|
الظهران - سلمان الشثري
اختتم صندوق دعم البحوث بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن (وقف الجامعة) اجتماعه الأول لدورته الثانية والذي عقد يوم الأربعاء 22 صفر 1432 في مقر جامعة الملك فهد بالظهران برئاسة معالي محافظ مؤسسة النقد السعودي رئيس مجلس إدارة الصندوق د. محمد بن سليمان الجاسر. وانقسم الاجتماع إلى جزأين يتضمن الأول عرضاً عن إدارة الأوقاف ونشاط التبرعات في المملكة ثم عرضاً عن الوضع الحالي لوقف جامعة الملك فهد بينما تضمن الجزء الثاني إحاطة المجلس بالمبالغ المودعة مؤخراً واعتماد عدد من القرارات التي أتت استجابة لاجتماعات المجلس في دورته الأولى مثل زيادة أعضاء مجلس إدارة الصندوق, واعتماد تقرير مراجع حسابات الصندوق للعام المالي المنتهي، ومناقشة تنمية موارد الصندوق للعام المالي 2011م، ومناقشة فرص الاستثمار للفترة القادمة، كما تم في الاجتماع توقيع اتفاقية بين الصندوق وكل من الشيخ محمد بن حسين العمودي والمهندس عبدالله بقشان يتم بموجبها تقديم تبرع للصندوق لبناء عدد من المباني على أرض الوقف. وقد ضم الاجتماع 22 عضواً من أعضاء مجلس الصندوق من أبرز الأسماء في عالم الأعمال والصناعة والإعلام والثقافة والفكر وهم: الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة، المهندس عبدالله عبدالرحمن المقبل وكيل وزارة النقل لشؤون النقل، الأستاذ حسن بن علي الجاسر مدير عام مكتب سمو أمير المنطقة الشرقية الأستاذ عبدالرحمن بن راشد الراشد، الأستاذ محمد بن عبدالله الوعيل رئيس تحرير جريدة اليوم، الأستاذ عبدالله سليمان الراجحي، الأستاذ ناصر محمد السبيعي، الشيخ سلمان بن فهد العودة، الأستاذ خالد بن عبدالله الزامل شركة الزامل للاستثمار الصناعي، الأستاذ عبداللطيف بن أحمد العثمان النائب الأعلى لرئيس شركة أرامكو السعودية للشؤون المالية، المهندس عبدالله بن أحمد بقشان، الشيخ عبدالله بن سالم باحمدان رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي التجاري، الأستاذ عصام بن عبدالقادر المهيدب الرئيس التنفيذي لمجموعة المهيدب، د. فهد بن عبدالله المبارك رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للمجموعة المالية، المهندس مبارك بن عبدالله الخفرة رئيس مجلس إدارة شركة التصنيع الوطنية، الشيخ محمد بن حسين العمودي، الأستاذ عبدالوهاب بن محمد الفائز رئيس تحرير جريدة الاقتصادية، الأستاذ خالد عبدالرحمن الراجحي، الأستاذ عبدالله بن حمد بن عمار العمار نائب رئيس مجلس الغرفة التجارية وصاحب شركة اليمامة.
وفي نهاية الاجتماع صرح محافظ مؤسسة النقد السعودي رئيس مجلس إدارة الصندوق د.محمد بن سليمان الجاسر أن الصندوق منذ إنشائه جمع قدراً جيداً من الأموال وتم التخطيط لمشاريع قادمة سيبدأ إنشائها قريباً وستدر عوائد إضافية لدعم ميزانيات الأبحاث في الجامعة، وتم وضع اللوائح اللازمة للاستثمار وإدارة الوقف وتطوير آليات جديدة لأن تخصيص أوقاف بحثية تعتبر عملية جديدة على مجتمعنا الأكاديمي. وقال إن جامعة الملك فهد وبعض الجامعات السعودية خطت خطوات كبيرة رغم حداثة التجربة، وقد كانت جامعة الملك فهد الرائدة في هذا المجال. وأضاف أن الحس الوطني لدى رجال الأعمال ووعيهم بمدى أهمية هذه الصناديق والإدارة السليمة لهذه التبرعات من قبل جامعة الملك فهد هي أهم العوامل التي تحفز رجال الأعمال على دعم الصندوق. وأضاف أن تطوير الأبحاث في الجامعات يعد استثمارا للوطن سيعود بالنفع بشكل مباشر وغير مباشر على قطاع الأعمال والصناعة في المملكة كما أن هذا عمل خيري جدير بالبذل والمساندة.
وأشار د. الجاسر إلى أن جامعة الملك فهد تضم أكبر تجمع لشركات الأبحاث والتطوير في صناعة البترول في العالم في وادي الظهران للتقنية، وقال إن هذا إنجاز جدير بالافتخار ويشكل دافعاً لنا في الصندوق لعمل ما نستطيع لإعداد الباحثين الذين سيستقطبهم الوادي. ولفت إلى أن هذه التجارب والبرامج الوقفية ليست فقط جمع أموال من المتبرعين وإنما هي سلسلة مترابطة من أهم نتائجها إعداد الباحثين الجيدين ابتداء من دراستهم الجامعية ومنحهم التأهيل المعرفي والبحثي والإداري ونشر ثقافة الاستثمار المعرفي بحيث يدرك الباحث أن البحوث تدر عوائد مالية كبيرة. وأضاف أن هذه السلسلة المترابطة هي ما نبحث عنه وهي أحد المكونات الأساسية للتنمية الحديثة، وأكد د. الجاسر أن رجال الأعمال في المملكة واعين لأهمية ذلك ونلاحظ حماس رجال الأعمال المتواجدين في المجلس الذين طرحوا العديد من الأفكار الخلاقة التي تعكس مدى وعيهم بأهمية البحث العلمي. وقال نحتاج مع العمل الجاد إلى الصبر والتأني لأن هذه مشاريع إستراتيجية طويلة الأمد تستهدف الاستثمار في الإنسان في المقام الأول وتطوير أبحاث تطور الإنتاج الوطني، وإذا نظرنا لتجارب الجامعات المرموقة نجد أن جامعة هارفرد مثلاً أنشأت صندوق الأبحاث الخاص بها العام 1919 واستغرق عشرات السنين من التطوير والبناء حتى أصبح يساهم بـ30% من ميزانيتها.
وقال رئيس مؤسسة الإسلام اليوم عضو مجلس الصندوق الشيخ د. سلمان بن فهد العودة إن الدين الإسلامي حث على العلم والوقف له، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا مات بن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث) (وذكر منها علم ينتفع به)، فالعلم من الأولويات التي دعا إليها الإسلام ويأتي قبل القول وقبل العمل، كما أن الوقف لدعم العلوم يأتي في أولويته قبل الأشكال الأخرى للوقف. وأكد العودة أن الأعمال الخيرية الأخرى إذا لم تبن على أساس علمي فإنها تنهار وتتوقف وقد أدرك سلف الأمة أهمية الوقف العلمي، وهذا النشاط ليس طارئاً على أمة الإسلام والتاريخ الإسلامي حافل بنظام فريد في الوقف يحتوي على تفاصيل وأنظمة دقيقة جدا وما من أحد من الصحابة رضوان الله عليهم إلا وأوقف إذا كان قادرا. وأضاف العودة أن من الأوقاف الإسلامية المشهورة المدارس التي تكون مدارس علمية شرعية ومدارس في مختلف العلوم التي يحتاج الناس إليها كالطب والصيدلة وغيرها. وقال لقد تعلمت الأمم الأخرى أنظمة الوقف من المسلمين ونجد اليوم أن بلاد العالم المتقدم تنفق على مراكز البحوث بشكل كبير، وأوقاف الجامعات بالولايات المتحدة تبلغ عشرات المليارات وتتجاوز في بعضها ميزانيات دول. وقال إن أمة الإسلام هي أمة الوقف وجاء قرآنها وسنة نبيها بذلك، ولذلك فإن البذل في هذا النوع من الأوقاف أولوية والجامعات هي المحضن الأساسي لاستيعاب مثل هذه الأوقاف. وأشار العودة إلى أن نجاح جامعة الملك فهد وجودة برامجها سيشكل حافزاً للمتبرعين للمساهمة في الدعم والتبرع، ويستطيع الجميع المساهمة في هذه الصناديق ليس بالتبرع النقدي فقط ولكن أيضاً عن طريق استغلال واستثمار العلاقات أو المكانة لحفز الناس بالتبرع لصالح هذه الصناديق. وقال إن الجهة المستهدفة بالتوعية والتحفيز هم رجال الأعمال ويجب الوصول للتاجر ورفع مستوى وعيه وثقافته بحيث يدرك مدى أهمية هذا النوع من الاستثمار. وأضاف أن الجامعات في الوقت الحالي تحصل على ميزانيات سخية وكبيرة ولكن لضمان استمرارية أداء الجامعات بشكل متميز لا بد من إيجاد موارد مساندة للميزانية الحكومية تدعم الجامعة في حال تغير الظروف الاقتصادية.
وقال العودة: لقد اطلعت على جزء من عمل معهد البحوث بالجامعة وأسعدني جدا ما رأيته في مشروع حسبة ومشروع عدل ونطمح أن يكون هذا التعاون سبباً للرقي للمؤسسات المختلفة من ناحية إدارية كما اطلعت على الوقف وأنشطته وإمكانياته الكبيرة وشعرت بالتفاؤل والأمل وأقول وبكل أمانة إن جامعة الملك فهد نموذج يحتذى به للجامعات الأخرى فهي لم تنجح فقط في إنشاء هذا الصندوق بل صنعت نموذجاً ومثالاً تستطيع الجامعات الأخرى الاقتداء به إضافة لنجاحها في تخريج طلبة بمستوى عال جدا وتميز مخرجاتها البحثية وبذلك تكون جامعة الملك فهد قد نجحت بالقيام بالدور الذي يجب أن تؤديه الجامعات والذي يتعدى مجرد كونها محاضن لتخريج الطلاب.
وذكر النائب الأعلى لرئيس شركة أرامكو السعودية للشؤون المالية عضو مجلس الصندوق عبد اللطيف بن أحمد العثمان أن جميع الأنشطة التي يؤديها الصندوق يتعدى تأثيرها جامعة الملك فهد بل ستشكل هذه الأنشطة روافد اقتصادية مهمة للمملكة بشكل عام. وأكد أن شركة أرامكو السعودية مهتمة بدعم الصندوق انطلاقاً من علاقتها بجامعة الملك فهد واهتمامها الكبير بالبحوث ولكي تحافظ على ميزتها التنافسية وريادتها في مجال البحوث في جميع المجالات الخاصة بصناعة النفط والغاز. وقال: لقد حرصت أرامكو على الارتباط مع جامعة الملك فهد ببرنامج شراكة إستراتيجية وإستراتيجيات أرامكو في مجال البحث العلمي مستمرة وتشمل جميع مراحل الإنتاج والتكرير.
وذكر أمين الصندوق د. أحمد بن سعد القحطاني أن هذا الاجتماع هو الأول للصندوق في دورته الثانية ويضم الاجتماع أعضاء جديدين في المجلس وتم فيه تقديم تعريف عن الجامعة ومنجزاتها وتعريف عن الصندوق وتأسيسه ومنجزاته في الفترة السابقة، وقد ناقش الاجتماع عدة محاور مثل الاستثمار وتنمية الموارد البشرية وفرص المشاركة مع المؤسسات والشركات بحيث تكون أحد الأوجه الاستثمارية وقد طرحت العديد من الأفكار التي ستدرس بتأن وروية في الاجتماع القادم الذي سيعقد في 3 من أبريل 2011 في مقر مؤسسة النقد وحتى ذلك الوقت تكون الأفكار قد تمت دراستها وبلورتها. وقال إن لجنة الاستثمار في المجلس تدرس الفرص الاستثمارية كالاستثمار العقاري والاستثمار التقني إضافة للعديد من الفرص الاستثمارية في السوق المحلية أو العالمية.
وصرح د. القحطاني أن الصندوق يملك محفظة نقدية وصلت قيمتها 400 مليون ريال أتت عن طريق تبرعات وموارد ذاتية للجامعة من عوائد البحوث والخدمات البحثية التي تقدمها الجامعة ومحفظة عقارية تبلغ قيمتها في مرحلتها الأولى 3 مليارات ريال. وقال إن المحفظة العقارية مقسمة على مراحل تبدأ المرحلة الأولى العام 2011 والمرحلة الثانية عام 2020 والثالثة 2030. وقال إن قيمة المرحلة الثانية والثالثة لم تحدد بعد وليس هناك دراسة محددة بخصوصها لأن الوضع الاستثماري فيها غير واضح. وقال: نهدف أن تصل قيمة المحفظة النقدية إلى مليار ونصف المليار بنهاية هذه الدورة خلال ما يقارب الثلاث سنوات.
