|
حاوره - عبد الله الجعيدي
توقع الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية للتربية والتعليم خالد بن محمد الخضير أن يشهد سوق التعليم الأهلي في الفترة القادمة تحرّكاً ملحوظاً من قبل عدد من المستثمرين ملاك المدارس الأهلية الكبرى بغيّة الاستحواذ على المدارس الأهلية الصغيرة التي لن تستطيع الصمود مستقبلاً بسبب قلة الإقبال، بالإضافة إلى ضعف التخطيط والإدارة..
وألمح الخضير في حوار مطول له مع «الجزيرة» إلى أنه في غضون السنوات القليلة القادمة لن تكون هناك مؤسسات تعليمية صغيرة ما لم تنضوِ تحت لواء الكيانات التعليمية الكبيرة لأن الرهان سيكون بناء على ما يقدم من تعليم نوعي ذي توجه عالمي، وهذا لن يتوفر إلا من خلال بيئات تربوية وإمكانيات مادية واسعة لن يستطيع تحقيقها غير الكيانات الكبيرة ذات الخبرة في مجال التعليم، داعيا أصحاب المؤسسات التعليمية الصغيرة إلى دراسة فكرة الاندماج مع الكيانات الكبيرة القوية القادرة على الاستمرار مستقبلاً.
وفي ثنايا الحوار الكثير من التفاصيل، وإضاءات حول مختلف الجوانب التي تتناول قضايا التعليم الأهلي ومآلاته المستقبلية.
بداية كيف تنظر إلى الاستثمار في التعليم الأهلي؟ وما مدى تعارض هذا النوع من الاستثمار مع مبادئ العملية التربوية والتعليمية ؟
- الاستثمار في قطاع التعليم.. من أصعب أنواع الاستثمار ويعود السبب في ذلك إلى أنه استثمار في العنصر البشري الذي يعد أغلى وأنفس ما يملكه الإنسان.. ومن يقدم على خطوة الاستثمار في هذا القطاع يضع على عاتقه مسئولية تربية وتعليم جيل منذ نعومة أظفاره وإعداده ليكون مؤمناً بربه، مخلصاً لدينه، ثم مليكه ووطنه وكان لزاماً أن يتوافر فيه عدد من المعايير التي تمكنه من تحقيق الأهداف السامية خدمة لأبناء هذا الوطن بعيداً عن الربح والخسارة.
لذا من تكون نظرته قاصرة لن يستطيع توفير المتطلبات اللازمة لتقديم تعليم نوعي يسهم في تهيئة أبناء هذا الجيل في المستقبل، فالاستثمار بحاجة إلى منشآت تعليمية معدة لهذا الغرض مسنودة بإمكانيات مادية وبشرية، بإشراف إدارة تربوية ماهرة وخبيرة ذات كفاءة عالية.
أما الشق الثاني من السؤال حول تعارض الاستثمار في التعليم الأهلي مع مبادئ العملية التربوية والتعليمية.. أحب أن أوضح أن هناك من يشكك في مخرجات التعليم الأهلي وأن المدارس الأهلية تعطي درجات غير حقيقية للطلاب... والتعميم في هذا الأمر مخالف للحقيقة ومجانب للصواب ولا أظن أن أولياء الأمور يرضون بهذا فضلاً عن الجهات المشرفة على التعليم..
آمل تصحيح هذه النظرة والإنصاف وعدم التعميم في هذا الأمر دون دراسة فاحصة، والمنصف ينظر إلى مخرجات المدارس الأهلية خاصة المتميزة منها من خلال طلابها في الجامعات السعودية ومستوياتهم بدلاً من التعميم على إطلاقه... والاستثمار في التعليم الأهلي أمر محمود لأنه استثمار في بناء الأجيال.
استثمار ذو جدوى
هل الاستثمار في التعليم الأهلي مجد من الناحية المادية، وكم يقدر حجم سوق التعليم الأهلي في المملكة؟
- من الناحية المادية.. هناك مجالات أخرى أيسر وأكثر جدوى لكن لو نأخذ بعض المستثمرين الأوائل الذين ضخوا أموالهم بهذا النوع من الاستثمار مع وجود فرص أفضل منه من الناحية المادية تجدهم دخلوا هذا المجال حباً في التعليم، فالاستثمار في التعليم الأهلي ذو جدوى لا سيما إذا عرفنا تشجيع الدولة له من خلال تقديم القروض الميسرة والإعانات المتمثلة بإيفاد كوادر تربوية لإدارة هذه المنشآت التعليمية وتقديم الكتب الدراسية.
