تفور الدماء في عروقنا ونحن نتابع انتفاضة المدن المصرية التي خرجت عن بكرة أبيها فتغير وجه المدينة واختنق النهر وتجهمت السماء وهطلت الغيوم رماداً يغطي وجه الأرض المختنقة بعبرات الحزن والغضب.

تلك هي مصر.. مرجعنا التاريخي وقلب عالمنا العربي، قبلتنا السياحية والثقافية وجذورنا العروبية الضاربة حتى أقصى العمق.

هي مصر.. بلد الثمانية ملايين من البشر.. مصنع الحياة بألوانها وأطيافها.. رائحة الماضي الذي تعبق به تفاصيل المدن الكبيرة والصغيرة، في زحامها شهوة للحياة، وفي آثارها حكايات وأساطير وأرواح لا تبرح المكان، لصوت المآذن والكنائس، صوت البشر وإيقاع الحياة موسيقى خاصة لا يمكن أن تسمعها إلا هناك، أناسها الطيبون ومبانيها القديمة ومشربياتها وأصوات الباعة والنيل الرابض في قلب المدينة كل هذا يتشكل لوحة حياتية خاصة بمصر.. تجعلها في قلب العالم وعلى خارطته، مصر التي تعتبر وجهة العرب والأجانب، السياح وأهل الثقافة، وأولئك الذين ينشدون صخبها أو هدوئها حيث يلجأون لأريافها.

نحن مرتبطون عاطفيا بهذه البلد التاريخ.. والحضارة والأصالة.. بكل شبر منها وكل نسمة تهب من كل الجهات.. ثغاء حقولها هديل حمامها.. زئير ريحها وهجير صيفها ودمع سمائها.. كل له لون تتشكل به الذاكرة وتتشكل مصر خارطة من عروق الحياة في داخلنا.

« يا حيف عليك» يا معرض القاهرة الدولي للكتاب، بقيت الكتب أدراجها، واللوحات التشكيلية مشرعة للحزن ، والمشاركون حبيسي الفنادق والمطارات، اختنقت هذه التظاهرة الثقافية السنوية بانتفاضة الفيس بوك مما يقودني لسؤال.. عن التقنية إن كانت تصر أن تكون عائقا للكتاب الورقي وللثقافة؟ هذا السؤال يطرحه الوضع الراهن في مصر والذي أغلق أبواب معرض القاهرة للكتاب حتى قبل أن يبدأ!!!

الله يحرسك يا محروسة.. يا بلد المعز.. أرض الكنانة مهبط الروح وموئل القلب والفكر.. عشت يا مصر عزيزة ويا أيتها القاهرة.. انهضي من تحت رماد الحرب واقهري كل ما قد يواجهك من ظروف..

للقصيبي

في أي الليالي أختبئ منك

والنجوم عيونك..