مع إشراقة الدولة السعودية الثالثة كان أغلب المساجد بدون أئمة لقلة الدعاة، وازدادت حدة المشكلة مع توالي الفتوح وتوحيد البلاد، فكان على الملك أن يواجه هذه المشكلة.. وقد انتهج في هذا المجال عدة تدابير منها:
1 - جعلَ المساجد الكبرى بأئمة وخطباء غير متفرغين ممن كانوا يشغلون مناصب القضاء والتدريس.
2 - إنشاء المؤسسات التعليمية التي تكون نواة لتخريج أئمة مؤهلين، مثل إنشاء دار التوحيد في الطائف سنة 1364 هـ.
3 - أسند لرئاسة القضاء الشرعي المهام المتعلقة بالمدرسين في المساجد.
4 - توجيه الاهتمام بأحوال الأئمة، وأن يمنح القائمون بوظيفة الإمامة والخطابة والدعوة معاشات تؤهلهم للتفرغ.. وتضمن لهم المعيشة الكريمة الهادئة.
ولقد كان لإمام المسجد في عهد الملك عبد العزيز دور كبير في الدعوة، خصوصاً بعد تأسيس الهجر سنة 1330 هـ، فقد كانت لهم إسهامات في مجال الدعوة نتيجة لاتصالهم بالناس في اليوم خمس مرات.
وكان الأئمة والخطباء يرجعون إلى بعض الكتب والدواوين الوعظية في خطب الجمعة والأعياد وأشهرها في ذلك الوقت ديوان الشيخ عبد الله بن حسين المخضوب.
أما بالنسبة لراتب الإمام فإنه غالباً ما يكون هناك وقف على المسجد ينفق منه على المسجد وإمامه.
أما بالنسبة للهجر التي أُنشئت في ذلك العصر - وهي كثيرة - فكان إمامهم قاضياً مكلّفاً من قِبل الملك عبد العزيز، فان لم يكن هناك قاضٍ طلبوا من الملك إماماً (مطوعاً) فيرسل لهم من يقوم بذلك.
ولما تدفق البترول وازدادت موارد الدولة رتّب الملك الرواتب للائمة واهتم بأحوالهم المعيشية.
هكذا كانت للملك اليد الطولى في تنظيم تنصيب الأئمة والخطباء، للوعظ والإرشاد والتوجيه، وإمامة الناس في الصلاة، وقد أصبحت الإمامة وظيفة ثابتة لها مخصصات وعليها واجبات، وللقائم بها حقوق مادية ومعنوية.. فقد مكَّن هذا التطور من تحقيق أهداف المسجد، وأهمها الدعوة إلى الله بالعبادة والوعظ والتوجيه في عصر أصبح لا يكفي فيه الاعتماد على الأعمال التطوعية.