أما حجم سوق التعليم الأهلي فيقدر بنحو سبعة مليارات ريال سنوياً أما الاستثمار في المنشآت التعليمية المعدة لأغراض التعليم فيتجاوز الـ(15) مليار ريال سنوياً.
هل نستطيع القول إن قطاع التعليم الأهلي مشجع للمستثمرين للدخول فيه ؟
- الاستثمار في التعليم الأهلي استثمار طويل الأجل، ومن يريد الدخول فيه من أجل الربح السريع، أو على حساب تقديم تعليم نوعي جاد عليه البحث في مجال آخر، خاصة في الوقت الحالي الذي لا مكان فيه لغير القوي المتخصص ذي النفس الطويل.
لذا فالعائد من التعليم لا شك جيد ولكن للمستثمر بعيد الأمد الذي يرى النمو عاماً بعد عام بشرط تطوير قدراته وضخ أمواله لتقديم كل ما هو جديد في مجال التربية والتعليم مع استقطاب الكفاءات التربوية اللازمة لإدارة العملية التربوية والتعليمية.
ماذا عن هامش الربح .. أو العائد على الاستثمار في قطاع التعليم الأهلي؟
- الاستثمار في التعليم - كما ذكرت سابقاً - من أنجح الاستثمارات، متى ما توفرت لدى المستثمر فيه النظرة المستقبلية بعيدة المدى، مع توافر عناصر النجاح المتمثلة في الإدارة التربوية ذات الكفاءة العالية وجودة المخرجات والمحافظة على سمعة المدارس ومتانتها ومواكبة كل جديد وتقديم تعليم نوعي.. وهامش الربح جيد ولكنه بحاجة إلى نفس طويل جداً... فالعائد ينمو بشكل متوازن ومستمر وبنسب موزونة وفق ما يقدم من تعليم جيد واستثمار أمثل يوفر بيئة جاذبة ومستوى تعليمي تكون مخرجاته هي من تتحدث عنه.
القدرة على الصمود
كيف تنظر إلى المدارس الأهلية الصغيرة التي أنشئت مؤخراً وسط الأحياء ؟ ومدى قدرتها على الصمود مستقبلاً؟
- المدارس الأهلية الصغيرة التي انتشرت في الآونة الأخيرة لن تصمد في المستقبل فما كان مقبولاً في زمن مضى، قد لا يكون مقبولاً في الفترة الحالية، لا سيما إذا عرفنا أن التوجه لدى وزارة التربية والتعليم الحالي القضاء على المدارس المستأجرة وإحلالها بمنشآت تعليمية أعدت لهذا الغرض... وعليه فإن مستقبل هذه المدارس يشوبه شيء من القلق والسبب في ذلك أن جهات الاختصاص عندما تمنح ترخيصاً للمستثمر في التعليم الأهلي يكون أحد شروطه الانتقال من المبنى المستأجر إلى مبنى تعليمي بعد ثمان سنوات من بداية الترخيص له.
لذا أرى من الضروري والملح جداً أن تندمج هذه المؤسسات التعليمية الصغيرة مع كيانات تعليمية كبيرة من خلال خطط إستراتيجية بعيدة المدى، فليس بمقدور المؤسسات الصغيرة الصمود مستقبلاً لارتفاع التكاليف والعزوف الذي بدأت ملامحه تتشكل في بعض المدارس الصغيرة لأن البقاء للأفضل.. وعندما أقول ذلك فلدينا تجربة عندما قمنا بالاستحواذ على منشأة صغيرة خلال عام نقلنا هذه المنشأة الصغيرة إلى بيئة تربوية جاذبة تشغل مباني تعليمية على مساحة تقدر ب(40) ألف متر مربع وبتكاليف تجاوزت (150.000.000) مائة وخمسون مليون ريال مما جعلها بحمد الله تضاهي مثيلاتها من المؤسسات التعليمية الكبيرة، فقد تم التغيير في كل شيء في الملاءة المالية، وفي الهيكلة الإدارية، وفي البنية التحتية وفق خطة متوازنة نطمح أن يصبح عدد المستفيدين من هذه المنشآت حوالي ال (6) آلاف طالب وطالبة بعد أن كانت المدارس قبل الاستحواذ عليها لا يتجاوز العدد فيها (1500) طالب وطالبة، وحالياً لدينا اتفاقية مع المركز الاستشاري للاستثمار والتمويل هدفه مساعدة الشركة الوطنية للتربية والتعليم في عملية تقييم عدد من المنشآت التعليمية الصغيرة للاستحواذ عليها لتصبح تحت مظلة الشركة.
