Tuesday  25/01/2011/2011 Issue 13998

الثلاثاء 21 صفر 1432  العدد  13998

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

شخصياً لا أرى إلصاق سمة «الإسلامية» ببعض جامعاتنا السعودية ونعتها بهذه الصفة وكأن غيرها خلاف ذلك، فالكل في بلادنا المملكة العربية السعودية صبغته (إسلامية) حتى ولو لم ينص عليها، خاصة أن هذه الجامعات في عهدها الجديد تشابهت في كثير من مناحيها وتماثلت في تخصصاتها فالطب والهندسة والحاسب الآلي موجودة في الإمام مثلاً كما أنها عند الملك سعود!!، وشخصياً أنا كذلك مع من يقول بوجوب إتقان الطالب في جميع جامعاتنا اللغة الإنجليزية قراءة و كتابة وتحدثاً، وأتطلع إلى اليوم الذي لا يتخرج فيه طالبنا أياً كان تخصصه إلا وهو يجيد هذه اللغة العالمية الأولى إجادة تامة، وما يضير لو أُقرت السنة التحضيرية على الجميع حتى التخصصات الإنسانية وعلى رأسها العلوم الشرعية واللغوية وُركز فيها على اللغة الإنجليزية بشكل مكثف وقوي، ولكنني في الوقت ذاته فأنا ضد تدريس أبناءنا بغير لغتهم الأم في جميع التخصصات الهندسية منها والطبية والاقتصادية والإدارية فضلاً عن غيرها إلا عند الضرورة القصوى وفي أضيق الحدود واعتبار هذا الوضع وضعاً مؤقتاً إلى حين التوصل إلى حل جذري لهذه المشكلة التي أصبحت هي الأصل في بعض الكليات وللأسف الشديد، والسبب باختصار أن المهم في المتلقي لحظة التعلم قوة التفكير وجودة التحليل والاستنتاج وهذا الأمر يتحقق حين يكون التدريس بلغة المتعلم الأصلية التي تجذرت في ذاته منذ نعومة أظفاره وحتى لحظة جلوسه على مقعد الدراسة الجامعية، فضلاً عن أن الكثير من العلوم - حتى الطب على جلالة قدره والتخلف في ترجمة كتبه - هي مجموعة مصطلحات يمكن مع حفظها أن يٌشرح المنهج الجامعي للطالب باللغة العربية وتورد الكلمات في موضعها فيُجمع بين تحقق الفهم الكامل و التوصل إلى المعنى المراد باللفظ المتعارف عليه دولياً أو على الأقل ما هو متداول في الأوساط الطبية العربية والأوربية مثلاً في الوقت الراهن.

وفي ذات السياق أرى وأتمنى إقرار «القرآن الكريم» على جميع طلاب جامعاتنا السعودية في جميع الفصول الدراسية بواقع ساعتين في كل فصل دراسي، ويجمع فيه بين الحفظ والقراءة والتفسير وبيان وجوه الإعجاز، وذلك لأسباب علمية وتربوية بحتة، فضلاً عن السبب التعبدي المعروف، أهم هذه الأسباب:

أن القرآن الكريم يقوي البيان لدى الطالب ويمنحه الفصاحة وجودة الكلام، الشيء الذي يفتقده كثير من طلابنا وطالباتنا اليوم وللأسف الشديد، وهذا – في نظري - سر حفظ وتلاوة نصارى لبنان رواد القومية العربية لهذا الكتاب العظيم.

* أن هذا الكتاب المبين يعطي الطالب ثراء لغوياً وكماً اصطلاحياً لا يمكن أن يجده في غيره.

أن مداومة قراءة هذا النص الرباني تورث الأمن النفسي والطمأنينة والرضا لدى القارئ والسامع غالباً، والطالب في هذه المرحلة العمرية الحرجة «سن المراهقة» أحوج ما يكون إلى كل ذلك، ولو داوم الشاب على تلاوة كتاب الله فلن يجد نفسه حائرة ضائقة، ولن يضيع وقته في الغدوة والروحة بحثاً عن الطمأنينة ومن أجل القضاء على «الطفش» الذي سربله وخنق عليه حياته.

أن الوقوف على دلالات النصوص ترسم للمسلم منهج الحياة الوسط فيعيش في كنف كتاب الله في توازن فكري رائع أشد ما نكون حاجة له اليوم.

أن الآيات تفتح أفق التفكير الحر على مصراعيه لدى الطالب، وتمنحه اتقاداً ذهنياً، وانفتاحاً عقلياً، واتساعاً في الأفق، وجزالة في التصور والاستشراف والمقارنة والتحليل، وكلها ذات أهمية بالغة في العملية التعليمية في جامعاتنا السعودية المراد لها أن تصل إلى سدة التميز في عصر التطوير والجودة والاعتماد الأكاديمي المنشود.

أن القرآن الكريم يبحر بطالبنا مع عالمه الغيبي والمشاهد، و يسبر النص الرباني الخالد أغوار التاريخ بأسلوب فريد فيجعل الطالب في سياحة حقيقة تتجاوز حدود الزمن والمكان، ويغادر فيها هذا الشاب عالمه إلى عالم الملائكة والجان، وهذا كله يعطي تصوراً كاملاً عن حقيقة الإنسان ودوره في عالم الحياة وعلاقته بمن حوله من ملائكة وجان فضلاً عن بني الإنسان.

أن في هذا الكتاب المبين أساس كل شيء، من ذلك الحقائق العلمية والتجارب البشرية الماضية والحاضرة وحتى المستقبلية، وما يدريك لعل القارئ للنص القرآني الخالد يقف على أصل علمي هندسي أو طبي أو اقتصادي من خلال تفكره وإمعانه النظر في آية من كتاب الله نقرأها صباح مساء، ولا ندرك دلالتها ولا نعي معالمها ولا نستطيع سبر أغوارها، وبهذا نصل إلى نقطة البداية لبناء نظرية علمية تخدم البشرية يوماً ما.

أن القرآن الكريم هو دستور هذه البلاد ومصدر تشريعها.

أن في القرآن الكريم درسا رائعا للطالب وتدريبا حقيقيا للمتلقي في كيفية اختزال الحدث، والتركيز على عقدة القصة، كما أن فيه كذلك تنمية مهارة إعادة إيراد الحدث نفسه بلغة أخرى حين يختلف السياق ويتباين الموقف والحالة الثالثة إيراد القصة كاملة بأسلوب متميز بليغ، وكل هذا يعطي طالبنا جزالة وثراء في البيان وبلاغة وإجادة في الأسلوب حين الكلام.

آه..كم هو رائع أن نحقق التميز والجودة في تعليمنا العالي وكذا العام، وأعتقد في هذا المقام أن مشوارنا يبدأ من هنا، وأن نقطة التميز الأولى في جامعاتنا السعودية هي هذه الخصيصة التي تحفظ لنا هويتنا وتحقق وسطيتنا ونفتح أفق تفكيرنا من جديد، وسيحترمنا العالم جرائها، وسنحترم نحن خريجينا حين نراهم في الميادين المختلفة وكل منهم عليه لباس الوقار ويتميز بسمات أهل القرآن، والشرط الأهم في هذا أن تعطى المادة حقها من الاهتمام، وأن يختار لها أهل الاختصاص المتميزين علمياً وتربوياً ليس كما هو الحال في بعض مدارسنا وعدد من كلياتنا المتخصصة وللأسف الشديد..

وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
(القرآن الكريم) في جامعاتنا السعودية
د. عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة