أصحاب المهن في الكهرباء والإلكترونيات والمواصلات يسمونها التوصيلة أو التمديدة، وكثيرا ما يستعملون اسمها المستورد مع أهدافها فيقولون (إكستينشن). التوصيلة بهذه المعاني لها مواصفات نوعية، منها أن تنقل التيار كاملا قدر الإمكان، وتنقل الصوت والصورة من المصدر إلى الشاشة بوضوح، وأن توصل المسافر بأقصر المسافات وأكثرها أمنا إلى الطريق العام. هكذا يكون المطلوب من التوصيلة: المتانة والكفاءة الاستيعابية واختصار الوقت.
هذه المواصفات التوصيلية تصلح أيضاً للامتدادات الطرفية للمسؤولين الكبار. الامتدادات الطرفية أو التوصيلات بين المسؤول والجمهور هم مدير مكتبه ونائبه أو نوابه ومديرو الإدارات في المركز وفي الفروع وأعضاء اللجان المكلفة من قبل المسؤول الكبير لإجراء الدراسات وإبداء الرأي.. وهكذا. حينما تجد الامتداد الطرفي للمسؤول بشوشاً وسريع التفاعل ومرتب المكتب فعليك أن تتوقع أن الله قد فتح عليك خلفه بمسؤول نزيه شريف مخلص، وهذا هو عز الطلب لتنفيذ الخطط التنموية، لكنه للأسف أندر من بيض طائر الصعو الذي يعتقد الناس بوجوده ولم يسبق أن رآه أحد.
أما إذا كان الامتداد الطرفي للمسؤول الكبير متجهم الملامح، يتصدق عليك بالكلمة والكلمتين وهو مطرق برأسه في معاملة أو جريدة ومكتبه فوضوي مرتبك، فعليك حمانا الله وإياك أن تتوقع خلفه رئيسا يشبه امتداده الطرفي، لأن ذلك هو من وضع هذا الذي أمامك وهذه العصية التي تراها من تلكم العصا التي خلف الباب.
في الدول التي تعتمد الإدارة المركزية والتعيين العمودي للمسؤولين تنتشر ظاهرة اختيار الامتدادات الطرفية من الإدارة العامة إلى كل فروعها في المناطق على نمط واحد، أي مطيعين طيعين أمام المسؤول الكبير، لكن جبابرة غلاظا أمام المواطن، إلا من حباه الله بدعم معنوي أو وجاهي لا تخطئه عيون الامتدادات الطرفية.
أعرف رجلا أصبح الآن مسؤولا كبيرا جدا، أجزم بأنه ماليا نظيف ونزيه، وقد كان لطيف المعشر وما زال، لكنه صار يلعب نفس السياسة البيروقراطية المركزية داخل دائرة مسؤولياته. لفت نظري فيه بعدما تصدر المسؤولية أنه يختار لامتداداته الطرفية في مواقع المسؤولية المرتبطة به مباشرة موظفين يعلم هو قبل غيره أنهم ليسوا الأقدر والأنسب لما وضعوا فيه. اختارهم لسبب آخر هو تأكده من إمكانية السيطرة عليهم دون اعتراضات ووجع دماغ. أقول له أعانك الله لأنك سوف تفهم لاحقا أن امتداداتك الطرفية التي اخترتها لم تكن عونا لك في مسؤولياتك بل عونا عليك.
بالمناسبة، لا بد أن الكثيرين من الامتدادات الطرفية للمسؤولين في محافظة جدة هم بهذه المواصفات، ولذلك تغرق مدينة جدة في كل موسم على الرغم من الأموال الكثيرة التي صرفت وتم تصريفها.
