في ظل الحراك التنموي الذي نعيشه في بلادنا صاحب ذلك مع الأسف تكالب على الأمور المادية على حساب القيم الأخلاقية، وصار هدف البعض المال عن أي طريق وأي أسلوب، وهناك حكمة تقول: (إذا كان المال هو كل شيء لدى المرء فإنه يعمل من أجله أي شيء) !.
من هنا كانت فرحة كل غيور بإنشاء (كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز للقيم الأخلاقية)، إن سمو الأمير نايف اهتم وأنشأ هذا الكرسي في جامعة الملك عبدالعزيز - أولاً - من واقع غيرته بوصفه مواطناً يرى تقلص القيم في مجتمعنا من التواد والأمانة وبر الوالدين والوفاء والصدق...إلخ، ومن واقع كونه مسؤولاً كبيراً يرى ويعايش تدافع الناس على المال والتنكر للقيم الجميلة التي تنشر هتاف المحبة بين الناس، وأخيراً من واقع كون سموه - حفظه الله - قريباً ومباشرا لشأن المواطن يومياً، وقد أدرك غياب كثير من المثل المضيئة وبخاصة لدى الجيل الجديد بسبب تأثير العولمة، ووسائط التقنية، والتأثر بسلوكيات شعوب كثير من الدول الأخرى التي ليس لديها من قيم الدين كما لدينا.
إن المفرح أن هذا الكرسي ليس كرسياً نظرياً وبحثياً فقط بل هو إلى جانب ذلك سيعمل على وضع الحلول وسيدعم كل شخص أو جهة تسعى إلى تكريس القيم، ومكافحة السلوكيات الخاطئة، إن لهذا الكرسي كما جاء في قرار تأسيسه أهدافاً يستحق أن يبذل من أجلها الجهد والمال والوقت، فالكرسي يهدف - كما جاء في أهدافه: إلى (تعزيز دور المجتمع السعودي بقيمه وتفاعله مع العالم بأخلاقيات أصيلة وتقنيات حديثة من خلال التعريف بالقيم الأخلاقية الإسلامية للعالم عن طريق الندوات والمؤتمرات والمشاركات المتنوعة ومن خلال رصد أسباب ومظاهر انحسار القيم الإيجابية وانتشار القيم والمفاهيم السلبية، كما يهدف الكرسي إلى وضع خطط ومشاريع وبرامج تعريفية لأهمية القيم الأخلاقية بالإضافة إلى وضع المعايير والمؤشرات التي تحكم تطبيق القيم في المجتمعات المرتكزة على الشريعة الإسلامية).
إنها أهداف بالغة الأهمية تستحق أن يبذل من أجلها الكثير وآليات سديدة لتحقيق هذه الغايات النبيلة.
وهكذا نرى أن هذا الكرسي جاء مواكباً ومتماهياً مع مستجدات العصر ومتغيراته وما ينجم من الركض المادي على الشعوب والأجيال وقد جاء في خبر توقيع الإنشاء للكرسي بين مدير جامعة الملك عبدالعزيز د. أسامة طيب، ومعالي مستشار سمو النائب الثاني ووزير الداخلية معالي د. ساعد الحارثي، جاء الحديث بالتفصيل عن تأثير الوسائط الاتصالية والتقنية على الناس، حيث ورد في نص الخبر: (إن مما يعزز من أهمية وجود كرسي علمي يعنى بهذه الدراسات المهمة التي تتوافق مع متغيرات العصر ومتطلباته للتعريف بأهمية القيم الأخلاقية والحث على التمسك بها ونشرها بين أفراد المجتمع من خلال مؤسساته المختلفة كالجامعات والمدارس والأندية الأدبية والثقافية والمساجد ووسائل الإعلام، ورصد أسباب ومظاهر انحسار القيم الإيجابية وانتشار القيم والمفاهيم السلبية، إلى جانب وضع الخطط والمشروعات والبرامج للتعريف بأهمية القيم الأخلاقية ونشرها بين فئات المجتمع، وسيتم إعداد الدراسات التي تساهم في تعزيز القيم الأخلاقية التي تتوافق مع متغيرات العصر، فضلاً عن الإسهام في تقديم الحلول العلمية والعملية لمعالجة المشكلات الأخلاقية والحد منها، وكذلك المساهمة في وضع المعايير والمؤشرات التي تحكم تطبيق القيم في المجتمعات من خلال الشريعة الإسلامية وإيصالها للعالم من خلال المنظمات والهيئات الدولية المختلفة).
وبعد إن هذا الكرسي يهم كل أب وغيور ومعلم ومواطن ومسلم ولا أعتقد أن هناك كرسياً مشابهاً له في جامعات العالم، لقد وفق الله سمو الأمير الغيور نايف بن عبدالعزيز لإنشاء هذا الكرسي المتميز فعلاً، ويبقى الآن دور جامعة الملك عبدالعزيز الذي تسمت باسم من بنى وحدة هذا الوطن على تثبيت القيم مثلما سعى لتثبيت وحدة الأرض.. يبقى على الجامعة أن تعمل وتسعى إلى تفعيل هذا الكرسي، وتحقيق أهدافه النبيلة وتتخذ الآليات التي تجعله يحقق الرسالة التي من أجلها أنشأه سمو الأمير نايف ليكون - بحول الله - أحد العوامل التي تنشر ويحفز على القيم الجميلة والأخذ بها أو بالأحرى العودة إليها، وفي ذات الوقت النأي عن السلوكيات المشوهة التي تدفع إلى الشر، وتزرع الكراهية وتباعد بين الناس، وتخل الأمن.
