كتب - عبدالعزيز المتعب :
يزخر الشعر الشعبي بكثير من النماذج الراقية فيما تهدف إليه من مكارم الأخلاق ضمن قصائد شعراء كبار في شعرهم وتعاملهم وما قدموه من عصارة فكرهم في كل أغراض الشعر، وبما أن الصداقة والمحبة في الله أمر حث عليه ديننا الحنيف وقيمنا ومبادئنا التي نشأنا وتربينا عليها، فإن الشعر الشعبي الجزل ممثلاً بنصوصه المتفردة في روائع الرموز من شعرائه قد صور الصداقة بين الشعراء بإسلوب رصين يعكس أبعاد الصورة النبيلة كأنموذج جدير بإتباعه لمثاليته كمنهج ينم عن أدب رفيع وخلق رصين واحترام متبادل ومؤازة وإيثار متناهٍ، وها هو الأمير والشاعر الكبير سعود بن محمد في ردّه على قصيدة للأمير الشاعر محمد الأحمد السديري يقول:
رفعت صوتٍ كلكم تسمعونه
محمد رفيقٍ لي ولاني مخلّيه
نرخص عزيز النفس فيما تبونه
لو كان في طورٍ صعيبٍ مراقية
ومما يصور قرب الأصدقاء الشعراء من بعضهم دائماً بشكل لا يقبل تأويل لمثالية الصداقة الحقة، قول الشاعر الجزل عمير بن زبن مخاطباً صديقه الشاعر عبدالله السلوم رحمه الله:
ياما تمنيتك ليا صرت مهموم
تبعد همومي لا أرتكم فوقي الشيل
أغليك يوم إنك نزيهٍ ومعصوم
عن الخنا ودروب الأنذال بالحيل
والصداقة الحقيقية الكبيرة تمتد لكل الأزمنة؛ لأن القضية في محورها قضية رجال بمعنى الكلمة وهم علامات مضيئة في كل جيل، وها هو الشاعر خالد المريخي يصف أحد أصدقائه:
لي صاحبٍ يسوى ثلاثين رجّال
كل شهد وأنا بعد شاهدٍ له
طيّب.. وفي.. كريم في كل الأحوال
ومن عاشره أقسم قسم ما يملّه
وقال الشاعر محمد بن محسن بن عمره العتيبي مخاطباً صديقه الشاعر فراج بن جلبان السبيعي مضمناً المعنى بعض صفاته الكريمة:
ليا قام ابن جلبان ما عاد أحد مكلوف
خبير الهوى وحبال مثله يرهنه
حليف الوفاء والصدق ما قيل عنه زهوف
لعل المنايا للرخوم يتعدنه
الذي بادله الوفاء والتقدير بمثلهما من جانبه:
أجي والأنام نيام والا الصفوف أوقوف
ونجر المثارا لأجل ابن محسن ادنه
رفيق بشعر وخف نفس وكرم موصوف
حباله عسيرات المواريد يردنه