تشهد الساحة الإعلامية الرياضية السعودية.. ومنذ عدة أيام فوضى عارمة من النقد المنفلت.. والتحليل العشوائي الأجوف.. سواء عبر الإعلام المقروء.. أو المرئي وحتى المسموع.
فقد تحوَّل التحليل والنقد إلى عمل من لا عمل له.. وأصبح كل يغني على ليلاه.. ويتحدث حسب ميوله ولون ناديه المفضل.. ومن يريد معرفة ميول أي ناقد في هذا المزاد والحراج التحليلي، عليه أن يتتبع سهام نقده لمن توجه.. فقل لي من تهاجم أقل لك من تُشجع..!
ويشارك في هذه الفوضى الصالح والطالح.. الناقد الفاهم.. والناقد الغشيم، واللاعب السابق المتقد ذهنياً.. واللاعب السابق الجاهل، والمدرب الوطني الناجح.. والمدرب الوطني الفاشل، وبرامج النقد وأستديوهات القنوات التي تملأ الفضاء.. باتت أبوابها مفتوحة على مصاريعها، بلا ضوابط ولا أسس، والدخول إليها متاح بلا إحم ولا دستور.
فقد اختلط الحابل بالنابل، وأصبح صوت العقل لا يُسمع في ظل ارتفاع صوت الجهل وصخبه.. فكل يهرّف بما لا يعرف.
وأصبح الجميع - بلا استثناء - بين عشية وضحاها يفهم في الكرة.. بما في ذلك أصحاب الأعمدة الصحفية الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية الذين تحوّلوا بقدرة قادر إلى مُنظِّرين كرويين، وانضموا إلى طوابير الرادحين.
لم تغب الحكمة، ولم يغب العقل.. ولكن صخب الغوغاء وضجيجهم كان عالياً.. فلم يسمع أحد تلك الأصوات العقلانية.. ومن الحكمة أن يوفر أصحاب تلك الأصوات طرح مرئياتهم إلى أن يركد الرمي.
لقد أصبح ميدان النقد والتحليل مستباحاً من قِبل الكثير من الجهلة والمرجفين والمتشفين والفرحين لخسارة المنتخب.. الراغبين في تصفية حساباتهم مع من يكرهونهم ويحقدون عليهم.. سواء كانوا لاعبين أو مدربين أو إداريين.
وكان الله في عون المسؤول الذي يبحث عن رأي راشد يستنير به في هذه المرحلة.. أو صوت عاقل يستند إليه، أو على الأقل يبحث عن (جو) هادىء للتفكير وبحث الأسباب وإيجاد الحلول.. ولكن هيهات.. فالأصوات تتعالى.. والضجيج يصم الآذان.. والفوضى في كل مكان.
ولكن هناك أمراً إيجابياً وسط هذه الغابة من الضوضاء.. أعتقد أنه مهم للغاية.. وهو أن تلك الفوضى.. وذلك الضجيج قد كشف عن حقيقة كل من شارك فيهما، وكشف مستوى فهمه وإدراكه، وأي عقلية يمتلكها.. وبالتالي فإن المسؤول وصاحب القرار أصبح لديه فكرة واضحة وخلفية جلية عن تلك الأسماء من النقاد والمحللين من لاعبين سابقين أو مدربين وطنيين أو إعلاميين.. ولن (ينغش أو ينخدع) فيهم مثلما (انغش وانخدع) في غيرهم وضمهم إلى لجان قادت توصياتها الرديئة المنتخب إلى حيث التدهور الذي يعيشه.
فشكراً لهذه الأزمة، وشكراً للصخب والفوضى اللذين كشفا تلك العقول.. وفضحا تلك الأسماء التي كانت تخفي وراء مظاهرها فكراً أجوف.. وأذهاناً خاوية.