إن نظام ساهر هو بداية الطريق الصحيح في سبيل تنظيم الناس والمجتمعات بنظام حقيقي يضبط الكثير من السلوكيات السيئة لدينا في القيادة، ولا شك أن هناك سلبيات وثغرات تحتاج إلى معالجة وتصحيح سريع حتى لا يتم تحجيم هذا النظام أو إلغاؤه لكثرة نقده وتذمر الناس منه؛ فقل أن تجد صحيفة رسمية ولم تطالعك بشكل يومي بنقد لاذع لهذا النظام الفعال من كثير من الكتاب للأسف دون أن يطرحوا حلولا مناسبة إلا من رحم الله!!
وأعود لموضوع اليوم عن ساهر والأمن الشامل، وأقول لعل السبب الرئيسي في سر نجاح نظام ساهر في ضبط السير وتقليل الحوادث بشكل ملموس وفي وقت قياسي حين عجز عن ذلك الكثير من الأنظمة السابقة، هو سهولة وسرعة إجراءاته في ظل ما يعرف الآن بالحكومة الإلكترونية مما جعله أكثر دقة وتميزا، فبدأ بالتقاط كاميرا ساهر صورة للوحة المركبة إلى أن يتم إرسالها برسالة جوال برقم المخالفة واللوحة وتاريخها، وإمكانية نشرها عبر الموقع الالكتروني المخصص ليستطيع المخالف أن يتصفحها في الإنترنت، كل ذلك في زمن قصير جدا قد لا يتعدى 48 ساعة في الغالب.. وربما في المستقبل القريب يكون في نفس الوقت !!
ولو عدنا إلى الوراء قليلا وقارنا بين الطريقة السابقة في رصد المخالفة مما يستدعي إيقاف المخالف وتسجيل قسيمة ثم تسجيلها لدى أجهزة المرور وتسجيلها على المخالف عبر رقم السجل المدني فإن ذلك مع مقارنته بنظام ساهر يستغرق من الجهد والوقت الشيء الكثير سواء على رجال المرور أو المخالف، مما يجعل المرور لا يستطيع رصدا إلا القليل جدا من المخالفات.
فهذه الميزات التقنية العظيمة في نظام ساهر سواء في الكاميرات أم في طريقة ربطها بالأجهزة الأمنية تجعلنا نفكر عن مدى إمكانية الاستفادة من هذا النظام بشكل أكبر ليصبح نظاماً أمنيا شاملا.
فدعونا نتصور قدرة هذا النظام لو طبق بشكل أشمل بحيث يصبح صمام أمان للكثير من السلوكيات الخاطئة ويساعد في القضاء على الكثير من المشاكل والجرائم قبل وقوعها!!
فلو تم تطبيقه لمراقبة حركة السير وفتح الاختناقات المرورية مثلاً، بحيث يخبر السائقين بوجود الازدحام قبل مسافة كافية لتمكنهم من تغيير مسارهم عبر أنوار معينة كألوان الإشارة الضوئية والتي يمكن وضعها على بعض أعمدة الكهرباء، وتطبيقها في المدن التي يكثر فيها الزحام وفي المناسبات كالحج والعمرة، وكذلك لو تم عبر هذا النظام متابعة حركة سيارات الطوارئ والدفاع المدني، ومراقبة التجمهر والازدحام في المناسبات وقبل وبعد المباريات، ومتابعة الحوادث المرورية ومعرفة المتسبب والأسباب التي أدت إليها.
وكشف ومنع الكثير من الجرائم قبل حدوثها، من سرقة المنازل والسيارات إلى جرائم القتل والاختطاف..، والاعتداء على المنشآت الحكومية، ومتابعة المدارس وما يحدث قبل وبعد خروج الطلاب والطالبات من استعراض لبعض الشباب في سياراتهم ومضايقة لهم، ومراقبة الحدائق والمنتزهات وخصوصا الحدائق الواقعة في وسط الأحياء.
كل ذلك من الممكن أن يتم مراقبته عبر كاميرات ثابتة ودائمة توضع في أماكن مخصصة في الشوارع والحارات كأعمدة الإنارة أو على الأسوار والمباني، ويتم التعامل معها عن طريق رصد السيارات أو الأشخاص الذين يصدر منهم سلوكيات خاطئة كالتردد والدوران في أماكن معينة دون مبرر وخصوصا أن تصميم الحارات لدينا يسمح بدخول السيارات من كل اتجاه مما نتج عنه تضايق الكثير من السكان من هؤلاء.
ويمكن تقسيم النظام إلى قسمين : فقسم تابع للمرور كالمعمول به حالياً مع تطويره ليكون أشمل كما ذكرت سابقاً، وقسم آخر للأمن العام مع استخدام كاميرات مطورة تصمم خصيصا للأغراض الأمنية.
فكم سيوفر هذا النظام على وزارة الداخلية من الجهد والوقت والتكاليف المادية لو طبق بهذا الشكل الشامل ولاسيما مع التوسع العمراني الهائل في الكثير من المدن، مما يعني صعوبة ملاحقة هذا التمدد العمراني مستقبلا.
وفي تصوري لو تم تطبيقه بهذه الشمولية فسوف يكون للمملكة ممثلة بوزارة الداخلية قدم السبق في هذا المجال وسيضاف هذا التميز إلى سجل إنجازاتها الأمنية السابقة التي شهد بها العالم خصوصا في مجال مكافحة الإرهاب.
وقد لمسنا من المسئولين في وزارة الداخلية وعلى رأسهم وزير الداخلية اهتمامهم بالبحث عن كل ما هو جديد ومفيد وتطبيقه لخدمة أمن هذه البلاد كنظام البصمة ونظام ساهر وغيرهما من الأنظمة المعمول بها في دول العالم المتقدم فمن هذا المنطلق أمل أن يتم الاستفادة من هذا النظام المتميز بشكل فعال وأن يتم وضع كافة الحلول التي تضمن بقائه واستمراره.
وهناك تجارب سابقة معمول بها في بعض دول العالم تستحق الإشادة بها لما حققته من نجاحات كمراقبة المطارات مثلا أو المنشآت الحكومية كالملاعب الرياضية أو الأسواق والفنادق وغيرها فلا بد من الاستفادة من هذه التجارب المتميزة ودراسة مدى نجاحها لو تم تطبيقها لدينا.
mohamad330@hotmail.com