حاولت أن أحيل الرفض الاجتماعي لعمل المرأة محاسبة في مراكز التسوق إلى حرية الرأي والاختيار - مثلما أني قد أعترض على رفض بعض الأمور مع أنها لا تناسبني - لكني أعترض على مصادرة حق الآخر في الاختيار، وهذا موضع الخلاف والاختلاف.
تقول زميلة أستاذة في جامعة (هذا قدر المرأة؟ -بياعة؟) سألتها حينها:
هل تفترضين أن كل النساء حاصلات على الدكتوراه مثلك؟
وهل كلهن حاصلات على بكالوريوس مثل أخواتك؟
وهل كلهن حاصلات على دبلوم تدريب عالٍ مثل قريباتك؟
قالت: لا.
قلت: هل تعتقدين أن كل النساء الحاصلات على المؤهلات السابقة قد وجدن وظائف؟
قالت: لا.
ألا تعترفين بوجود نساء فقيرات لا يملكن قوت يومهن إما لأنهن (معلقات) لا يحق لهن الاستفادة من أي معونات أو برامج اجتماعية وإما أن يكن متزوجات من رجال فاسدين أخلاقيا فلا يسدون احتياجات أبنائهم وإما.. وإما..
قلت أيضا: ألا تلاحظين أننا بمناقشتنا هذه نقضي وقتا فيما لا يفترض أن نقضيه فيه فالوصاية على اختيارات خلق الله وترصد الأسباب التي تدعوهم لقبول عمل دون آخر حديث لا يليق إلا إذا كنا معنيين بتحسين أوضاعهم وإحداث بدائل أفضل، لكن أن نتحدث لنوجد مبررات لمنعهم من العمل فهذا أعده من باب منع الرزق.
لا أرى المجتمع يتألم لعمل الشاب السعودي نادلا في مطعم يحمل الأطباق ويغسلها وهو خريج إدارة أعمال، ويقول له المجتمع: هذه وظيفة شريفة خير لك من السؤال.
الجدل الاجتماعي لم تعلُ وتيرته قط لصالح المرأة فأين الأصوات المتعالية من عمل المعلمات في المدارس الأهلية بلا تأمينات وأينهم من غمط حق المرأة في التقاعد بل لماذا لا ينادون بصرف بدل بطالة للسيدات اللاتي منعن من العمل بسبب وجهات نظرهم الخاصة. أين الأصوات الضاجة من محاربة السعودة الخفية في المعاهد والمراكز الخاصة، بل لماذا لا يوقعون على مطالبة بأن يكون تقاعد المرأة السعودية بعد خدمة عشرين سنة براتب كامل طالما أن الفرص زهيدة أمام الأجيال الجديدة من النساء وليس لديهن إلا تعليم وطبابة النساء. لو علت أصواتهم بهذه الاتجاهات لقلنا إنهم يسعون لصالح الناس ما استطاعوا لذلك.
لكن أن نقول للبياعة وغيرها (هها ادخلي بيتك وصكي الباب) دون أن نسأل بعد ذلك كيف تعيش هذه المرأة، فأظن مجتمعا يحدث فيه مثل هذا يحتاج إلى معالجة بالرقية الإنسانية!