حاجة متنامية
كم تشكل نسبة التعليم الأهلي مقارنة بالتعليم الحكومي؟
- تشكل المدارس الأهلية ما نسبته (7 %) وتستحوذ مدينة الرياض على النسبة الأعلى في عدد المدارس الأهلية من هذه النسبة على الرغم من أن المملكة بحاجة إلى المزيد من المدارس الأهلية ولكن بشرط أن يبدأ الجديد بما انتهى إليه الآخرون.. لأن البلد بحاجة إلى مدارس متميزة، خصوصا مع الزيادة المطردة في أعداد السكان، ووجود نسبة كبيرة من الوافدين، ولو رجعنا إلى خطط التنمية السابقة لوجدنا أن نسبة التعليم الأهلي يجب أن تصل حسب الخطط إلى (25 %) لكن هذا الرقم لم يتحقق.
خلاصة القول إن النسبة لا تزال قليلة وحصة التعليم الأهلي من الطلاب لا تزال دون المستوى المأمول، بمعنى آخر، إن ما بين خمسة ملايين طالب وطالبة فقط يدرس ما عدده (500) ألف طالب وطالبة في مدارس التعليم الأهلي على الرغم من أن الخطط جاءت ليكون نصيب التعليم الأهلي مليون وخمسمائة ألف طالب وطالبة.
هناك نظرة سلبية تجاه التعليم العام الأهلي، تتهمه بأنه تجاري وأهدافه الربح المادي بالدرجة الأولى.. ماذا تقول حيال ذلك؟
- أشكرك على هذا السؤال الذي أوضحت جانبا منه في سؤال سابق وهذا شيء مشاهد من قلة قليلة من الناس إما لعدم معرفتهم بما يدور بالمدارس الأهلية، أو عن طريق التعميم الظالم على الجميع وأنا هنا لست بصدد المدافع أو المحامي عن المدارس الأهلية على الإطلاق، فهناك وللأسف من استثمر في هذا المجال وأساء إليه، وهذا ينطبق على استثمارات ومجالات أخرى دخلها من أساء إليها، فهل يعمم الحكم على الجميع، في كل مجال يوجد المتميز وغير المتميز ويبقى الحكم في النهاية للمستفيد الذي يميز بين الغث والسمين والمنتج الجيد من البضاعة يقابله المخرج الجيد في مجال التعليم.
ولتصحيح هذه النظرة يجب أن تقوم جهات الاختصاص بوزارة التربية والتعليم بوضع ضوابط قوية وشروط دقيقة للمستثمرين في هذا المجال، فمنح التراخيص يجب أن يعاد النظر فيه.
نحن نتفهم أن وزارة التربية والتعليم تشجع التعليم الأهلي من خلال توسيع دائرته، فهي بحاجة إلى فتح مدارس لملاحقة الزيادة في أعداد السكان، ولو رفعت المعايير لن تجد من يتقدم للاستثمار في هذا المجال، لكن أرى أن الحل أن يصار لمعايير متوازنة ومتوسطة تحفز الجادين وتشجعهم للدخول في هذا المجال بشرط أن يتم فتح المدارس على أسس علمية... وآمل أن يعاد النظر في إيجاد حوافز وتسهيلات تشجع للاستثمار في هذا المجال الذي يعود نفعه للوطن والمواطن.
