كتبت في يوم الخميس 24-1-1432 الموافق 30-12-2010 من حلة الأحرار، بعد أن انطلقت الرياض المدينة تتحرر من بيوت الطين، وأزقة الليل الغافي على قطرات المزاريب, وأضواء الفوانيس، ودعس العسس, يجوبونها لبعث المزيد من الاطمئنان للنائمين، والقائمين، المدينة الشاسعة التي كبرت بأبراجها العالية، ومضاميرها الرامية، وشوارعها الفسيحة، وطرقها المديدة، وأحيائها العديدة، المدينة الراكضة في عمار دائب، ومشاريع لا تأسن في جريانها، ولا تتوقف بتعثراتها..
ألقيت في ذلك المقال بأمنيتي، واحتسبت فكرتها ذاهبة يقينا لكف تتلقاها فتصافحها، ولروح تتقبلها فتنفذها، وحدث بالفعل، حين اقترحت في هذا المقال أن يتعرف الساكنون والعابرون, المقيمون والراحلون، على أعلام الشخوص، والمدن، والعواصم، والمناسبات، والوقائع حديثة العهد، والقادمة من قلب التاريخ، لتكون سمة لها.., فإذا به المهندس «عامر بتال الدوسري» مدير إدارة التسمية, والترقيم, والمسح الجوي بأمانة منطقة الرياض, يضع بين يدي أدلة مثول الفكرة، في معجم ضخم مطبوع، أصدرته الأمانة ضمن ما أصدرت عن هذه المدينة الشاهقة اتساعا وعمرانا، وأضاف معه أدلة، وكتيبات، وخرائط، ومصورات, عن الرياض وضواحيها، أول ما فعلته بي هذه المطبوعات التوثيقية، هو أن وظفت كل نبضة حس فيَّ ببتلاتها هذه الرياض، من شجر, وحجر، وفضاء، وثرى, وبناء, ومعلم, ومنشآت تعليم، واتصال، وتصنيع، بل بكل مورد ماء، واتجاه هواء، ومصدر نور، وتربة نبات فيها..
وتعرفون أن أجمل ما يضفي على النفس من سرور, هو مصدر المعرفة، فجاءت مطبوعات إدارته من الشمول, والثراء, ما أمتع النفس، وعزز الفرح بهذا الجهد الكبير، والتخطيط الدقيق، والمنجز المتنامي مع نمو المنطقة، هو رصد فوري لم يترك شاردة, ولا واردة تبصم ما كان في النفس على الورق, في وثائق لهذه المدينة، نتاج أمانتها وإداراتها المختصة,..
ولعلني قد لمست فيها ما لأمينها من زخم الجهد، كما وجدت لأميرها ظل الساعد العضد، بما مكن من هذا الإنجاز الذي أتمنى أن يصل لمعرفة كل فرد في المجتمع، إما عن طريق رابط الأمانة، وإما في النشاط الميداني للطلاب في المدارس, أو عن أي خطة بأي آلية تمكن من اطلاع الجميع على هذا الكم المنظم من مطبوعات, هي خلاصة جهد إدارة التسمية والترقيم والمسح الجوي، والإدارات المختصة الأخرى في أمانة منطقة الرياض، إذ في مقدمتها (معجم أسماء مدينة الرياض)، وفيه إجابة مسبقة لأمنية متأخرة وردت في مقالي، سدد هذا المعجم الإجابة عنها, على الرغم من أنه في طبعته وحجمه, قد لا يتاح لكل فرد الاطلاع عليه، بينما القرص الإلكتروني المشفع به كنسخة إلكترونية لهذا المعجم المتضمن مع أسماء الشوارع خارطة تطبيقية مصورة لهذه الشوارع، وهو أكثر فاعلية للوصول لكل بيت،..ثم من بين المطبوعات التي زودني بها المهندس عامر الدوسري، ما يلي: (الحدود والمعالم لتقسيمات الرياض) وقد جاءت مطبوعة حسب انتمائها للبلديات، وعددها ست عشرة بلدية، في ست عشرة مطوية، موضحة الأحياء في خارطات مفصلة, ملونة لا يضلُّ المطلع عليها الوصول لأحياء الرياض وشوارعها ومواقعها، إضافة إلى (دليل مواقع البلديات) منفصلا في كتيب مستقل، ثم (الدليل الخرائطي لمدينة الرياض)، فكتاب وثائقي ذو طباعة مميزة بعنوان:
(الرياض في عيون الرحالة)، وهو يحكي بالصور, والكلام، ما قال الرحالة عن الرياض منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- مع توثيق دقيق لمعالم الرياض وآثارها وأنماط البناء فيها، إضافة إلى كتاب توثيقي بعنوان: (الرياض احتفالات ومناسبات) يرصد كل نشاط فاعل احتضنته الرياض، واجتهدت فيه أمانتها ومرافقها في وقته، ثم كتاب: (الرياض التاريخ والتطور) وهو يوثق بالصورة تأريخ تطور مدينة الرياض، مع شرح مفصل لكل ما انطوت عليه مفاصل المراحل، والأخيران باللغتين العربية والإنجليزية، وأضاف إلى هذه الوثائق المبهجة جدولا إحصائيا بعدد سكان المدينة منذ عام 1335هـ، وسجلا آخر بقوائم الحدائق والمتنزهات في مدينة الرياض، القائمة، والمقرر تنفيذها، والمستشرف مستقبلها، ثم هناك خريطة مفصلة شاملة شاسعة بكل الرياض, وما حولها، صورت بدقة متناهية، تخفق الرياضُ بالخاطر حين النظر في تفاصيلها، ولعل أهم ما يشمل كل ذلك العمل المنجز المتميز هو، (الدليل الخرائطي لمدينة الرياض)، ففيه تتبعت كل ذلك، ووقفت على موقع خطوتي، ولهثت فيه بين شوارعها, وأحيائها وصحرائها, وجهاتها الأربع، واتجاهاتها الثمانية.., فشكرا أمانة منطقة الرياض، شكرا..
وأنا أقدم الشكر للمهندس عامر الدوسري، أمده بالشكر للدكتور أمين مدينة الرياض، فعهدي به حفيا بالرياض، كذلك هو عهدي بمبادراته الفورية في الإجابة عن كل ما يخص الرياض, وقد بلغني ذلك من قبل..
فالرياض تنعم بكوكبة متميزة في أمانتها، ولعل الله أن يأخذ بأيديهم، لمواصلة التوثيق، والدأب في تطويرها وتحديثها، وجعلها مثالية كما طموح أمير الرياض.. الذي وقع من أجلها تسعة وخمسين مشروعا قبل أيام، لنجدها قريبا ماثلة فوق أرضها.. تبصم الطموحات في أن تكون مدينة الفرح والاستقرار والنور.