|
الجزيرة - فن :
مساء الخميس والجمعة الماضيين لم يستطع المشاهد العربي تنفس الصعداء حتى الثالثة من فجر أمس (قليلاً)، ما لبث أن طفق عائداً لمتابعة مجريات الأحداث المتصاعدة في مصر على القنوات الإخبارية. ولو أجري مسح شامل عن اليومين الماضيين لكانت قناتا (العربية والجزيرة) هما أكثر القنوات الفضائية مشاهدة حين انصرف الناس عن متابعة القنوات المنوعة لمعرفة آخر التطورات على الأرض، في الوقت الذي شهدت مصر يوم الجمعة انقطاعا كاملا عن العالم الخارجي، ولم يعد يربطها بالناس سوى (قناة فضائية). ومنذ أحداث تونس كانت قناتا (العربية والجزيرة) على موعد مع حدة التنافس في متابعة الأحداث التي لم تكن بطيئة بل كانت متسارعة إلى حد (مزعج) للمشاهد، لكن هذه الأحداث ما لبثت أن تستقر نارها، حتى اندلعت نار أخرى في لبنان، ثم عادت لتنتقل إلى القاهرة التي سجلت فيها القناتان اختباراً حقيقياً أمام المشاهدين العرب، فقد ارتأت قناة الجزيرة تسمية متابعتها لأحداث مصر ب ( مصر ... جمعة الغضب)، أما قناة العربية فقد سمت تغطيتها ومتابعتها ب (مواجهات مصر)، وكلا العنوانين له دلالاته الواضحة لكل قناة. قناة الجزيرة لا نذيع سراً إذا قلنا بأنها تحاول ممارسة (وصاية) على المواطن العربي، فمنذ أحداث تونس وهي تدعو إلى انتفاضات في الوطن العربي لإسقاط الحكومات، كما أنها تحاول المشاركة أيضاً في (خطف) ثورة الياسمين التي قام بها التونسيون، فخرجت مع المصريين خالية الوفاض دونما مكسب حقيقي، في الوقت الذي تابعت فيه الأحداث بمبدأ (التشفي) على الحكومة المصرية، ومحاولة منها لأخذ الثأر، ولا أظنها الا كانت متمنية عودة سيناريو الأحداث التونسية بطريقة مصرية. قناة (العربية) شهد الجميع لها بالتوازن في أحداث تونس، ولم تنجرف خلف الإشاعات وحاولت قدر المستطاع التحقق من الخبر، لكنها في ذات الوقت لم تحاول أن تكون طرفاً في النزاع، ربما ساعد في ذلك وجود فريق لها على أرض (المعركة) وهي خطوة أضافت لها الكثير، وساعدتها في التفوق. ومساء أمس الأول (الجمعة) فتحت قناة العربية بثها طوال ساعات النهار والليل لمتابعة مجريات الأحداث في مصر، ومثلها فعلت قناة (الجزيرة)، ومن المفارقات (المسلّية) فقد أعلنت قناة الجزيرة الانتهاء من فترة بثها المتواصل عند الثالثة فجراً، فيما زادت قناة (العربية) فترتها لتمتد ساعة حتى (الرابعة)، وتقول إحدى مذيعات العربية: لم تنفس الصعداء منذ مطلع الشهر الجاري، الأحداث تتسارع هنا وهناك، لا يسعنا إلا الركض أيضاً. ما نود الوصول إليه أيضاً أن الزملاء في مركز قناة (العربية) بدبي حاولوا مجاراة (الجزيرة) بالصوت العالي وتأليب الشارع خاصة في وقت ما قبل غروب الشمس، لكن القناة تداركت هذا الأمر سريعاً، وفضّلت بشجاعة متناهية ألاّ تكون (جزيرة) أخرى. الفرق بين القناتين أن قناة (الجزيرة) تحاول تبني أي خبر (سلبي) والرقص حوله وعليه وفوقه وتحته، فيما العربية تحاول كثيراً تجنب مواقع الخطر ونقل الصورة كما هي (قدر الإمكان) في الوقت الذي تعاني منه (الجزيرة) مواقفا سلبية مع الكيانات العربية، وترقص كثيراً على أحداثها السلبية، وتريد مواصلة بحثها عن ثورة قادمة والدعوة لها منذ أحداث تونس. الخلاصة، أن قناة (العربية) تفوقت كثيراً في أحداث مصر، وخطفت الأضواء، أما قناة (الجزيرة) فقد عانت من تراجع لكن هذا لا يمنع قوة تأثيرها على الشارع المصري، ولكنها لم تكن تغطية محايدة أبداً، وبالتاكيد لم تكن مسافتها واحدة.