وإني أيضا أحب أن أفرغ رأسي من الأنباء..
من كل الذي يكدر الصفو، ويخدش الهدوء، ويأكل كما النار عشب الفرح في النفوس..
ويلتهم ماء الطمأنينة في العروق..
وأضيق بما يعكر فرحة الذين مضت بهم السنون، الذين تركوا آمالهم من خلفهم،.. ومع رجفة أطرافهم، وانحناءة ظهورهم يتصيدونها في كلمة عابرة، أووجه سعيد..
وأحزن كثيرا لشتات الإنسان في متاهات الكثرة التي تعتري الحياة من حوله، وخراجها هباب،..
وتبكيني كفَّ بائس يتصيدني بجوار عربة يستجدي ما أجود..
وتعتريني كآبة ولا تفرحني غلالة لوجه الحقائق في خفي مسار الإنسان..
وتقلقني الفجوة بين المنظرين لأبنية الإنسان في مؤسسات المجتمعات وبين الواقع والميدان..
وآلم بما أسمع مما تجري عليه صحائف الوقائع في الجوار..
وأتعجب ممن يلقي بنفسه للتهلكة في تظاهرة المشهد..
وأتحسر بما أقرأ من وجوه الحقائق، والتواءات الأكاذيب في الخلط بين الحق، وبين الطمع في قضايا الناس..
وأقلب الفكر فيمن يرقص على الجثث، ومن يغني على الدمار، ومن يفرح بالحروب، وفيمن يبنون على نقائض غيرهم، وينتهزون سقوط سواهم..
وإني الآن، أفرغت الوقت لصوت صبيب المطر عن الميازيب الهاطلة من الأعالي..
ربما يغسل مع الأرض آثار الإنسان الذي عفَّر الواقع بكثير من ظلمه، وغفوته، وأكاذيبه، وتمثيله، وفراغه، وقسوته، وتسلطه، ورِدَّته،..
لأني مثلكم أفرح بالمطر,..
كما الطفل حين يركض يغسل وجهه كلما أقبلت قطراتها من السماء،..
فالمطر رسالة الرحمة، وفاتحة الثواب،..
ساقي التراب مطهر الأفعال والأسباب..
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ}..