أنت إنسان. أنا إنسان. على هذا فإنني أعرف رأيك في أشياء معينة. هناك آراء يشترك فيها معظم البشر. أحدها هو أن الحجم مهم في عالم الأحياء، فنحن نهاب الدب والغوريلا، لكن نحتقر الحشرات وصغار المخلوقات. أريد الآن تغيير رأيك قليلاً: بعض أنواع الديدان ذات الأرجل الكثيرة (والتي تتواجد في أمريكا الشمالية) تطلق سم السيانيد القاتل من خلال ثغرات صغيرة في جسدها، غالباً عندما يلمسها البشر أو عندما يتجتمع عليها النمل. أنواع من اليرقات الزرقاء تتعاون مع النمل. تعيش هذه اليرقات في بداية عمرها على بعض النباتات، بعدها تلجأ لقرى أنواع معينة من النمل الأحمر وتبيت في أنفاقهم لثلاث أسابيع تتحول أثناءها إلى فراشة زرقاء كبيرة، بعدها تخرج من شرنقتها ويرافقها النمل إلى السطح، فيحملونها إلى شجيرة أو نبتة منخفضة لتكمل عملية تحولها، حيث تحتاج وقتاً يجف فيه جسدها، أثناءها يدور حولها جيش من جنود النمل يحمونها من أي حشرة تضمر لها شراً. عندما تصبح الفراشة جاهزة للطيران، يعود النمل إلى قريته. لكن ما يفعله النمل ليس «لله»، فالفراشة قد ألهمها الخالق أن تحاكي رائحة وصوت النمل حتى لا يقتلونها دفاعاً عن قريتهم، إضافة أنها تزودهم بالمن، وهي مادة سكرية صمغية يتغذى عليها النمل. قبل هذا كله، فإن الفراشة أثناء كونها يرقة تقوم بحك رأسها بجدار الشرنقة الداخلي مصدرةً صوتاً يشابه صوت الكشط الذي يقوم ذاك النوع من النمل. {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}. نوع من الروبيان يسمى روبيان المسدس (الاسم العلمي ألفيداي Alpheidae) يطبق بكلابيه بقوة مصدراً صوتاً عالياً جداً، من قوته يقتل الأسماك الصغيرة المحيطه به ليتغذى عليها الروبيان. بل إن هذه الضربة من قوتها تصدر طاقة حرارية قدرها قرابة 5000 درجة، أي نفس درجة سطح الشمس!. نوع من الضفادع (ضفدع السم الذهبي) مغطى بطبقة من السم. لون هذا الضفدع أصفر أو أخضر أو برتقالي، ويعمل هذا اللون البارز كنوع من التحذير لأي حيوان مفترس، لأن سم هذا الضفدع من النوع شبه القلوي وقوته شديدة وجلد هذا الضفدع مشبع به، حتى أنه قد رؤيت كلاب ودجاج مشت على مناديل مسها القليل من هذا السم وكان هذا كافياً لقتلها. يقوم هذا السم بإيقاف إشارات الأعصاب، ويسبب إيقاف القلب. ورغم أن كمية السم قليلة جداً في هذا الضفدع (1 مليجرام، أي جزء من ألف جزء من 1 جرام) إلا أنها كافية لقتل 10 آلاف فأرة، أو 10-20 إنساناً، أو فيلان. لا يوجد إلا القليل جداً من الكائنات التي سمومها تعادل هذا السم في قوته، غالبها ضفادع أيضاً. نوع من الخنافس اسمها خنفساء وحيد القرن تولد ذكورها بقرن في الرأس، ومن هنا أتى اسمها. طولها 6 سم، ولا تضر البشر لأنها لا تلدغ ولا تلسع. لكن العجيب فيها أنها أقوى كائن حي. ليس على الإطلاق، لكن نسبياً، تحديداً من ناحية قدرتها على حمل وزن أثقل من وزن الجسد: تستطيع الخنفساء الواحدة حمل وزن أثقل منها 850 مرة. للمقارنة، ولو افترضنا أنك أعطيت قدرة أن تحمل وزنك 850 مرة، فإن هذا يعني أنك تستطيع أن تحمل وزناً يعادل 65 طناً، أو 44 سيارة. الإخلاص في العمل: لكي تنتج النحلة قدر ملعقة واحدة من العسل فإنها تطوف مسافة 800 كيلومتر، ولكي تصنع نصف كيلو فعليها أن تقصد مليوني زهرة. لما طغى فرعون وآله (جنوده ومستشاروه إلخ) أرسل الله عليهم عذاباً بعد عذاب لكي يرتدعوا، فقال سبحانه في سورة الأعراف: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ} (آية 133). ترى الجرادة فتحتقرها، لكن إذا اجتمعوا كانوا قوةً مذهلة. يستطيع جيش الجراد أن يطير مسافة 100 كم في اليوم، وفي يوم واحد يستطيع أن يأكل من الزرع قدر 20 ألف طن.