مَنْ يتأمل أحوال الدول المتسلِّطة على العالم بما تهيّأ لها من القوة العسكرية، والقدرة الاقتصادية الهائلة، يدرك مدى خطورة هذه الدول على حقوق الإنسان بصفة عامة، وحقوق الضعفاء بصفة خاصة، فهي دول تدّعي «الديمقراطية» ونحن من خلال التجربة لا نعرف لهذه الكلمة معنى غير معنى تزييف الحقائق، والكيل بمكيالين، كما تدّعي تلك الدول العدل ورعاية حقوق الناس، ونحن من خلال التجربة -أيضاً- لم نعرف من عدلهم - معنا - إلا الاحتلال، والقتل، والفوضى الخلاّقة، والتحريش بين دولنا وبلادنا، وامتصاص خيرات بلادنا العربية والإسلامية، والسعي الحثيث إلى تمزيق الممزّق، وتقسيم المقسّم كما حصل في السودان، وكما قد يحصل في بلاد عربية وإسلامية أخرى.
إن مشكلة العالم اليوم هي مشكلة «الإرهاب» الكبير الذي يوجّه آلات دماره المتطورة إلى عالمنا الإسلامي مخترقاً حواجز ما لديه من القوانين التي لا تطبق إلا على شعوبه وأهل داره، وهو تطبيق -في حقيقته- مزيّف، لأن لدى دول ذلك «الإرهاب» الكبير من المؤسسات والشركات الضخمة، والتجمعات المتسلطة ما يسلب عامة الناس عندهم قدراً كبيراً من حقوقهم وهم لا يشعرون.
إنه إرهاب الدول التي تقدم مصالحها على كل حق يستحقه سواها فحمى أي دولة في عالمنا العربي مستباح بألف حجة وحجة حينما يكون لتلك الدول الكبرى مطمع فيها، أو مصلحة تسعى إلى تحقيقها، ولسنا بحاجة إلى الاستشهاد بشيء غير موجود لنقرّب هذه الصورة المرعبة لذلك الإرهاب الكبير، فلدينا شواهد ضخمة في العراق وأفغانستان وفلسطين والبوسنة والهرسك والشيشان وكشمير، والصومال والسودان، وغيرها من الشواهد التي لا تُدفع. هذا الإرهاب الدولي الكبير شيء، واستمرار انخداع الدول العربية بأباطيل وأكاذيب ذلك الإرهاب شيء آخر، فما تزال دول عربية وإسلامية مسكونة بحب الارتباط بتلك الدول المتسلطة في مجالات متعددة غير ملتفتة إلى الحقيقة التي تسطع كالشمس، حقيقة تنكّر تلك الدول لأصدق أصدقائها، وأقربهم إليها حينما تجد تحقيق مصالحها في ذلك التنكر، وهو أمر تؤكد الأيام حقيقته الكبرى، ولا فرق فيه بين بريطانيا أو فرنسا أو أمريكا أو غيرها من دول التسلط التي أصبح الاحتلال المباشر وغير المباشر حرفتها الأولى في سوق السياسة الدولية المعاصرة.
إشارة:
هو الواقع المرّ الذي تشهدونه
يصوره الأعداء أحلى من الشهدِ