ما رأيناه هناك في ملاعب الشقيقة قطر من إمكانات وتجهيزات وتنظيم جميل ورائع تتوافر فيها كل متطلبات العمل والراحة والرفاهية والاستمتاع بمشاهدة ومتابعة مباريات أمم آسيا 15 بطريقة حضارية راقية لم يأت من فراغ أو لأنه إجراء وقتي يتزامن فقط مع اسضافتها للبطولة وإنما هو امتداد متناغم مع ما يدور ويجري في الشارع والمطار والمدرسة والمؤسسة والوسيلة الإعلامية, وهو كذلك نابع من نفس الاهتمام ببناء الإنسان القطري بوجه عام.
بالنسبة لنا جاءت إفرازات إخفاقنا كروياً في الدوحة وما نتج عنها من ردود أفعال واسعة رسمية وشعبية تخطت الوسطين الرياضي والإعلامي إلى ما هو أبعد من ذلك, جاءت لتؤكد أن الرياضة وكرة القدم تحديداً لم تعد هامشية في تأثيرها على استقرار ونمو وفكر وثقافة وسلوك واهتمامات الناس, هي اليوم صانع مهم للأحداث والقرارات الوطنية والتنموية, وطالما أنها كذلك فمن المفترض أن تحظى بالدعم الحكومي والاهتمام الرسمي من مختلف قطاعات الدولة والتعامل معها على أنها من مكونات الوطن الرئيسية, وتغيير سياسة الإنفاق عليها وعلى مشاريعها ومنشآتها والجهات المرتبطة بها وخصوصاً الأندية في سائر مناطق المملكة والتي لا تغطي إعاناتها السنوية مصروفات الجهاز التدريبي لواحدة من الألعاب المختلفة.
الحل في الانضباط
كثيرة هي الأفكار والأطروحات والآراء التي شخصت واقع الكرة السعودية وكيفية تجاوزها لأزمة ما بعد الدوحة, وهي صراحة في غالبيتها منطقية ومقنعة لكنها في مضامينها وآلية تنفيذها تحتاج إلى وقت أطول وظروف وأجواء أفضل مما هي عليه الآن, الأمر الذي يجعل تنفيذها على أرض الواقع على المدى القريب مستحيلاً باستثناء ما كتبه زميلنا الأستاذ أحمد الرشيد تحت عنوان: (لا تطوير من دون انضباط), فهو في تقديري لم يتوسع في أفكاره أو يبالغ في مطالبه وإنما حدد العلة ورسم طريق الحل بالسهل السريع والمختصر المفيد وعلى طريقة (إذا أردت أن تطاع فأطلب المستطاع).
نعم فالانضباط ليس في الشأن الرياضي وحده هو الأساس والدافع والمنظم لأسلوب الحياة, وبدونه يختلط الحابل بالنابل وتدب الفوضى وتسوء المخرجات, لذلك فإن معظم مشاكلنا الرياضية في السنوات الأخيرة سواء على صعيد المنتخبات أو الاحتراف أو التحكيم أو المسابقات أو في الميزانيات والمشروعات والمنشآت أو في أداء إدارات الأندية ولجان اتحاد الكرة أو فيما يتعلق بالتصريحات الإعلامية للإداريين وأعضاء الشرف وكذلك الشغب الجماهيري هذه كلها مجتمعة بدأت وتطورت وعرقلت مسار الكرة السعودية نتيجة عدم الانضباط وغياب الحزم والجدية والعدل في تطبيق الأنظمة والعمل بمبدأ الثواب والعقاب على الجميع وبلا استثناء أو تساهل أو تهاون أو مجاملة لكائن من كان.
لو عدنا إلى الوراء قليلاً واسترجعنا بداية تراجع الكرة السعودية لوجدنا أنها ارتبطت وتأثرت في الأصل بمواقف وأخطاء وتجاوزات حدثت وتفاقمت وتعقدت بسبب غياب الرادع الرسمي والقادر على محاسبتها والتصدي لها, بل بالعكس رأينا قرارات متناقضة تغيب تارة وتظهر تارة أخرى هكذا بلا مبرر وبلا أسباب واضحة ومقنعة, تختلف في قوتها وتوقيتها ومعاييرها بين ناد وآخر, مما ساهم في عدم احترامها والتشكيك بأهدافها.
كل القرارات والتحركات والتنظيمات الإدارية والفنية, ومعها المقدرات والمقومات والإمكانات المادية والبشرية لن تجدي نفعاً ولن تحقق إصلاحاً ولا يمكن أن تعيد الكرة السعودية إلى سابق عهدها ومجدها وإنجازاتها إلا عندما يكون للانضباط معنى وقيمة ودور رئيس في إدارة هموم وشجون وشئون وممارسات ولوائح وأنظمة الرئاسة العامة لرعاية الشباب والقطاعات التابعة لها من اتحادات وأندية ولجان, لابد أن يفهم الإداري واللاعب والمدرب والمشجع وعضو الشرف في النادي الكبير قبل الصغير أهمية وضرورة أن يتحمل مسؤولياته وأن يكون ملتزماً بأداء واجباته ومهام عمله, وأن يدرك مسبقاً عواقب أي تصرف خاطئ يصدر منه, وعندها سنكون بالتأكيد أمام كرة سعودية قوية منضبطة تستطيع أن ترتقي بشموخ وتتطور بتألق وإبهار وإبداع محلياً وقارياً وعالمياً.
- مرة أخرى أتمنى من سمو الأمير نواف بن فيصل في هذه المرحلة المفصلية الحساسة للرياضة السعودية أن يعيد النظر في ترشحه لرئاسة الاتحاد العربي المليء بالمشكلات الصعبة والملفات المعقدة وبالذات بعد حالات عدم الاستقرار والتطورات والتحولات السياسية الأخيرة في أكثر من بلد عربي.
- نهائي أمم آسيا 15 بين اليابان وأستراليا جاء قوياً ومثيراً يليق بنجاح البطولة وبتميز الاستضافة القطرية.
- الاستثناء العدو اللدود للانضباط والخطوة الأولى على طريق التخبط والتدهور والانهيار.
- تحتاج رياضتنا السعودية لإعادة بنائها لآراء خبراء لديهم التجربة والثقافة والمعرفة والرصيد الكافي من النجاحات الإدارية.. ورئيس نادي الجبلين السابق الزميل سعود الطرجم أبرزهم.
- من أشادوا وامتدحوا وأثنوا على من رفع أسهم وحفظ حقوق اللاعب السعودي قبل سنوات هاهم اليوم يتهمونه بأنه السبب الأول في تدميره وإغراقه بالملايين.