في الوقت الذي تمر فيه الأمة الإسلامية بأخطر منعطف في مسيرتها الحضارية، وفي الوقت الذي أسفرت فيه القوى المعادية لها عن نواياها الخبيثة تجاه هذه الأمة الداعية إلى الإسلام والسلام، حتى أضحى استهدافها في ثوابتها وقيمها، بل وحياتها وحياة أبنائها أمراً مصرحاً به، لا مواربة فيه ولا مداراة. وفي الوقت الذي أيقظت فيه هذه الحقيقة المرة شعوب هذه الأمة من سباتهم العميق، فآذنت بفجر صادق لنهضة كبرى، فأخذوا يوحدون صفوفهم أمام هذا الهجوم من جيوش وجحافل الأعداء لاستعادة المكانة المفقودة لأمتهم، فقد قام الإعلام الصهيوني على وسم تلك الأمة بالإرهاب وتشويه صورة الإسلام في هذه الوسائل الإسلامية المغرضة.
في هذا الوقت برزت فئة من المنتمين لهذه الأمة تأبى إلا أن تسير في ركاب الأعداء لتقوم بتصرفات بربرية همجية، وتكيد لهذه الأمة، فتقتل أبناءها, وتخرب مقدراتها ومؤسساتها.
إنها قلة من المنتسبين لهذه الأمة من المتشدقين بالعمل الزائف ويحملون بنادقهم وقنابلهم ومتفجراتهم لقتل الآمنين, والمستأمنين بأمان الإسلام في دياره، ويخربون المنشآت العامة، فكفًروا الناس والحكام واستباحوا الأموال والأعراض والأنفس، وعادت آثار جرائمهم عليهم وعلى أمتهم بالوبال والخسران.
وقام المخلصون من ولاة الأمر - حفظهم الله - بالتصدي لهولاء وساندهم علماء الأمة ومفكروها، مدفوعين بدافع الغيرة والإصلاح بالتقوى لتلك الفئة الضالة التي اتخذت من الإرهاب والعنف ديدناً لها، وطمست قلوبهم عن وسطية الإسلام التي هي الحقيقة المغيبة عنهم.
ورفع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز راية محاربة الإرهاب, ونادى بذلك في كل المحافل الدولية والمحلية فقد نادى - حفظه الله - بعقد مؤتمر دولي لمحاربة الإرهاب, وتم ذلك - بمشيئة الله تعالى - في مدينة الرياض، وأمر - حفظه الله - بمحاربة تلك الفئة الضالة وإحكام الخناق عليهم وتجفيف المنابع التي تزودهم بالمال والسلاح، كما أمر - حفظه الله - بمقاومة التيارات المادية والغلو في الدين، والتطرف في فهمه. ودعا الملك عبد الله بن عبد العزيز إيلاء الشباب العناية الكبرى؛ لأنهم عدة الأمة وذخيرتها.
وفي سبيل علاج ظاهرة الإرهاب، فإن الأمر يتطلب تضافر جهود المخلصين من أبناء الأمة، وأهل العلم والفكر. وفي هذا السياق نذكر دور المساجد في توعية الناس ولا سيما الشباب وطلاب العلم، ولا بد من أن يعمل العلماء على نشر الفكر الإسلامي الصحيح، وأن يبادروا بمجابهة أي فكر مضلل، ولا بد من تمكين أهل العلم من مجالسة الشباب والطلائع في مدارسهم وتجمعاتهم، يجيبون عن أسئلتهم ويشاركونهم همومهم الفكرية.
ولا بد من مجابهة أصحاب الفكر المنحرف في معتقلاتهم وسجونهم ومقارعتهم الحجة بالحجة حتى يقفوا على أخطائهم في حق أنفسهم وأمتهم وإخوانهم، وحتى يرجعوا إلى الحق بدلا من التمادي في الباطل والضلال.
جزى الله خادم الحرمين كل خير على موافقته على إنشاء «لجنة للمناصحة» تتكون من كبار العلماء والمشائخ المشهود لهم بالصلاح والتقوى.
- عميد شؤون المكتبات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية