قد خلق الله سبحانه النفس شبيهة بالرحى الدائرة التي لا تسكن ولا بد لها من شيء تطحنه، فإن وضع فيها حب طحنته وإن وضع فيها تراب أو حصى طحنته فالأفكار والخواطر التي تجول في النفس هي بمنزلة الحب الذي يوضع في الرحى ولا تبقى تلك الرحى معطلة قط بل لا بد لها من شيء يوضع فيها فمن الناس من تطحن رحاه حباً يخرج دقيقاً ينفع به نفسه وغيره وأكثرهم يطحن رملاً وحصى وتبناً ونحو ذلك، فإذا جاء وقت العجن والخبز تبين له حقيقة طحينه.
«ابن القيم»