أصدرت الجمعية الجغرافية السعودية العدد الثالث (المجلد الثاني) من الملجة العربية لنظم المعلومات الجغرافية، وقد حققت المجلة نجاحا واعتمادا من المجلس العلمي بجامعة الملك سعود لها كوعاء مقبول للنشر العلمي المقبول للحد الأدنى لترقية أعضاء هيئة التدريس. وما كان هذا النجاح ليتحقق لولا توفيق الله أولاً وأخيراً، ثم مساهمة المتخصصين برفد أعداد هذه المجلة بنتاج علمهم وأبحاثهم المتميزة التي أصبحت مطلوبة داخل الملكة وخارجها.

ويضيف هذا العدد مجموعة من الأبحاث التي تتجاوب مع الشأن الوطني وتطبق في الوقت نفسه أساليب تقنية في التحليل المتمثلة في نظم المعلومات الجغرافية، والاستشعار عن بعد، والتحليلات المخبرية. الوطن عبارة تمس شغاف القلوب، وتهتز المشاعر طرباً لما يتم فيه من إنجازات التنمية، وتعتصر ألماً لما يمر به حوادث وسلبيات. ومن هذا المنطلق كانت دراسة «جيمورفولوجية منطقة البيضاء بالمدينة المنورة» التي أوضحت غنى المنطقة بالمياه الجوفية وخلوها من الملوثات الكيميائية، مما يوجب المحافظة عليها والاستفادة منها بالطرق العلمية الصحيحة التي تضمن استدامتها. وبالمثل كانت دراسة «جيومورفولوجية حوض وادي نخلة» التي استخدمت عدة تقنيات ونماذج لتحليل الخصائص الجيولوجية والمناخية والجيومورفولوجية للحوض. وتوصلت الدراسة إلى تباين التدفق السيلي في الوادي عبر السنين وأثر ذلك في تحديد خصائص الوادي، مما يفيد في التعامل مع أي خطط تنمية للمنطقة. وقبل ذلك صدر في هذه المجلة بحثاً عن كارثة السيول والفيضانات التي تعرضت لها مدينة جدة، وحددت أسباب الكارثة من منظور تقني وقدمت بعض المقترحات العملية التي تجنب بإذن الله المدينة أو أي جزء من الوطن لأية خسائر بشرية ومادية.

ولم يقتصر اهتمام المجلة بالشأن الوطني فقد امتدت لتهتم بالشأن العربي لتؤكد دراسة «استخدام الجيوماتك كأداة لإدارة مراقبة نظام النقل في الأردن». لقد أصبح علم الجيوماتك واسع الانتشار في العديد من التخصصات التي تستخدم نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد. وإدارة مراقبة أنظمة النقل تضم العديد من التخصصات التي تحقق سرعة الاتصال والحركة، مما يوفر الكثير من الجهد والوقت والأمان.

نسأل الله العلي القدير أن تحقق هذه الدراسات أهدافها وفي إيضاح المجالات الحيوية التي يمكن للجغرافيا أن تساهم بها في تعميق وتأصيل البحث العلمي التطبيقي.