|
صحف - عبدالرحمن العصيمي :
لا تستطيع تجاهل ذلك المشهد المكتظ بالنساء المتشحات بالحنين والغربة، ففي مطار الملك خالد بالرياض ستلاحظ أن أغلب النساء الموجودات في صالات المغادرة هن من العمالة المنزلية «الخادمات»، ويحملن الكثير من أسرار وحكايات مجتمعنا السعودي.
«سوريتا» هي خادمة سريلانكية عملت في مدينة الرياض لمدة عاميْن وستعود للسعودية بعد 3 أشهر، وتحدثت أن تجربتها كانت رائعة مع العائلة التي استقدمتها، ووجدت كل الود والاحترام وقدمت للسعودية وهي لم تحمل في ذهنها أي انطباع مسبق عن المجتمع السعودي، وعندما عاشت التجربة والعمل تأكدت بنفسها رغم كل الأقاويل التي سمعتها وأن العائلة السعودية مناخها جيد للعمل.
في الطرف الآخر من صالة المغادرة شاهدت امرأة في الخمسينات من عمرها تحمل تجاعيد وجهها الكثير من تعب السنين، وعندما اقتربت منها بادرتني بابتسامة وذكرت لي أن اسمها «جيجي هماراوتي» وهي هندية، وتعمل في السعودية منذ أكثر من سنتين، وقالت إن المجتمع السعودي يحمل الكثير من السلوكيات المحافظة، خصوصاً أني عملت في لبنان سابقاً لعدة سنوات، لكني وجدت كل الاحترام والود من أفراد العائلة التي أعمل لديها، ورواتبي استلمها في مواعيدها في أغلب الأحيان، وهذا ما يهمني كخادمة.
وقبل مغادرتي للصالة نادتني إحدى الخادمات الفلبينيات والتي رفضت ذكر اسمها لي، لكنها باحت لي بسر مهم - على حد تعبيرها - وقالت لي: أنا أعمل في السعودية منذ 10 سنوات، وعندما قررت الرحيل تأثر أطفال العائلة التي أعمل لديها والبالغ عددهم 6 أطفال، فأنا أمهم الثانية لأني أبقى معهم أغلب أوقاتهم وأشاركهم تفاصيل حياتهم، وأنا أستغرب جداً من بعض الأمهات اللاتي يهملن أولادهن، فلا أتخيل نفسي في محل بعض النساء السعوديات اللاتي يضعن أطفالهن لساعات طويلة مع خادمة.
حفزتني هذه الخادمة الغامضة أن أسألها عن ما يتم نشره في الصحف المحلية السعودية حول الجرائم التي ترتكبها الخادمات بحق الأطفال، فأجابتني أنها عاصرت تجربة أليمة لإحدى خادمات قريبة كفيلها، لكنها ذكرت أن من الخطأ تعميم المسألة على كل الخادمات، والمعيار في هذا الأمر هو التعامل الذي تلقاه الخادمة من العائلة.
الطرود والحقائب تملأ صالات المطار بشكل كثيف، والطوابير تجدها أمام مكاتب استقبال المسافرين وتدقيق الجوازات وكذلك أمام كبائن صرافات النقود، وتفيد الإحصائيات الأخيرة أن قيمة الحوالات الصادرة من دول الخليج سنوياً حوالي 30 مليار دولار وفقاً لصندوق النقد العربي.
ويبلغ عدد العمالة المنزلية في السعودية بمن فيهم السائقين والخادمات نحو 1.2 مليون حسب تقديرات لجنة الاستقدام في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض, وتكلفة استقدام العاملات المنزليات تصل نحو 840 مليون ريال سنوياً.