سعادة الدكتور خالد أنا شاب أبلغ من العمر 33 سنة ومتزوج من 10 سنوات وزوجتي إنسانة عظيمة ومن أسرة كريمة وبيننا حب كبير وحالتي المادية ممتازة ودخلي عال ولا ينقصني شيء، ولن أجد أجمل ولا أحن قلبا منها مشكلتي يا دكتور تتمثل في عدم الإنجاب وحتى الآن لم يجزم الأطباء بالسبب وأنا أعيش صراعا داخليا رهيبا فهل أتزوج وأجرب حظي فلهفتي على الولد عظيمة وعندما أرى من حولي مع أبنائهم تتضاءل الدنيا أم ماذا أفعل أرشدني وهل أعاب على تلك المشاعر الملتهبة وفقك الله.
ولك سائلي الفاضل الرد:
اتفق الحكماء على أن أهم أسباب السعادة في هذه الحياة هي الإيمان بالقضاء والقدر, والتسليم بأقدار الله درب ميسر لسكون النفس وراحة البال وتلك هبة ما نالها إلا المسلم فلله الفضل أولا وأخيرا.
يقول العزيز سبحانه وتعالى {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا} فلن يصيبك أيها الفاضل إلا ما كتب الله لك ما أصابك, فالخيرة لله والحمد له على ما وهب وما منع، والبشر سيشربون في هذه الحياة كؤوسا شبه متساوية من الحرمان والألم وإن بدا التفاوت بينهم، ولا أجدك أيها العزيز مغاليا في لهفتك على الإنجاب وعلى وجود الولد.
لا تعذل المشتاق في أشواقه
حتى يكون حشاك في أحشائه
وستبقى في سجلات البشر قائمة من المفقودات وكل إنسان لو اجتهد في البحث عما ينغص عليه حياته ويكدر صفوها لوجد من الأمور والأشياء والظروف ما يحقق له تلك المهمة وأحسب أن الإيمان بالله والتسليم المطلق بأقدار الله هو السلاح الأمضى لمواجهة الأزمات ومغالبة الشدائد، وما أروع ما قاله أحد الفلاسفة: إن من يئن من ضرسه يظن أن من لايشتكي وجع الضرس أسعد من في الأرض!
لذا إن أردت أن تقضي حياتك بسعادة وهناء فلا بد أن تتسلى بما وهبك الله من منح وهبات حرم منها الملايين، استمر بالعلاج ولا تيأس أيها العزيز والله الله بالدعاء والاستغفار وبذل الجهد وعدم القنوط، استمر في العلاج وإن تبين لك مستقبلا أن العيب منها فلك الزواج بعد أن تطيب خاطرها وتخيرها بين البقاء وعدمه، وإن اتضح لك العكس فمن باب المروءة والرجولة أن تعرض عليها كذلك كلا البديلين وفقك ربي ويسر أمرك ورزقك بالنية والذرية الصالحة.
شعاع:
إن الأزمات يفرح بها الناجح والفاشل كلاهما، أما الناجح فيجد فيها تحديا ولذة مغالبة الأخطار ومتعة تجاوز الصعاب، وأما الفاشل فيفرح بها لأنها جسرة نحو الهروب ودليله وعذره في القعود عن الطلب.