ليغضب مني من يغضب؛ فأنا أحترق على وطني؛ وأعرف جيدا أن ما يحصل في جدة «للمرة الثانية للأسف» يدمي قلب خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد والنائب الثاني؛ وكل أبناء مؤسس هذا الكيان العظيم ؛
ويدمي قلوب المواطنين الصادقين والمخلصين لأمتهم وبلدهم؛ وفي نفس الوقت ومن خلال التجارب والواقع المؤلم والمخجل لا يحرك شعرة واحدة في رأس أي مسئول في جدة بالذات؛ لأن الفساد استشرى وانتشر مثل مرض السرطان الذي لا يمكن إيقافه إلا بالوفاة.
حادثة السيول في جدة في العام الفائت جاءت كصاعقة على رؤوس المسئولين عن الإهمال؛ وكونت لجان تحقيق وتدقيق وتنسيق وهدأت ثورة الغضب في الشارع؛ ولكن جاءت سيول هذا العام لتقول للشارع السعودي: إننا لم نفعل شيئا بالرغم من المليارات التي انفقت لترميم جنازة جدة؛ فصار الناس في جدة يسيرون على أقدامهم لأن الشوارع مملوءة بالمياه؛ ولأن الأنفاق قد سدّها هدير المطر الذي قيل لنا إنه تم إنشاء مصارف جيدة للسيول ولن تتكرر المشكلة بعد اليوم!!
يبدو لي أن الفساد منتشر جدا هناك؛ وهو فساد يحرق المليارات في أعمال لا تستفيد منها البلاد ولا العباد؛ ويكون الضحية لإخفاق وإنفاق المليارات دون وجه حق؛ هم رجال الدفاع المدني والمرور الذين لا ذنب لهم في كوارث لم تكن عرضا ولا صدفة؛ بل هي من نتاج الأعمال الإنشائية المغشوشة والتي أوكلت إلى من لا يستحقون أن يوكل لهم عمل هام تتعلق فيه حياة بشر ومدن وحضارات ؛ فصار هؤلاء الجنود يسهرون ليلا ويعملون نهارا لحفظ ماء وجوه مسئولي جدة. سيول جدة وصمة عار وخسف وخجل في وجوه المسئولين عن تصريف السيول بها؛ وهي تلطيخ لسمعة وطن ثري وآمن ومطمئن؛ وقد جعل هؤلاء المتقاعسون كل قنوات العالم تنقل صورا مخجلة ومزرية؛ وتزيد عبارة أخرى تقول «وسبب ذلك الفساد المالي في جدة» ولو كان لدى أولئك المسئولين ذرة من حياء وخوف من الله أو من الوطنية لقدموا استقالاتهم وأعلنوا أنهم فشلوا على الأقل في إنجاح مشاريع تصريف السيول على الأقل؛ كما لو أن ما حصل قد حصل في لندن أو باريس أو برلين أو غيرها لوجدت مسئول البلدية يقف بكل وطنية ورجولة ويعلن استقالته من منصبه نادما على تفريطه. لكن قومنا لا تهمهم أرواح الأبرياء الفقراء الذين جرفت السيول بيوتهم وسياراتهم وكل ما أفنوا أعمارهم في جمعه والحفاظ عليه.
أقولها حبا للوطن ولقيادتنا الرشيدة التي تحاول أن يعيش المواطن بكرامة وعزّة: يا مسئولي جدة استحوا على أنفسكم وقدّموا استقالاتكم فعسى أن يأتي من المخلصين رجال صادقون أنقياء أتقياء ليحلوا مشاكل السيول التي لا تحتاج إلى اختراعات أو معجزات؛ بل تريد رجالا مخلصين لوطنهم وولاة أمرهم؛ وبعيدون عن كل الشبهات التي يتحدث عنها المواطنون بكل صراحة في مجالسهم؛ وهو «الفساد الإداري والمالي»، فنحن يهمنا اسم «المملكة العربية السعودية» ليبقى رمزا للرخاء والمحبة وخدمة المواطن والحفاظ على كرامته في ظل رجال صدقوا ما عاهد والدهم المؤسس شعبه يومها عليه.
فاكس 2372911