تحديات الاستثمار
هل هناك عوائق تواجه المستثمرين في قطاع التعليم الأهلي.. وماذا عن الإيجابيات فيه ؟
- لكل استثمار معوقات.. ونحن نتفاءل بالإيجابيات.. لذا اسمح لي أن أسميها تحديات وتتمثل في شح الأراضي والمرافق التعليمية المخصصة للتعليم الأهلي.. وحتى لو توفرت الأراضي يدخل المستثمر في دوامة أخذ موافقة الجيران، وما أعرفه أن نسبة (80 %) من الجيران يرفضون إقامة مدرسة بجوارهم، بالإضافة إلى معاملة المدارس معاملة المصانع من خلال شرائح الكهرباء، إضافة إلى بعض التحديات الأخرى لمن استثمر في التعليم الأهلي أبرزها عدم استقرار المعلم السعودي في التعليم الأهلي خصوصا في التخصصات التي تمت سعودتها مع قلة عدد المتقدمين منهم، مما يجعل بعض المدارس تستعين بمعلمين غير متخصصين لسد الاحتياج في هذه المواد لقلة المتخصصين فيها..
أما عن الإيجابيات فهي كثيرة وأهمها منح المستثمرين قروضاً من الدولة تصل ل (25) مليون ريال، وهذا شيء ممتاز، كما أن صندوق الموارد البشرية (هدف) يتحمل جزءا من رواتب المعلمين السعوديين لمدة سنتين بنسبة (50 %)، وهناك إعانة سنوية تدفع للمدارس ولكنها قليلة جداً ولا تتجاوز ال(150) ريالا للطالب.
رحلة البحث عن الدرجات
كيف تفسر توجه بعض طلاب المرحلة الثانوية من المدارس الحكومية إلى المدارس الأهلية ولماذا؟
- الكلام في هذه الجزئية، وإن كان صحيحاً في فترة زمنية سابقة إلا أنه حالياً قد قل بشكل كثير، وهنا لا بد من التفصيل في هذا الأمر، فالمدارس الأهلية ليست واحدة وأنا أسمع أن الطلاب يذهبون للمدارس الأهلية من أجل كسب معدلات مرتفعة تؤهلهم للدخول في الجامعات.. ولكن وإن وجد بعض التجاوزات في بعض المدارس وهي قلة، يجب أن لا يعمم الأمر على بقية المدارس لعدة أسباب أولها أن من يشرف على المدارس الأهلية مديرون حكوميون معينون من قبل الوزارة... وثانيها أن الاختبارات تتم بإشراف مباشر من إدارة التربية والتعليم وسابقاً أسئلة موحدة على مستوى المملكة، إضافة إلى أن هناك معايير أخرى للدخول في الجامعة مؤخراً من خلال اختبار القياس والاختبار التحصيلي الذي يأخذ ما نسبته (70 %) من الدرجات التي تؤهل الطلاب للدخول في كليات معينة لكن لماذا لا تذكر الأسباب الأخرى ومنها أن الطالب بحاجة إلى التحصيل الجيد، وهذا ما لا يتوفر في بعض مدارس التعليم الحكومي بسبب كثرة أعداد الطلاب في الفصل الدراسي، الذي يصل في بعض المدارس إلى (50) طالباً.
خلاصة القول إن ما نسبته (99%) في المدارس الأهلية الرائدة يبدأ الطلاب فيها من مرحلة رياض الأطفال، ولا تشكل نسبة القبول حالياً أكثر من (1 %)، وكم أتمنى أن تقوم الجمعية العربية السعودية للعلوم التربوية والنفسية (جستن) بدراسة واقع طلاب المدارس الأهلية في الجامعات السعودية من خلال الكليات العلمية ومعرفة مستويات الطلاب فيها ومخرجات التعليم الأهلي.. ونشر ذلك في وسائل الإعلام ليكون الناس على بينة من مخرجات التعليم الأهلي.
القياس فكرة إيجابية
كيف تنظر إلى اختبارات القياس ؟
- فكرتها جيدة، وغيرت من الفكر القديم بأن الطالب يخطط فقط على معدل الصف الثالث الثانوي فقط، لذا أصبح الطالب يفكر من الصفوف الأولى ويتدرب على كيفية الإجابة على بعض الأسئلة التي تكشف قدراته وطريقة تفكيره وتحليله، ومع تحفظي على بعض الأسئلة خصوصا في المجال اللفظي لا الكمي بسبب أن الطالب قد لا تكون مرت عليه الكثير من المعلومات في دراسته إلا أن ذلك لا يلغي جودة اختبار القياس الذي لاحظنا معه تغيراً إيجابياً في مستويات الطلاب في السنوات الماضية.
