تُعتبر أنظمة مجالس المناطق ومجلس الشورى من أبرز الأنظمة الرئيسة للمملكة، وإذا ما أخذنا مجلس المنطقة فنجد الهدف الرئيس له يتمثَّل في الإسهام في تنمية المنطقة ببحث الأولويات التنموية التي تحتاجها المنطقة والإسهام في متابعة وتطوير الخدمات المختلفة بالمنطقة، وذلك تحت إشراف الحاكم الإداري وبالاشتراك مع مديري القطاعات التنفيذية بالمنطقة.. الموضوع يتعلق بمجالس المناطق بصفة عامة وليس منطقة بذاتها.. بعد مرور سنوات على تطبيق هذا النظام نرى بأن مجالس المناطق بحاجة إلى تفعيل أكبر ونرى بأن أعمالها وإنجازاتها، وإن تراوحت فعاليتها من منطقة إلى أخرى لا تزال، بشكل عام، دون المأمول في ملامسة هموم الشارع، وتحقيق طموحات أبناء وبنات المنطقة، وربما لا يُلام في محدودية أدوارها الحاكم الإداري ولا الأعضاء.. وإنما ضعف الصلاحيات ومحدودية الآليات التي تملكها المجالس لفرض رؤيتها في تطوير منطقتها.. هناك تشابه بين مجالس المناطق وبين مجلس الشورى من حيث اختيار أعضاء من أفراد المجتمع المتميزين للتمثيل بتلك المجالس، وهذا يدعو للسؤال هل يُراد منها أن تكون مجالس شورى مصغرة بالمناطق؟ ما هي علاقة مجالس المناطق بمجلس الشورى؟
مؤخراً عقد مجلس الشورى اجتماعات مع ممثلي مجالس المناطق بهدف تفعيل التعاون بين مجلس الشورى ومجالس المناطق، وهو ما يدفعني أن أعيد في هذا المقال ملخص ما كتبته عام 2001م في هذا الموضوع، مع القول بأنه أن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي.. وجميل أن يأتي مجلس الشورى بعد عشر سنوات من كتابتي ذلك المقال لمناقشة علاقته بمجالس المناطق.
الواقع أنه لا يوجد ارتباط عملي بين مجالس المناطق ومجلس الشورى، وهذا يعيب الاثنين مجلس الشورى ومجلس المنطقة، فمجلس المنطقة يود لو تمكن من إيصال وجهة نظر منطقته إلى مجلس الشورى، ومجلس الشورى يفتقد آلية للتواصل مع مختلف مناطق المملكة.. وبالتالي تمثيل فئات المجتمع من كافة المناطق.
مجلس الشورى يضم أعضاء متميزين ينتمون في الأصل لكافة مناطق بلادنا، ولكن لنكن أكثر وضوحاً، أن أولئك الأعضاء بعضهم لا يحمل من منطقته سوى الانتماء الاسمي بينما هو أقام ويقيم لسنوات في مدينة أو منطقة أخرى، بل وحتى في المناطق الكبرى بعض أعضاء مجلس الشورى ينتمون إلى بيئة أكاديمية أو مهنية أو اجتماعية محددة المواصفات.. وليست بالضرورة ممثلة لسواد الشارع الأعظم، وهنا أرى أننا بحاجة لأن يكون ضمن أعضاء مجلس الشورى أشخاص يمثلون مناطقهم بالمجلس، بأن يتم ضم عضو أو أكثر من مجلس كل منطقة ليكون ضمن أعضاء مجلس الشورى، فمثل هذا الوضع سيخدم مجلس الشورى في جعله أكثر وعياً بمطالب المناطق وبالذات النائية والبعيدة منها، وسيحفز أعضاء مجالس المناطق للعمل والمثابرة للحصول على شرف الانضمام لمجلس الشورى، بدلاً من أن يكون منتهى الطموح هو الجلوس في مجلس المنطقة.. المجالس التشريعية بحاجة إلى من يمثل الشارع بكل فئاته.. وليس مجرد علماء وأكاديميين ومنظّرين، بعضهم بعيد عن نبض الشارع.. اختيار 30 أو 40 عضواً يمثلون مجالس المناطق المختلفة، كمرحلة أولية، لن يخل بتركيبة وعمل مجلس الشورى الموقر، فهل نبدأ بوضع نظام تمثيل واضح لكل منطقة - محافظة بمجلس الشورى يبدأ من خلاله انتقال العضو من مجلس المنطقة - المحافظة إلى مجلس الشورى.
قد يكون ذلك مقدمة للتمثيل النيابي بالمجلس في حال تحوّله إلى مجلس نيابي تغذيه الدوائر الانتخابية الموزعة على أرجاء الوطن.. وفي حال تحوّل مجلس المناطق والمحافظات إلى مجالس منتخب أعضاؤها، كما نتوقع أن يحدث يوماً ما.