أحب الحيوانات اللطيفة، وأربّي في منزلي ست قطط صارت مثلها مثل أفراد البيت. أما الحيوانات الشرسة فلا أكرهُها ولا أتمنّى لها الموت، وأحب زيارتها إذا سافرت إلى بلد لديها حديقة حيوانات «محترمة»، أيضاً أحب استكشافها عبر متابعة القنوات الخاصة بالحيوانات، كل هذا الاهتمام والعطف لم ينجني من فوبيا الكلاب البوليسية، لأن فصائل الكلاب الأخرى أحبُّها وأقدِّر جمالها مثل: الجولدن دول، والبيشون، والبيل دوق، وغيرها.
يا سيدات ويا سادة.. الكلاب البوليسية والصراصير، مخلوقات مرعبة بالنسبة لي، أتذكّر ذات مرة وأنا في مدينة برشلونة الإسبانية كنت أجلس مع صديقة في المقهى، وعند خروجنا صادفنا كلب بوليسي مع أحد رجال الأمن، فركضت بلا شعور، ضحكت صديقتي وقالت: «هل يعقل وأنتِ المرأة الشجاعة أن تخافي من كلب؟» أجبتها: «إنها الفوبيا يا صديقتي لا دخل لها بالشجاعة، فذاك هو مارتن لوثر القائد الأمريكي المشهور الذي عاش حياته في نضال طويل من أجل أن يحصل السود على حقوقهم ومساواتهم بالبيض، كان مصاباً بالفوبيا من المطر وصوت الرعد».
لست وحدي المصابة بفوبيا الكلاب البوليسية، كما أنها لا تخص النساء فقط، بل إن هناك رجالاً أيضاً مصابين بهذا الداء، والحل الوحيد كما يذكر الأطباء المتخصصون في علم النفس هو إما التجنب أو المواجهة، ومع ذلك حاولت أكثر من مرة مواجهة الصرصار والكلب البوليسي لكني أفشل، لدرجة أني حينما أواجهه في مدخل مبنى أو مكان يستلزم التفتيش وأنا داخل السيارة أقوم دون شعور مني بإغلاق باب السيارة، حيث أشعر وكأنه سيقوم بفتح الباب والانقضاض علي!
مع ذلك، نصحني أهلي والمقرّبون منِّي بتحاشي حالة الخوف هذه وخصوصاً أنّ الكلب البوليسي يتواجد في أماكن تفتيش أمنية، آخرها الأسبوع المنصرم في مطار الملك خالد بالرياض، حينما نصحتني ابنتي بمحاولة إخفاء هذه الحالة لأنها قد توحي لرجال الأمن بأن معي شيئاً أخفيه وأكون مثار شبهة. في الحقيقة، وجود كلب بوليسي في صالة الحقائب ممسكاً به موظف أصغر منه مما يوحي بأنه غير قادر على التحكم به، وكذلك تركه يدور بين الناس وينبح و»يهوهو»، مما أثار حالة من الرعب والشعور بأن هناك أمراً خطيراً داخل الصالة، نساء يصرخن، واحدة تركض وتقول: «وخِّروه ذا مغلوث»، أنا اكتفيت بإبلاغ الموظف بأني أشعر بالرعب، وقد أقوم بمشهد هوليودي محترم فيما لو اقترب مني الكلب المغلوث، تفهّم الموظف حالتي وقال لي: «يمكنك الجلوس في آخر الصالة لحين وصول حقائبك!».
أتفهّم ضرورة التفتيش الأمني، وأهمية الكلاب البوليسية، لكنَّ الذي أعرفه أنها تتواجد في كل العالم أسفل ممر الحقائب وتقوم بشمِّها وتفتيشها قبل وصولها، قلت في نفسي: «يبدو أنّ هناك حالة خاصة أو طارئة اضطرت المطار لإخراج الكلب بيننا»، ولأتأكد، سألت الموظف عن هذا الأمر، لكنّه أكّد لي بأن هذا نظام جديد حيث يتواجد الكلب داخل الصالة عند وصول الرحلات الآتية من دول عربية!
هذه المعلومة جعلتني أشعر بانتكاسة في بعض الأنظمة! المهم، ما علينا، ولمواجهة الحالة للمصابين مثلي بفوبيا الكلاب البوليسية ما عليكم إلا السفر بواسطة البر، أما النساء فقولوا: «يارب أفرجها ونقود السيارة».
www.salmogren.net