هل تؤيد فكرة إلغاء اختبارات القياس، ما دام في الجامعات سنة تحضيرية ؟
- أنا مع استمرار اختبارات القياس، وأتمنى تطبيقها في نهاية كل مرحلة دراسية لأنها تعطينا مؤشراً إيجابياً عن مدى ما توصل إليه أبناؤنا الطلاب ومستوى قدراتهم، لا سيما وقد نشرت لدينا ثقافة جديدة ساهمت بالتغير الإيجابي نحو الأفضل لأنها تركز على قدرات الطالب ومهاراته.
تميز التعليم الأهلي
ما الذي يقدمه التعليم الأهلي، ولا يوجد في التعليم الحكومي.. بودنا إعطاء القارئ نبذة عن البرامج والمناهج الإضافية في التعليم الأهل ؟
- سياسة التعليم واحدة للتعليم الحكومي والأهلي.. ولكن هناك اهتمام آخر في التعليم الأهلي بمواد إضافية مثل الحاسب الآلي واللغة الإنجليزية.. منذ بداية مرحلة رياض الأطفال.. ويبقى السؤال هل هذه المناهج الإضافية تقدم بصورة تقليدية أم تقدم بطريقة تساعد الطلاب في المراحل الأخرى.. وهنا يجب أن نفرق بين كل مدرسة أهلية وماذا تقدم وخصوصا في مادة اللغة الإنجليزية باعتبارها مادة مهمة يعتمد الطالب عليها في دراسته المستقبلية... لذا تولي بعض المدارس الأهلية هذه المادة أهمية خاصة ولدينا في مدارس التربية النموذجية على سبيل المثال لا الحصر اهتمام قوي في هذه المادة من خلال التعاقد مع مركز انترلنك الأمريكي للإشراف على مادة اللغة الإنجليزية يقوم به فريق عمل متكامل من الجنسية الأمريكية والبريطانية في مدارس البنين والبنات هدفه تطوير هذه المادة، بحيث يكون خريج المدارس متقن لهذه اللغة ولا تجعله يعاني في مرحلته الجامعية.
هل هناك لقاءات دورية لملاك المدارس الأهلية مع جهات الاختصاص، أو فيما بينهم لتبادل الخبرات؟
- كانت وزارة التربية والتعليم تقوم بعقد لقاء سنوي لملاك المدارس الأهلية يتم فيه تكريم المدارس المتميزة على المملكة، كما تقدم فيه بعض الأفكار والرؤى، ويكون فيه حوار يتم فيه تلاقح للأفكار.. لكن ذلك لا يكفي وأقترح أن تقوم الوزارة بتشكيل لجنة يتكون أعضاؤها من ملاك المدارس الأهلية وتكون مهمتها الاطلاع على تجارب الآخرين سواء في داخل المملكة أو خارجها، لنقل التميز لأن هذا من شأنه تطوير العمل التربوي، ونحن في الشركة الوطنية للتربية والتعليم بدأنا بإرسال القيادات التربوية إلى بعض الدول المتقدمة من خلال برنامج مكلف مادياً لكن الهدف الأسمى من ورائه شجعنا للاستمرار فيه لأنه لا تطوير للعمل دون تطوير أدواته، فالاستثمار ليس في المباني أو التجهيزات فقط، ولكن بتأهيل وتدريب القيادات التربوية واستقطاب الكفاءات القادرة على التغيير الإيجابي.
تسرب الكوادر
حدثنا عن برامج السعودة في التعليم الأهلي.. وهل تعانون من تسرب المعلمين السعوديين ولماذا ؟
- السعودة مطلب وطني ملح، والتعليم الأهلي قطاع عريض وممكن الاستفادة منه في توطين آلاف الوظائف للسعوديين.. ووزارة التربية والتعليم مشكورة حصرت التوظيف في بعض التخصصات على السعوديين فقط، ولكن الموضوع كبير وبحاجة إلى تضافر جهود عدة وزارات لدراسة هذا الموضوع والخروج بنتائج إيجابية نحوه... فالسعودة الموجودة حالياً مؤقتة لأنه لا توطين للوظيفة بدون استقرار.. فالمعلم السعودي مهما كانت المغريات له يعمل بالمدارس الأهلية مؤقتاً حتى يتم تعيينه في المدارس الحكومية لأنه يبحث عن الأمان الوظيفي.. عموماً القضية شائكة ولك أن تعلم أنه قد يتغير المعلم السعودي في العام الواحد أكثر من مرة، فليس هناك عقد ملزم يفرض بقاءه.. ونحن لا نشتكي من تأهيل المعلم السعودي أو قدراته ولكن نشتكي من عدم استقراره.. بل إنه وللأسف يمر بعض الأعوام ولا تكاد تجد معلماً سعودياً في التخصصات التي تم حصر التعيين عليها رغم الإعلانات المتكررة بالصحف.
