين في المشاركات الدولية. ولا يكف الوسط الرياضي السعودي عن مناقشة إصابات لاعبي الأندية في مشاركاتهم الدولية مع المنتخب، ومرد ذلك الجدل خسارة النادي المادية والتنافسية، إلا أنه، وللأسف الشديد، لم يتعد ذلك إلى مستقبل اللاعبين والجهة المسؤولة عن ضمان الحياة الكريمة لهم ولأسرهم بعد انقطاعهم عن ممارسة الكرة. هل يؤمن الاتحاد السعودي على لاعبي المنتخب؟
لا أعلم، وهي أقرب إلى النفي منها إلى التأكيد. الاتحاد السعودي لكرة القدم والاتحادات الأخرى مطالبة بسن قانون يجعل التأمين الحياتي الشامل؛ التقاعد، العجز، المرض، الوفاة، التعليم؛ ملزمًا لجميع اللاعبين الرياضيين، وهو مطالب أيضًا بالتأمين الشامل على لاعبي المنتخبات الرياضية خلال مشاركاتهم الدولية.
يقع على عاتق مسؤولي الاحتراف الرياضي مسؤولية التخطيط المالي والمستقبلي للاعبين الذين باتت كرة القدم مهنتهم الوحيدة، وخصوصًا أن عمر لاعب كرة القدم قصير جدًا في ملاعبنا الرياضية.
«التوجيه» الذي تحدث عنه خالد التيماوي يجب أن يكون نظامًا مكتوبًا يُضمن في عقد الاحتراف، يجعل من التأمين الحياتي أمرًا ملزمًا لجميع أطراف العقود الرياضية؛ الاتحادات الرياضية، الأندية، واللاعبين.
تبرز «الرابطة الإِنسانية» التي تشكلت من لاعبي الهلال خالد التيماوي، فيصل أبو ثنين، خالد الدايل، ومنصور الأحمد، لمساعدة أسرة خالد الرشيد الجانب الإِنساني للرياضة، ونُبل الأخلاق؛ ويأتي تفاعل الأمير عبدالرحمن بن مساعد، ونادي الهلال ومساهمتهما ليؤكدا أهمية العمل الخيري، ومسؤولية الأندية تجاه معالجة أوضاع اللاعبين المعتزلين، وإن كنت أتمنى لو خصص الأمير عبدالرحمن للاعب دخل إحدى المباريات الجماهيرية، بدلاً من الوحدة، لضمان الدخل المرتفع؛ وأن يسعى لتغطية المبلغ المطلوب بعلاقاته المتميزة مع أهل الخير داخل المحيط الرياضي وخارجه.
أعتقد أن استكمال المبلغ المستهدف لن يكون صعبًا بعد أن أسهمت قناة «العربية» في إيصال الخبر إلى جميع الرياضيين (المليئين) وفي مقدمتهم أعضاء شرف الهلال.
مليون ريال يمكن لعضو شرف واحد تغطيته في دقيقة واحدة، وهو أعظم أجرًا عند الله، وأنفع للمتبرع، في الدنيا والآخرة، من تمويل عقود المحترفين الأجانب. قال تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.