وبين د. القحطاني أن المجلس ناقش عملية الصرف على بعض البرامج والأبحاث ذات الأهمية الإستراتيجية والتي قد تعطي للصندوق عوائد مرتفعة إلا أن هناك آراء تشير إلى أن الصندوق لايزال في طور البناء والوقت لايزال مبكرا على الصرف على بعض البرامج. وجميع الآراء لازالت في طور الدراسة، وأرجح شخصيا أن يبدأ الصرف على بعض البرامج ونحرص أن تكون انطلاقة الصندوق انطلاقة قوية بحيث يتم تنفيذ مشاريع ذات أهمية تدعم مكانة الجامعة وتخدم التنمية وتخدم الطلاب والعملية التعليمية.
وحول الاتفاقية التي وقعها الصندوق مع الشيح محمد بن حسين العمودي والمهندس عبدالله بقشان، قال د. القحطاني: إن الاتفاقية عبارة عن تبرع قدمه الشيخ العمودي والمهندس بقشان لبناء مبان وقفية في أرض وقف الجامعة بحيث تستثمر ويرجع عائدها للوقف، وتقدر قيمتها ما بين 100 إلى 150 مليون ريال.
وحول شكل المشاريع الإنشائية للوقف، ذكر د. القحطاني أنه تم تحديد مساحة تبلغ 160 ألف متر مربع للمرحلة الأولى من إجمالي المساحة البالغة 326 ألف متر مربع، ولا تزال المرحلة الأولى تحت التخطيط وتم مبدئياً تحديد مساحة أراضي تتراوح بين 1800 إلى 3000 متر يتم تصميم منشآتها الآن. وقال: لقد تم الاتفاق أن تكون المباني في الوادي مباني قليلة الارتفاع وذلك بناء على دراسة مع أرامكو ولن يكون هناك مبان شاهقة لأن الشركات في الغالب ترغب باستئجار مبنى خاص بها وبذلك تكون المباني من أربعة إلى ستة أدوار، كما تم تخصيص أرض لبناء فندق يحتوي على قاعات لعقد مؤتمرات وقاعات تدريب وقد يكون تشغيله بالشراكة مع إحدى الشركات العاملة في قطاع الفنادق.
وأضاف أن الهدف أن تستضيف هذه المباني الشركات الهندسية والمقاولات العاملة مع أرامكو وتم تحديد الاحتياج وحجم الاستثمار بناء على دراسة تبنتها أرامكو وقامت بها شركة درست احتياج السوق وأجرت مقابلات مع شركات تعمل مع أرامكو. وأشار د. القحطاني إلى أن البعض يخلط بين رسالة الوقف ووادي الظهران في مسألة استقطاب الشركات والحقيقة أن هناك فرقاً بين الجهتين يكمن في أن مركز الأعمال في الوقف يستقطب شركات عاملة خدمية بينما وادي الظهران يستضيف مراكز بحثية فقط.
وأشاد د. القحطاني بموقف رجال الأعمال المتبرعين، وقال إن دعمهم للصندوق ينبع من قناعتهم أن العلم أهم ركائز نهضة الأمة وتطور بلادنا وأن الجامعة منارات للفكر ومصنع للمواهب والقدرات الوطنية ولضمان مستقبل الوطن بجعل عقول أبنائه هي الرافد الأهم للاستثمار, وقال إن دعم مؤسسات التعليم ومراكز الأبحاث أسلوب متبع في الدول المتقدمة وهناك متبرعون دفعوا معظم ثرواتهم للمعاهد ومراكز الأبحاث لأن هذه المراكز هي من يصنع الفرق وتعم فوائد مخرجاتها الإنسانية جمعاء.
وقال: لقد تم زيادة أعضاء مجلس الوقف لتوسيع قاعدته بضم أعضاء من مختلف أطياف المجتمع من رجال الأعمال وإعلاميين وأصحاب خبرات وتجارب والجميع متفاعل مع رسالة الصندوق ومع الأهداف التي بني عليها الصندوق.
وأضاف د. القحطاني أن الوقف إرث إسلامي قديم وعرفنا أوقافاً علمية عديدة في بغداد ودمشق وإسطنبول ومعظم المراكز العلمية كانت وقفية ويوقف بجانبها ما يوفر التكاليف التشغيلية لهذه المراكز والمدارس. وفي الوقت الراهن أدركت المؤسسات الأكاديمية السعودية أهمية هذا النهج وكانت البداية بقيام صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز رحمه الله بتخصيص أرض وقفية لصالح جامعة الملك عبدالعزيز وكان الوقف مجرد أرض ولكن كان لجامعة الملك فهد السبق في تأسيس وقف بشكل مؤسسي منظم وتكوين مجلس وتنظيم عمل المجلس وتنظيم عملية توريد الجامعة للصندوق.