العمل الصحافي مهما بلغت إنجازاته الإيجابية وأعماله الجيدة لا يخلو من (الفبركة السلبية) لبعض مواده الصحافية، التي قد تروج لمعلومة غير صحيحة، أو تسوق لفكرة مغلوطة، تتسبب في إثارة الرأي العام تجاه أفراد أو جهات، ما قد يؤدي للاتهام بالتطرف الفكري
أو التشدد الديني، ولعل حادثة إزالة اسم (الطائي) من مدرسة حاتم الابتدائية في حائل بحجة الجاهلية والكفر أنموذجاً حيًّا على ذلك، ما يستوجب (الاعتذار) المتكرر لصاحب الشأن وهو بطبيعة الحال رمزنا الإكليل وجدنا الأصيل (حاتم بن عبد الله الطائي)، الذي سارت في مكارم خصاله الركبان ودُونت قصص كرمه في تراث العجم والعربان، حتى شهد له سيد ولد آدم وخير بني الإنسان محمد صلى الله عليه وسلم، عندما قال مخاطباً ابنته سفانة التي ذكرت مكارم أبيها: (يا جارية هذه صفات المؤمنين حقاً، لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه، خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق).
الاعتذار لأننا أقحمنا اسمه في صراعاتنا الفكرية على لوحة مدرسة، رغم الفارق الزمني الذي يتجاوز (14) قرناً ويشهد بأننا أمة الحوار الجاد والنقاش الموضوعي بعيداً عن الاتهامات المتبادلة، والاعتذار لأن الصحافة ذات المهمة الشريفة في نقل الحقيقة قد دخلها كل من هب ودب، سواءً ملك أدواتها وعلم أعرافها أم جهل أبسط أبجدياتها، فلم يستبِن الرشد من ضحى الحقيقة وهو يُفبرك الخبر، الذي طار به كُتاب الوجبات السريعة.
والاعتذار أيضاً لأن المسألة لم تقف عند حدود لوحة المدرسة، إنما دخلت أروقة (نادي الطائي الرياضي) بحائل للنبش في أوراقه القديمة بزعم أن اسمه الأساسي نادي (حاتم الطائي) ولكن التطرف اختزل الاسم ب(الطائي)، رغم أن المسألة ليس لها علاقة بتطرف فكري أو تشدد ديني، فنظرة سريعة لأسماء الأندية الرياضية السعودية تجدها (مفردة) وليست مركبة، والمركب منها قد تم تغييره لأسباب ليس لها علاقة بهذا السبب المصطنع.
بل الاعتذار لأن الإعلام التربوي في إدارة التعليم بمنطقة حائل تأخر كثيراً في إيضاح حقيقة إزالة اسم (الطائي) من مدرسة حاتم الابتدائية، فكانت النتيجة دخول من لا يملك حق تحرير البيان على خط القضية، ليزيدها تعقيداً ويؤكد الحادثة، رغم أن بيان الإعلام التربوي (المتأخر) يقول بوضوح إن الاسم الرسمي للمدرسة عند تأسيسها في مبنى مستأجر عام 1417ه هو (مدرسة حاتم الابتدائية)، لكن لوحة المدرسة كُتبت ب(مدرسة حاتم الطائي الابتدائية)، أي أضيف (الطائي) بطريق الخطأ إلى الاسم الرسمي المدون في سجلات إدارة تعليم منطقة حائل، واستمر هذا الخطأ قائماً مع ثلاثة مديرين تعليم لمنطقة حائل، حتى العام 1428ه، الذي شهد انتقال المدرسة إلى مبناها الحكومي (الجديد)، وحيث إن عقد إنشاء المدرسة المبرم مع المقاول المنفذ يشمل كتابة لوحة المدرسة، فقد كتبت لوحتها بالاسم الرسمي المعتمد وهو (مدرسة حاتم الابتدائية)، وقد حاول مدير المدرسة في فترة سابقة أن ُيغيّر الاسم بإضافة (الطائي)، إلا أن رد إدارة تعليم حائل يقول بالتزام الاسم الرسمي.
لذلك تستغرب لماذا يتم اصطناع مشكلة اسم وتضخيمها بطريقة الفبركة السلبية تحت زعم أن الإزالة بسبب دعوى الجاهلية والكفر، بل تستغرب أن مسار المشكلة صار بالعكس، فبدل أن تكون المشكلة ضد الخطأ السابق، قامت ضد التصحيح اللاحق، فعندما كانت المدرسة تحمل الاسم الخطأ (غير الرسمي) لمدة تصل إلى (12) عاماً. . لم يخرج من يقول بوجوب تصحيح الخطأ والتزام الاسم الرسمي المعتمد !! ولكن بعد تدارك الخطأ وتصحيحه خرج علينا من يدعي أن اسم (الطائي) أزيل من اسم المدرسة بحجة بالية. فضلاً عن أن اسم (حاتم) أساساً من الأسماء المميزة وذكره بشكل مجرد ينصرف تلقائياً إلى (حاتم الطائي) كما أشار إلى ذلك الدكتور عثمان العامر في زاويته، فما بالك في مدرسة بمدينة حائل، التي هي منطقة حاتم نفسه. بعد كل هذا ألا يستحق رمزنا الإكليل وجدنا الأصيل الاعتذار بحجم الوطن؟ لأننا جعلنا من اسمه مادة للجدل البيزنطي والحوار الفارغ رغم وضوح الحقائق.