|
الجزيرة - عبدالله الحصان - عبدالله البراك
واصل منتدى التنافسية فعالياته أمس بالعديد من الجلسات بمشاركة مسؤولين من المملكة والخارج وتناول وزير البترول والثروة المعدنية المهندس على النعيمي في كلمته خلال الجلسة الأولى ثلاث نقاط رئيسية هي سياسة المملكة البترولية، الاقتصاد العالمي، وسوق البترول وقال النعيمي: إن الحديث عن السياسة البترولية السعودية في عالم متغير يتسم بالمنافسة بين دوله وشركاته، ومن الممكن القول إن لهذه السياسة، التي تتم بتوجيهات وإشراف مباشر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لها ثمان منطلقات رئيسة:
أولاً: الاعتدال، فالسياسة البترولية للمملكة تتميز بالاعتدال والعمل على تحقيق الاستقرار إقليمياً ودولياً ورفاهية الإنسان مع استخدام كافة الموارد لتحقيق هذه الأهداف.
ثانياً: التعاون مع دول العالم في مختلف الجوانب فالمملكة تربطها علاقات وثيقة مع معظم دول العالم، ومبدأ التعاون العالمي الذي تتبناه المملكة كسياسة عامة لها، يشمل الجوانب الاقتصادية، بما في ذلك البترول والطاقة، ويشمل ذلك التعاون مع كافة الدول المنتجة للبترول، من داخل أوبك وخارجها، فبالرغم من وجود بعض الاختلافات من حيث السياسات فإن هناك قاسماً مشتركاً بين الدول المنتجة للبترول والمتمثل في استقرار السوق البترولية على الأمدين المتوسط والطويل، وهذا الأمر يُعد من أهم أهداف السياسة البترولية للمملكة. والمملكة دول مؤسسة لمنظمة أوبك، وتقوم بدور رئيسي فيها.
ثالثاً: استقرار السوق البترولية، والذي يعد هدفاً أساسياً للسياسة البترولية السعودية، فاستقرار السوق البترولية الدولية يعني ركيزتين رئيسيتين:
الركيزة الأولى: توازن العرض مع الطلب، مع وجود مخزون تجاري مناسب، لاستمرار إمداد المصافي البترولية لمدة كافية، وبدون أي انقطاع. والركيزة الثانية: استقرار أسعار البترول عند معدلات لا تضر بوتيرة النمو في الاقتصاد العالمي، وخصوصاً في الدول النامية، وفي نفس الوقت تحقق دخلاً مناسباً للدول المنتجة، التي تمتلك ثروة ناضبة وهذه المعدلات من الأسعار يفترض أن تحقق عوائد مناسبة للشركات البترولية بغض النظر عن نوعها، من حيث الملكية والحجم، وذلك من أجل الاستثمار بشكل مستمر في كافة مراحل الصناعة البترولية، وهو استثمار طويل المدى، ويتسم بدرجة عالية من المخاطرة خصوصاً أن بعض مراحل الصناعة كالتكرير والنقل قد لا يكون مغرياً للمستثمرين.
رابعاً: الاهتمام بالسوق المحلية، فبينما تهتم سياستنا التجارية البترولية بتحقيق عوائد مناسبة من تصدير البترول إلا أننا نسعى في نفس الوقت إلى تسخير الصناعة البترولية من أجل تنمية الاقتصاد الوطني.
خامساً: الاهتمام بالجانب الإداري حيث تدرك المملكة أنه من أجل إيجاد صناعة بترولية منتجة وقادرة على الاستمرار ووالمنافسة وتحقيق السياسة العامة للدولة في جوانبها الاقتصادية والبترولية، فإنه لا بد من وجود صناعة بترولية قادرة على تحقيق هذه الأهداف، ومن أهم الجوانب في هذا الاتجاه إيجاد النظام الإداري المناسب والاهتمام بالعنصر البشري تعليماً وتدريباً وتأهيلاً.
