دكتوري الكريم.. أعاني من مشكلة أعاقتني كثيرا وسببت لي متاعب نفسية كبيرة وهي التسويف وعدم الإنجاز وكثيرا ما أحدث النفس بأن العمر باق والوقت طويل، ودائما ما أخطط، ولكن قليلا ما أعمل فما هو الحل؟
ولك سائلي الفاضل الرد:
جميلٌ أن تتعاظم الآمال وتتطاول الأحلام، وتحلق الأماني.. وأروع من هذا أن نراها وقد أصبحت حقيقة مجسدة نحس بها وننعم بوجودها...
ولكن للأسف، فإن جل ما يُتمنى لا يتحقق! فيبقى حبيس العقول، ولا يتجاوز أن يكون أضغاث أحلام! فيخيب الرجاء وتطيش السهام... والسبب في ذلك حماسٌ واندفاع يقابله تسويف وتخطيط سيئ!!
إن مشكلة التسويف مشكلة يعاني منها الكثير ومعها تفوت الفرص وتضيع الأيام وتهدر الأوقات وتتأزم النفسيات وتجلد الذات وتهتز الصورة الداخلية وتضمر العلاقات الاجتماعية، وتفشي مشكلة التسويف لا يعني بحال صعوبة حلها، وفي المقابل فإن التغلب عليها لا يكون بوصفة سهلة التطبيق بل تحتاج إلى وقت وجهد ومثابرة ومجالدة مع النفس.
وقبل الشروع في وضع الحلول يجدر بنا تحليل الأسباب المؤدية للتسويف ومن أهمها الكسل وضعف الهمة والاستئناس بالقعود في دائرة الراحة فإنجاز المهمة يحتاج إلى جهد يستدعي الاستغناء عن شيء من الراحة والدعة، وربما كان السبب في التسويف مجالسة التنابلة والكسالى وخاملي الهمم وقد يكون الكابح ضد إتمام المهمات هاتف داخلي يدعو للانتظار حتى تتحسن الظروف من تلقاء نفسها!
من القضايا الهامة في مشكلة التسويف هي الاعتقاد بأن الدافع دائما ما يسبق السلوك لذا فأغلب المسوفين يشتكون من ضعف الدافع المحفز للعمل والحقيقة أن هناك علاقة (جدلية) بين السلوك والدافع أي أن كليهما يؤثر في الآخر؛ فالدافع لا شك يحفز على العمل وكذلك العمل تتولد معه الدوافع فالمسوف لوبدأ بالعمل واستغرق فيه سيجد أن الدوافع الداخلية تولدت وتراكمت بمرور الوقت وعندما تستوطنه مشاعر الإنجاز سيزداد حماسه، وستأخذ الدوافع يتجمع زخمها ولن يتوقف حتى ينهي أعماله، إذن عندما يستبد بك التسويف وتمسك المماطلة بتلابيبك ألزم نفسك وأجبرها على قضاء دقائق في عمل ما لاتحب وستجد نفسك بشكل لاإرادي منهمكا فيه قد اجتاحتك رغبة عارمة في قضائه وإنجازه.
وأول علاج لهذه المشكلة أن تدرك جازما أيها الفاضل أنك إن لم تتعب نفسك مختاراً الآن، تعبا بسيطا ستتعبها مجبرا تعباً مضاعفاً في المستقبل عندما تتراكم عليك الأعمال وتضيق الخناق عليك وتصل إلى نقطة اللاعودة، وأن تعي كذلك أن المتاعب لا تأتي من التكاليف التي نقوم بها بل من المهمات التي نسوفها وتبقى عالقة في الوعي تنهش فيك.
ومن الإستراتيجيات المجربة لإنجاز المهمات وتقليص نفوذ التسويف ما يسمى ب(قضمة الفيل) وهي تعني تجزئة المشاريع وتقسيمها على مراحل والبدايات الصغيرة أسلوب فعال للتحايل على جهاز (اللوزة) في المخ وهي التي غالبا ما تصدر تحذيرات عندما نهم بالقيام بأعمال كبيرة لم يسبق لنا القيام بها! إن البداية الصغيرة تعني أن تختار من مهامك المتراكمة مهمة واحدة..
عندها ستجد أن كلمة مستحيل قد فارقت قاموسك دون رجعة وكل ما ترجوه سيكون واقعاً معاشاً.
وتلك بعض التوجيهات المعينة للسيطرة على التسويف:
1- ضع قائمة بالمهام اليومية واعمل على تجزئتها ما أمكن.
2- ضع لكل مهمة وقتا محددا لا يقبل الاستثناء أو التخلف عنه.
3- كن شجاعا حول البدء بنشاط كنت تتجنبه، فخطوة شجاعة واحدة ربما أزالت التردد والخوف الذي يمنعك من البدء فيه.
4- تخلص من عقدة الكمال وكف عن الإيحاء لنفسك بأنه يجب عليك أن تؤدي الأعمال بشكل مثالي.
5- كافئ نفسك عندما تنهي المهمة كاملة.
6- استعمل قانون (التأكيدات اللفظية والنفسية) مثلا» أنا قادر...أنا أستطيع..أنا جدير أنا شجاع.
7- استعمل وسائل تذكير ظاهرة كالبطاقات واللوحات الكبيرة وعلقها على جدران غرفتك.
8- صاحب الناجحين أصحاب الهمم العالية والإنجازات العظيمة فهما خير زاد لك في طريق النجاح.
وفقك الله وجعلك من الصالحين المصلحين.
شعاع:
ليس هناك من هو أكثر بؤساً من المرء الذي أصبح اللا قرار هو عادته الوحيدة.