قد لا يعي البعض قوة الكلمات إلا عندما يصاب بنيرانها وتأخذه الحيرة مع قوة صدماتها ويتقلب أرقاً على آلامها، فكم نسى ما أصاب وكم سهر على ما أصيب، وقد يصطدم الفرد بمشكلة ما وإن ظفر بحلها شيئاً فشيئاً يكون آخر ما يزول منها تلك الكلمات التي قيلت بها، فعثرة اللسان أوجع من عثرة الأقدام وبين هذه السطور لن يكون الحديث إلا من خلالك، أولا كيف يكون حضورك أنيسا ومن ثم تكون كلماتك سلسبيلا، هي ثلاثية حتمية التألق استخلصتها بعد تأمل وإثبات ستكون معها أنت المبتدأ العطر والخبر طيب الذكر ستحيى مع علاقاتك كلها في ربيع الوئام وظل الجمال.
كل ما عليك أثناء لقائك بأي كان أن تستحضر ثلاثة أشياء هامة ومهما ظننت بوقتك أو من أمامك تذكر أن كل شيء يبدأ منك أولا وهناك دائما متسعا لكل شيء والأهم ما سيبقى منك ويُخْتَزَنْ:
أولا: «الإخلاص» كن أنت المعنى الأسمى بإخلاص نيتك لله بالتعامل الأمثل مع أي شخص، تتقبله مهما كان وضعه القائم أو حاله السائر لأن حسن النية جواز عبورك عبر القلوب وهو بصمة فريدة لتآلف القلوب وتبادل الحب الممدود ومن أهم مظاهر ترجمان إخلاصك فعلياً أن لا تلقي بكلامك رأياً لآخر لتحقق هوىً في نفسك فتحيد به عن مبتغاه وأن لا تغتاب بل تذكر الآخرين بإحسان وإن عدم تلزم الصمت لتكن متوجاً في بصائر العباد.
ثانيا: «الإنصات» ولا يمكن للإنصات أن يكون حلية تزدان بها إلا بعد أن تخلص بصدق اهتمامك بالآخر فلا تهمل حديث متكلم لأنك تنتظر دورك بالحديث كما يكون في المجالس عادة! لأنك تعلم أن الإنصات لا يعني أن تتفق مع كل ما يقال بل أن تفهم الأمور كما يريدها الآخر وتنصت له بكل جوارحك ومن ينصت نراه دائما ما يتعلم الكثير فبون شاسع بين من يستمع فقط فيعجبه كلام فلان ويبخل بأن يخرج هذا الإعجاب عن ثنايا نفسه! وبين من ينصت فيعجبه كلام فلان ويثني عليه على مسمعه ومسمع الجميع ونراه سريعاً ما يتحلى به فيقتبس الكلمة العذبة ويضيفها لقاموسه الغني. وفي ذلك قيل: «لن يمنحنا أحد شرف الإنصات إلينا إذا لم نمنحه شرف الإنصات أولاً».
ثالثا: «التسامح» هو نبض الإنسان العظيم فتراه لا يحتسب معنى لما بين الكلمات ولا يأول نوايا الأفعال ويدفع بالعذر دفعاً لمحو العثرات، لا يدع للكراهية متسعاً أو بذرة لتنمو لأنها سرعان ما تفسد الروح وتكبلها بيأس وخنوع. فما لنا غير أن نعمل بظواهر الأمور بالحسنى وإن مسنا خطب فلسنا موكلون بالتصنيف وعند الرب يعظم الجزاء ويقضي الحساب. ولقد كان لسان حال شيخ الإسلام ابن تيمية مع أعدائه: «من ضاق صدره عن مودتي، وقصرت يده عن معونتي كان الله في عونه وتولى جميع شؤونه، وإن كل من عاداني وبالغ في إيذائي لا كدر الله صفو أوقاته ولا أراه مكروهاً في حياته، وإن كل من فرش الأشواك في طريقي، وضيق عليّ السبل، ذلل الله له كل طريق وحالفه النجاح والتوفيق».
احرص دوماً على حضور ذوقك الرفيع ليرتقي إليك الجميع وقيّد جل تعاملاتك مع الصغير والكبير بهذه الأمور الثلاثة لتنعم بطيوب الألفة ونعيم الأخوة.
وقود لحياتك: «الحياة ليست قصيرة لهذا الحد..وهناك دائماً متسع من الوقت للباقة والكياسة «رالف إيمرسون».
هدى بنت ناصر الفريح