سادساً: الاهتمام بالجوانب البيئية في الصناعة البترولية، فحماية البيئة تعتبر واحدة من أهم أولوياتنا وهذا يشمل إنشاء وصيانة المشاريع المختلفة على أفضل المواصفات البيئية العالمية كما أن هذا يشمل منع ومحاربة التسربات البترولية على اليابسة أو في البحار وتمتلك شركة أرامكو السعودية تجربة متميزة، ومعدات متطورة لمحاربة وتنظيف التسربات البترولية البحرية في حال حدوثها.
سابعاً: الاهتمام بالتقنية، فكما هو معروف فإن تطور الصناعة البترولية واستمرارها وتحقيقها إنجازات مهمة خلال عمرها، الذي يمتد إلى أكثر من مائة وخمسين عاماً، يعود في الدرجة الأولى إلى تطوير تقنيات استكشاف، وإنتاج وتكرير البترول، وتولي المملكة هذا المجال أهمية خاصة فالجامعات السعودية الرئيسية ومراكز الأبحاث لديها برامج وإنجازات في الدراسات والأبحاث البترولية، ولدى أرامكو السعودية مركز متخصص للأبحاث والتطوير، تمكن العام الماضي من الاحتفال بتحقيقه مائة براءة اختراع وإنجاز علمي، في مختلف مراحل الصناعة البترولية.
ثامناً: النظر إلى البترول كجزء من منظومة الطاقة، سواءً على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي فمصادر الطاقة المختلفة تكمل بعضها البعض كما أن العالم في حاجة لها جميعاً لأسباب بيئية ولتلبية الطب المتزايد على مصادر الطاقة نتيجة للنمو الاقتصادي العالمي وزيادة عدد السكان. وقال النعيمي: إن المملكة بدأت باتخاذ الخطوات اللازمة نحو استخدام عدة مصادر للطاقة محلياً، وبالذات الطاقة الشمسية والطاقة النووية.
تفاؤل بوضع السوق النفطية عالمياً
وفيما يتعلق السوق البترولية الدولية قال النعيمي: إنني متفائل بوضعها هذا العام والأعوام القادمة حيث ستكون ميزتها الرئيسة الاستقرار في العرض والطلب، والاستقرار في مستوى الأسعار، كما أود أن أشير إلى أن سياسة المملكة البترولية هي سياسة راسخة وثابتة وواضحة المعالم تهتم بالوضع الحالي والمستقبلي مشيراً إلى أن السوق خلال العام الجاري ستكون في مرحلة توازن بين العرض والطلب مع وجود مخزون تجاري مناسب، وطاقة إنتاجية فائضة يتم استخدامها في حالة وجود أي ظرف طارئ غير متوقع، لأسباب سياسية أو طبيعية في المناطق المنتجة أو المستهلكة للبترول وأضاف النعيمي: أتوقع استمرار زيادة الأسعار عند المعدلات التي كانت عليها العام الماضي، والشيء الوحيد الذي أخشاه هو ضغط المضاربين والمحليين وبعض المستثمرين في السوق الآجلة على الأسعار من أجل دفعها للارتفاع أو الانخفاض، بعيداً عن عوامل السوق الطبيعية وتابع النعيمي: من المتوقع أن يستمر الطلب العالمي على البترول في النمو هذا العام وخلال الأعوام القادمة وتشير أغلب الدراسات بأن زيادة الطلب العالمي على البترول ستبلغ ما بين (1.5 إلى 1.8) مليون برميل يومياً أي بنحو (2%) هذا العام وذلك مقارنةً بالعام الماضي.