عمدت بعض المدارس الأهلية إلى رفع رسومها الدراسية مؤخراً بنسب تتراوح بين (10، 15 %) فما الدافع لذلك ؟
- تكلفة الطالب في التعليم الحكومي تتراوح وفق أعداد الطلاب بين (10) آلاف وحتى (16) ألف ريال في المدن، ويصل أكثر من مائة ألف ريال في القرى، وهذا وفق دراسات أجريت من الجهات المتخصصة باقتصاديات التعليم.
والتعليم بشكل عام مكلف والرسوم الدراسية للمدارس الأهلية في المملكة تعتبر من أقل الرسوم إذا قمنا بمقارنتها في الدول المجاورة الأخرى.
مدارس التربية النموذجية تجاوز عمرها الخمسين عاماً وهي من المدارس الرائدة في المملكة.. ماذا عن مسيرتها الحالية والمستقبلية ؟
- مدارس التربية النموذجية شهادتي فيها مجروحة بحكم أنني أحد أبنائها وأتولى قيادتها حالياً.. ولعل عمرها الذي تجاوز نصف القرن شاهداً على إنجازها وعراقتها، مما جعلها تتبوأ مكاناً مرموقاً على مستوى المملكة.
ومنذ أن أسسها الشيخ محمد إبراهيم الخضير عام 1378هـ وحتى الآن وهي تسير وفق رؤية خطها لها مؤسسها بنية صادقة فتحولت الرؤية إلى واقع، لذا قدمت المدارس رسالة خالدة تعاقبتها الأجيال جيلاً بعد جيل وخرّجت آلاف الطلاب ولا تزال بحمد الله، ولعلي لا أفشي سراً إذا قلت لك إن جزءًا كبيراً ممن يعملون بها الآن هم من أبناء الجيل السابق الذي تعلم في هذه المدارس... ومسيرة المدارس مستمرة جيلاً بعد جيل تهدف من خلاله إلى إدخال كل جديد مع الاحتفاظ بهوية المدارس وروحها في التعامل الإيجابي لخدمة أبناء هذا الوطن وإعدادهم لخدمة دينهم وبلادهم... لذا فالمدارس تأخذ بتوازن بين الأصالة والمعاصرة في برامجها على درب التميز الذي خطط له منذ وضع بذرتها الأولى لتبقى المدارس كياناً شامخاً وصرحاً تربوياً يلبي حاجات أبناء هذا الوطن المعطاء.
تحولت مدارسكم لتكون أول شركة مساهمة للتعليم الأهلي في السعودية.. فما الدافع لذلك ؟
- قطاع التعليم في المملكة بدأ يشهد تغيرات حالية وأخرى محتملة، ولمواجهة هذه التغيرات وما تحمله من تحديات رأينا أن الأمر يستدعي إجراء تعديلات أساسية في الشكل القانوني لمدارس التربية النموذجية ونمط أدائها وأسلوب إدارتها لأنها تدخل مرحلة جديدة لملاحقة التطور السريع والنمو المتلاحق للتربية والتعليم وبقاء المدارس كمؤسسة فردية لا يحافظ على كينونتها أو بقائها، إضافة إلى أن إدخال شركاء جدد يوفر لها أفكاراً جديدة.. ونظاماً صارماً.. وخبرات وأفكار يسعى إليها المساهمون الجدد، وهذا من شأنه أن يطور المدارس إلى الأفضل...
لذا تحولت المدارس بحمد الله إلى شركة تحت مسمى الشركة الوطنية للتربية والتعليم وهي شركة مساهمة سعودية كان من ثمراتها توسيع قاعدة المدارس بإنشاء مدارس جديدة تخدم البلد.