أغلب من يتم ضبطهم في مخالفة التسلل عبر الحدود إلينا تغلب عليهم سمة الوهن ومظاهر الفاقة والعوز، كما أنه لا يخرج عن صورتين؛ إما البحث عن الرزق، أو ترويج وتسويق كل ما هو محظور أو ممنوع من القوت إلى القات مروراً بالحيوانات والأسلحة وما سواها.
الطريف أو الغرائبي في أمر هذه المعروضات على الحدود وما حولها هو بيع صغار الغزلان والظباء والطيور وبعض الكائنات الجميلة، وقد تجد مع نفس البائع صغار الضباع والذئاب والثعالب، بل تجد بحوزته الأسلحة والرصاص والغدارات وما شابهها، لتعجب من أمر هذه المفارقات، فالجميع يريدون بيع كل شيء.. وأي شيء.. وبأي ثمن!!
حالات هذا التسلل خطيرة لا سيما عندما تتداخل فيها الكثير من الصور والأهواء، فلا يمكن للجهات المعنية هناك رغم سعيها المتواصل أن تميز أو تفرز الجيد من الرديء.. أو تفرق بين من يبحث عن القوت بطريقة نظامية تكفل له البقاء وبين من يتاجر بالسموم والممنوعات طلبا للمال على نحو شحنات القات المخدر أو أي ممنوعات أخرى!!..
إلا أن ما يمكن استدراكه هو أن ظاهرة النزوح ليست قضيتنا لوحدنا إنما بات العالم يعاني منها لا سيما في الكثير من الحدود في أفريقيا ووسط آسيا وشرق أوروبا، حيث تشهد نقاط الحدود وخطوط التماس بين الدول هذه الحالات المتزايدة للمتسللين؛ نظراً لاختلال ميزان المعيشة وضراوة الفقر في بعض الدول حتى بات مألوفاً أن تجد هناك دولة غنية يجاورها دولة فقيرة.
فغياب الحلول لمثل هذه الممارسات الخاطئة سيزيد من صور التراجع وامتهان الإنسانية في مثل هذه الارتحالات التي يأتي أقساها حينما يتم اصطحاب الأطفال وحمل العجائز وكبار السن على الأكتاف بأي حجة كالبحث عن أهل أو توفير علاج.
هنا في الداخل من يتفاعل مع قضية التسلل ويفاقمها ويزيد من تطورها وهم هؤلاء الذين يسهمون في نقل المتسللين والمخالفين لنظام الإقامة إلى المناطق الداخلية، حيث يوسمون ب»المهربين» لتنشط للأسف هذه التجارة الملتوية رغم خطورتها وأذاها، فلا تجد الجهات المختصة بداً من الكشف عن هؤلاء المخالفين ومن معهم من المتسللين عبر وسائل الإعلام في أوضاع غير إنسانية داخل الحاويات أو بين شحنات الأغنام، أو بمعية الأعلاف أو القش أو داخل الإطارات وما شابهها، لتكشف المزيد من مثل هذه الممارسات الأليمة.