المنطق هو (صون التفكير عن الزلل) أو (هو القواعد الذهنية التي تجعل التفكير صحيحاً)، إذن ثمة منهجية معينة تساعد على أن نفكر بشكل صحيح، فلماذا لا نأخذ بها؟ إذا كان هناك أداة تساعدنا على الوصول للنتائج الصحيحة، فلماذا لا نتعلمها في محيطنا، في مدارسنا في جامعاتنا؟
الذي تتاح له الفرصة لزيارة الغرب، ويتعامل معهم عن قرب، ويركز على طريقة تفكيرهم، يجدها مختلفة جداً عن طريقة تفكيرنا، لا لشيء إلا كون تفكيرهم في الغالب الأعم يسير بطريقة منطقية، والنتائج التي يتوصلون لها غالباً ما تكون صحيحة، وقبل أن يعترض أحد على هذه المقارنة عليه أولاً أن يختلط بالمجتمع الغربي وسيعرف مدى عمق مثل هذا الكلام، وليس ثمة داع لسوق الأدلة والبراهين على ذلك إذا ما قارنا المنتج الفكري في عالمنا الشرقي مع عالمهم الغربي.
ربما نكون قد ردمنا جانباً كبيراً من (الهوة) بيننا وبين الغرب في المنتجات والوسائل والأدوات والمباني، ولكننا لم نردمها بعد (في طريقة التفكير)، و(كيفية الوصول للنتائج الصحيحة)، التحدي ليس في الوصول إلى مدينة خرسانية مبهرة، ولكن التحدي في الوصول إلى مجتمع يفكر بطريقة صحيحة.
عندما نتبادل الخطابات الدينية والثقافية والاجتماعية بيننا، لا نراها تسير وفقاً لمنطق معين بقدر ما تسير عبر قنوات عاطفية تقلب الحقائق وتغير المعاني وتحيل إلى نتائج غير صحيحة، فالذي يفجر نفسه وسط مجموعة بريئة من البشر، هو فعل غير صحيح لطريقة تفكير ضالة لا يحكمها المنطق ولا العقل ولا الدين، والذي يحل المشكلة بمشكلة أخرى، هو عمل يفضي إلى نتائج غير سليمة، والذي يتعصب لفريق رياضي ضد فريق آخر هو عمل خال من التفكير المتوازن، والذي لا يجيد فهم المقدمات، هو في النهائية لا يستطيع أن يتنبأ بالنتائج، والذي يدرس طوال عمره الدراسي بنظام (حشو المعلومات) هو في النهاية غير قادر على عمل (بحث علمي) بأدواته المنهجية الصحيحة التي تعطيه نتائج صادقة وثابتة، والذي لا يستطيع التعامل مع مهارات التفكير: المقارنة والتحليل والتوصيف وحل المشكلات والنقد لا يستطيع في النهاية أن يفهم الموقف عطفاً على أن يسيطر عليه.
المدرسة هو المكان الأول لتعليم التفكير بطريقة صحيحة، ولكنها قد تكون غير ذلك إذا ما غابت مهارات التفكير عن مناهجها، وإذا ما أصبح المنطق فكرة غير قابلة للنقاش.
لا نريد المنطق ذاته بقدر مانريد أن نفكر بشكل منطقي، ولأهمية ذلك، انظر إلى زميل تعرفه يفكر بطريقة منطقية تجده أقل شخص يتعرض لمشكلات، وأكثر شخص يحقق النتائج، وأكثر شخص خال من المشكلات النفسية والاجتماعية، وستجده أقدر فرد على فهم الموقف الذي يتعرض له والسيطرة عليه، وأقدر شخص ينجح في مجال القيادة وأكثر شخص يتفق الناس حوله.
والتفكير الصحيح واحد من أهم الأدوات التي تحقق السلام والحب والتفاهم.