ومضى: ستتركز الزيادة في الطب العالمي على البترول في ثلاث مناطق رئيسية هي جنوب شرق آسيا وبالذات الصين والهند ومنطقة الشرق الأوسط و أمريكا اللاتينية وهذا الاتجاه الجديد للطلب العالمي والذي بدأ منذ عشرين عاماً من المتوقع أن يستمر ولكن بشكل أكثر تسارعاً خلال الأعوام العشرة القادمة، وقد يمثل هذا العام 2011م نقطة تحول مهمة في هذا الاتجاه حيث يقترب مستوى الطلب على البترول في الاقتصاديات الناشئة والدول النامية مع الطلب في الدول الصناعية الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ويتخطى الطلب في الدول النامية والناشئة الطلب في الدول الصناعية بحلول عام 2013م، وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ الصناعة البترولية، علماً بأن الدول الصناعية كانت تمثل أكثر من (70%) من إجمالي الطلب العالمي على البترول منذ عشرين عاماً فقط.
أما في جانب العرض فقال النعيمي: إنه من المتوقع أن تستمر الدول خارج الأوبك في زيادة إنتاجها وإن كانت الزيادة أقل من مستوى السنوات الماضية الأمر الذي يتيح مجالاً لدول الأوبك لزيادة إمداداتها للسوق العالمية، لتلبية تنامي الطلب العالمي، كما أنه متوقع أن تزيد بعض دول الأوبك من طاقتها الإنتاجية، بحيث تستمر الطاقة الإنتاجية الفائضة لديها خلال هذا العام، ستكون في حدود أربعة ملايين برميل يومياً، وذلك في ظل استمرار الظروف العادية للسوق من حيث العرض، والطلب، وحركة المخزون التجاري.
الاقتصاد العالمي
وحول ما يتعلق بالاقتصاد العالمي قال النعيمي: من الواضح أن العالم قد خرج من الأزمة الاقتصادية، وحالة الكساد التي واجهها في عامي 2008-2009م إلى حالة النمو الذي بدأ العام الماضي، ومن المتوقع أن يستمر خلال هذا العام، ثم يتسارع تدريجياً في الأعوام المقبلة. فأغلب التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد العالمي سينمو هذا العام وبمعدلات تفوق 4% أي ما يقارب وتيرة النمو قبل الأمة، وكما هو متوقع وكما حدث خلال السنوات العشرين الماضية، فسيكون هناك اختلاف واضح في معدلات النمو بين مختلف الدول والمناطق فالدول الصناعية التي وصل اقتصادها إلى مرحلة النضوج، وأخذ معدل زيادة سكانها في الانخفاض أو النمو البسيط، من المرجح أن تنمو اقتصادياتها بنحو (2.5%) سنوياً. أما الدول ذات الاقتصاديات الناشئة، مثل الصين، والهند، والبرازيل، وغيرها، فإن اقتصادياتها ستنمو بمعدلات أكبر، وبحيث يتعدى النمو الاقتصادي في بعضها 8% خلال هذا العام.ويوازي هذا في الأهمية، الزيادة المستمرة في عدد سكان هذه الدول، وبمعدلات تتراوح ما بين (1% إلى 2%) كما أن أعداداً كبيرة من سكان هذه الدول سوف تستمر في التحول من حالة الفقر إلى وضع أفضل معيشياً، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن عدد الأفراد الذين سيصبحون ضمن الطبقة المتوسطة خلال هذا العام في آسيا، والشرق الأوسط، وأمريكا اللاتينية، وإفريقيا، أكثر من مائتي مليون نسمة. وسيصاحب هذا النمو الاقتصادي والسكاني وارتفاع مستوى المعيشة زيادة كبيرة في نمو وتوسع المدن في الاقتصاديات الناشئة من حيث عدد السكان والتجارة والصناعة والإنتاجية وقطاع الخدمات كالطرق والمراكز الصحية والجامعات وغيرها. ويقدر حالياً عدد المدن التي يزيد سكانها عن مليون نسمة في الاقتصاديات الناشئة ما يفوق (ثلاثمائة مدينة) وهو عدد في نمو مستمر.