لم يعد مفهوم لعبة كرة القدم مثل السابق، إذ لم يعد العاملون في هذا الضرب يعملون من أجل اللهو أو لإملاء فراغ الشباب، أو حتى إشغالهم وإبعادهم عن الاهتمام بقضايا أخرى تورطهم في مسائل تضر بوطنهم وبمستقبلهم.
فكرة القدم أصبحت علماً، ومورداً اقتصادياً، ونهجاً تربوياً وتعليمياً، فلم يعد تمضية وقت وفرجة فقط، فقد أخذت الدول تضع في اهتماماتها تطوير هذا القطاع الذي يستقطب شرائح عديدة من المجتمع من الأطفال، حتى الشيوخ مروراً بالشباب الأكثر ممارسة ومتابعة. ونتج عن هذه المتابعة رصد ميزانيات ضخمة للتطوير والارتقاء بالمستوى، وعُدّ التفوق والحصول على نتائج متميزة مفخرة للدول، وأخذ الناس يعلمون عن الدول المتقدمة كروياً أكثر من دول أخرى متفوقة في مجالات السياسة والاقتصاد والعلوم، فالبرازيل والأرجنتين والآن إسبانيا أكثر شهرة ومعرفة، وعرف الناس في أقصى بقعة في العالم دولة قطر بعد أن حظيت بشرف تنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم.
أين نحن هنا في المملكة العربية السعودية من كل هذا؟
الذي يعرفه الجميع أن أموالاً ضخمة رصدت وصرفت على تطوير الألعاب الرياضية بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة، ولا نبالغ إذا قلنا إن ما تصرفه المملكة على الرياضة والشباب لا تجاريها أي دولة نامية، حتى الدول المجاورة التي لحقت بنا وتجاوزتنا، والسبب التخطيط والإدارة، وأن الدول الأخرى انتهجت العلم والكفاءة والإخلاص، في حين غابت هذه العناصر عندنا وإن بقي القليل من الإخلاص والحماس نحاول أن نعوض به غياب الأهم.
الكبوة التي حصلت يوم الأحد في الدوحة، أو لنجاري معلقي ومحللي البرامج الرياضية الذين أصبحوا متواجدين ليل نهار في المحطات الفضائية ينظرون دون فائدة.. فنقول إن ما حصل «عثرة» يمكن أن ننهض منها، بعد أن أبعدنا من نعتقد أنه السبب «بيسيرو» وإعادة المنقذ ناصر الجوهر.. ولكن أين المسؤولون عن كرة القدم عن أفعال وتخبطات «بيسيرو» وخاصة وأن الجميع قد نبه وحذر منها؟ وهل «بيسيرو» وحده مسؤول عن ذلك؟ ما هي مسؤولية الأجهزة الإدارية، والقيادات العليا؟ وما هي مسؤولية اللاعبين الذين رفعت النجومية من ذواتهم المتضخمة فأصبحوا ينظرون للفرق الأخرى من علو سقطوا على أثره وهي سقطة لن تكون عثرة ولا كبوة إن ظل العلاج بأسلوب المسكنات وغاب العلم والتخطيط، واكتفينا بكبش الفداء «المدرب»، ولا تزال الأجهزة الإدارية التي كانت ترقب أخطاءه موجودة ولم تحرك ساكناً.